تواجه سلطات ولاية قالمة، تحديات كبيرة لتوفير حافظة عقارية كافية لتوطين مشاريع السكن والتجهيزات العمومية، كالصحة والتعليم والإدارة، نظرا لانكماش الاحتياطات المتاحة بكل البلديات تقريبا، تحت تأثير حركة الإعمار التي تعرفها المنطقة في السنوات الأخيرة وخاصة في مجال السكن، القطاع الأكثر استهلاكا للأراضي المخصصة للبناء، بمخططات التوجيه الرئيسية التي تعد منطلقا للتطوير العمراني المستقبلي.
وفي محاولة للتخفيف من أزمة العقار تعتزم ولاية قالمة التوجه نحو البناء العمودي متعدد الطوابق، للمحافظة على ما تبقى من مساحات أرضية داخل المدن وحولها ووضع حد للاستنزاف الكبير لهذه الاحتياطات لكي تستعمل في المستقبل لتوطين المزيد من مشاريع السكن ومرافق الخدمات.
وفي هذا الإطار تقدمت والي الولاية بمقترح ببناء أبراج سكنية من طابق أرضي و 9 طوابق علوية، تستوعب أكبر عدد من الشقق، بدلا من النظام السابق الذي لا يتجاوز الخمسة طوابق بأغلب البلديات.
وكانت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره «عدل» قد اعتمدت نظام الأبراج السكنية متعددة الطوابق بعدة مواقع بقالمة، عندما واجهت مشاكل العقار لتوطين أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية، لكنها لم تتجاوز 10 طوابق بما فيها الطابق الأرضي.
ويمكن لبرج سكني من 10 طوابق استيعاب 40 شقة بمعدل 4 شقق في الطابق الواحد، وهذه إحدى الحلول الممكنة لندرة الأراضي المخصصة للبناء. وقد ظل المشرفون على قطاع الإعمار بقالمة يعتمدون على نظام الطوابق المحدودة التي لا تتجاوز الخمسة في الغالب، مما أدى إلى استهلاك مساحات أرضية واسعة بمخططات شغل الأراضي، ولم تعد هناك المزيد من المساحات المتاحة لتوطين المشاريع السكنية الجديدة.
وبالرغم من جدوى التوجه نحو الأبراج السكنية متعددة الطوابق، غير أن تحديات تقنية قد تفرض نفسها على أرض الواقع بينها الحسابات الهندسية المتعلقة بالطبيعة الجيولوحية للمنطقة، ومدى القدرة على مقاومة الزلازل، حيث تصنف قالمة ضمن المنطقة الزلزالية الثانية بالشمال الجزائري، وهو ما أخذه المهندسون بعين الاعتبار عند بناء أبراج سكنية من 10 طوابق بمواقع «عدل»، بينها جبل ماونة، وحجر منقوب، وجبل العنصل بوادي الزناتي، وبذلك فُتح المجال أمام إمكانية التحول إلى النظام المتعدد الطبقات بمنطقة معرضة للهزات الأرضية باستمرار.
وتمنع الجزائر في السنوات الأخيرة، البناء فوق الأراضي الزراعية التي تطوق المدن والقرى، وتشكل مانعا أمام تمدد العمران، لتلبية الحاجة المتزايدة للسكن ومرافق البنية التحتية كالطرقات والتعليم والصحة وخدمات الإدارة.
وتعد قالمة من بين ولايات الشمال ذات الخصوصية الزراعية، ومنذ أن منعت الحكومة استرجاع الأراضي الزراعية لفائدة قطاع الإعمار، اشتدت أزمة العقار بالمنطقة، ودفعت باتجاه البحث عن حلول بديلة بينها استغلال الجيوب العقارية الشاغرة داخل المدن وتغيير نمط البناء.
فريد.غ