استرجع سكان قالمة، أمس الثلاثاء، الذكرى 66 لمعركة مرمورة الخالدة التي دارت وقائعها يوم 28 ماي 1958 ببلدية بوحمدان، الواقعة غربي الولاية بمنطقة جبلية كانت حصنا منيعا للثورة وقادتها البارزين بالولاية التاريخية الثانية. وعشية الذكرى الخالدة قامت السلطات المدنية والعسكرية بزيارة لموقع المعركة بجبل مرمورة، لاستلهام العبر والترحم على شهداء المعركة الذين يرقدون اليوم بمقبرة أسفل الجبل التاريخي وبجانبهم بقايا طائرة العقيد جون بيار، قائد المعركة الذي لقي مصرعه في يوم مشهود من أيام الثورة المقدسة، ومعلم تاريخي صار مزارا للسياح والباحثين عن حقيقة ما وقع في ذلك اليوم التاريخي، الذي غير مجرى الأحداث عندما تأججت حرب التحرير بمنطقة جبلية وعرة، صارت محرمة على السكان، يقتل فيها كل كائن حي يتحرك ليلا ونهارا بعد أن وضع العدو نظاما للمراقبة بطائرات الاستطلاع الرهيبة التي يسميها السكان «الكشافة»، وما زالوا يتذكرون المآسي التي خلفتها على مدى سنوات حرب التحرير.
وحسب المصادر التاريخية وشهود من المنطقة ومجاهدين ناجين من القتال والحصار، فإن المعركة بدأت ليلة 27 إلى 28 ماي 1958 بوشاية تعرضت لها كتائب جيش التحرير المرابطة بالمنطقة تحت قيادة أبرز الضباط والمسؤولين، بينهم خليفة ختلة، أحمد لبيض، محمود الحروشي والطاهر دحمون، الذين سقطوا جميعا في واحدة من أكبر المعارك التي غيرت موازين القوى بالولاية التاريخية الثانية، حيث امتد نطاق المعركة على مساحة واسعة بجبال وأودية المشعابة ومرمورة وطاية الحصينة، التي تحولت إلى معقل للثورة وقادتها الكبار من الولاية التاريخية الثانية و ولايات أخرى كانت تعتمد على منطقة قالمة للوصول إلى القاعدة الشرقية على الحدود التونسية لجلب السلاح والمؤن على مدى سنوات الحرب. وسقط ما لا يقل عن 70 مجاهدا في معركة مرمورة التي استمرت حتى صباح 29 ماي 1958 بينما بلغت خسائر العدو الفرنسي نحو 200 قتيل بينهم العقيد «جون بيار» المدعو «صولاي» الذي كان يقود المعركة على متن طائرته الصغيرة قبل أن تسقط فوق قمة جبل مرمورة بنيران مجموعة من أبطال جيش التحرير الذين رفضوا الاستسلام، قبل أن يطلق ضباط فرنسا العنان للمدفعية الرهيبة التي كانت تصب كتل النار والغاز على مواقع المجاهدين، يدعمها الطيران الذي غطى سماء المنطقة في واحدة من أشد أيام الثورة المقدسة وقعا على السكان وكتائب جيش التحرير.
وقد تم بالمناسبة المزدوجة، التي تجمع بين ذكرى المعركة واليوم الوطني للكشافة الإسلامية الجزائرية، تسطير برنامج ثري لإحياء الذكرى الخالدة، تخللته نشاطات تنموية و رياضية، ومعارض حول تاريخ الكشافة التي ناضلت ودفعت قوافل من الشهداء لتحرير الوطن من أبشع استعمار في القرن العشرين.
فريد.غ