الإعدام لقاتلي امرأة أمــام أنظار ولــديها
سلّطت محكمة الجنايات بمجلس قضاء سطيف، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء، حكما يقضي بالإعدام في حق كل من (ب.س) البالغ من العمر 32 سنة و (ب.ع) البالغ من العمر 28 سنة، بعد إدانتهما بجريمة قتل امرأة تحت أنظار ولديها الصغيرين من أجل الاستيلاء على مصوغاتها الذهبية.
المجرمان تمت متابعتهما بتهمة تكوين جمعية أشرار والقتل العمدي وحمل سلاح ظاهر والمشاركة في السرقة، و سلّطت محكمة الجنايات في ذات القضية حكما يقضي بسجن (س.م) البالغ من العمر 25 سنة و (ز.م) البالغ من العمر 23 سنة لمدة 15 سنة، بتهمة تكوين جمعية أشرار و المشاركة في السرقة وحمل سلاح ظاهر، في حين برّأت ساحة المدعو (ب.ح) الذي يعمل كعسكري متعاقد البالغ من العمر 26 سنة من تهمة إخفاء أشياء مسروقة، و قد التمس ممثل النيابة العامة عقوبات تتراوح بين الإعدام في حق المتهمين الأربعة و20 سنة سجن نافذ في حق المتهم الأخير.
القضية التي اهتز لها الرأي العام بمدينة العلمة الواقعة شرق سطيف، تعود وقائعها إلى تاريخ 19 فيفري 2013، حيث استيقظ سكان حي صبايحي على وقع جريمة قتل، راحت ضحيتها المدعوة (س.آ) البالغة من العمر 32 سنة، زوجة (ق.م) أمام أنظار ابنيها الصغيرين البالغين من العمر 4 و 5 سنوات، اللذين عثر عليهما يلعبان و يرسمان بالقرب من الجثة التي كانت غارقة في الدماء.
المتهم لزوج الضحية : «ألو..أسرع إلى منزلك..زوجتك تحتضر»
حسب ما دار في جلسة المحاكمة، فإن أقوال المتهمين كانت متضاربة ومتناقضة، وحاول كل طرف الإنكار أو الإلقاء باللائمة على الطرف الآخر، لكن خلصت هيئة المحكمة إلى أن العقل المدبر لهذه العملية المدعو (ز.م) و هو جار الضحية، الذي شرح لشركائه بأن صاحب البيت يعمل في مجال استيراد الأجهزة الكهرومنزلية ويملك محلا تجاريا بشارع دبي بالعلمة، كما أنه يملك أموالا ضخمة ومصوغات ذهبية ثمينة تحوزها زوجته. ليتم التخطيط لعملية اقتحام المنزل، وقد قامت العصابة بكراء سيارة سياحية من نوع «رونو سامبول» من أجل التنقل والترصد.
في اليوم الموعود، ترقب عناصر المجموعة خروج الزوج في الصباح الباكر للذهاب إلى محله التجاري، حيث دخل كل من (ب.س) و(ب.ع) حاملين الأسلحة البيضاء، مرورا عبر منزل المتهم (ز.م) الملاصق لمنزل الضحية، وصعدا فوق السطح ووصلا إلى قاعة الاستقبال وبمجرد أن شاهدتهما الضحية (س.آ) شرعت في الصراخ، لكن المتهمين قاما بتكبيل يديها، كما وضعا الشريط اللاصق على فمها، ليقوما بضربها ثم طعناها طعنة أولى على مستوى الفخذ الأيمن وطعنة ثانية على مستوى الكلية اليسرى، وتركاها غارقة في دمائها، إلى أن لفظت أنفاسها.
و قد قام المتهم (ب.ع) بالاتصال هاتفيا بزوجها وقال له «زوجتك تحتضر يجب أن تلتحق بمنزلك بسرعة !». لكن مع وصول الزوج وجد بأن زوجته قد فارقت الحياة، بعد أن تعرضت لنزيف حاد، لتشرع الضبطية القضائية في التحقيقات المكثفة، مكنتها من إلقاء القبض سريعا على المتهمين الأربعة.
أثناء مراحل التحقيق وكذا المحاكمة، حاول المتهمان الرئيسيان في القضية (ب.س) و(ب.ع) إبعاد تهمة طعن الضحية بالطعنة القاتلة على مستوى الكلية اليسرى، و إلصاقها في الآخر، وبرر (ب.س) الجريمة بأنه لم يكن يعي ما يفعل و»لعبوا بيه» حسبه، لكونه كان في حالة متقدمة من السكر وتناول كمية معتبرة من الحبوب المهلوسة. كما أضاف أنه تذكر طعن الضحية في الفخذ فقط وتركها مع المتهم الآخر (ب.ع) للبحث عن المصوغات الذهبية.
دفاع المتهم (ب.ع) تساءلت قائلة «كيف لمن كان في حالة سكر، أن يتذكر أين قام بالطعن؟ مضيفة «من يتجرأ على الطعن مرّة، يمكنه الطعن عدّة مرات». و طالب دفاع المتهمين (ب.س) و(ب.ع) بإعادة تكييف القضية على أساس أنها ضرب مفضي إلى الوفاة وغياب قصد القتل لكونهم لم يعلموا بوجود الضحية وظنوا أن المنزل شاغر.
أما بخصوص المتهمين الآخرين والمهمة التي أوكلت لهما أثناء تنفيذ العملية، فقد أنكر المتهم الثالث (س.م) المشاركة وقال بأنه ضحية تصفية حسابات لكن التحريات أثبتت بأنه تولى مهمة المراقبة والترصد، كما أنه قام باستئجار السيارة المستعملة في التنقل، وقال المتهم الرابع (ز.م) بأنه بريء من الاتهامات الموجهة له، و أنه كان متواجدا بالمنزل أثناء تنفيذ العملية لكن التحريات أثبتت بأنه لم يشأ الظهور لكونه ابن المنطقة ومعروف هناك، كما أنه مسبوق قضائيا.
«وادي الزناتي وجهة المتهمين لبيع المصوغات»
استولى المتهمان (ب.س) و(ب.ع) على مصوغات الضحية بعد تفتيش المنزل، و كانت تزن 180 غراما فقط بقيمة مالية تتجاوز 116 مليون سنتيم ثم لاذا بالفرار، ليتوجها بعدها إلى بلدية عين الحجر ليغتسلوا من آثار الدماء وإخفاء سلاح الجريمة، ثم قصد كل من (س.م) و(ب.ع) و(ب.س) مدينة باتنة للالتقاء بالمدعو (ب.ح) بالقرب من الثكنة العسكرية التي يعمل بها، على أمل أن يتم بيع المصوغات الذهبية بمسقط رأس الأخير في وادي الزناتي بولاية قالمة.
وقال (ب.ح) خلال استجوابه من طرف هيئة المحكمة بأنه لا يعرف المتهمين إطلاقا، لكن أحد زملائه العسكريين المدعو (م.ص) قام بالتوسط بينه وبين المتهم (س.م) الذي كشف له عن رغبته في بيع ذهب أخته التي ادعى أن زوجها توفي أثناء تأدية مهامه، هذا الأخير (المتوفي) يعرفه (ب.ح) لكونه زميل سابق في العمل.
وأضاف بأن «الحيلة انطلت عليه»، مما جعله ينتقل معهم من باتنة إلى وادي الزناتي بقالمة بعد الحصول على إجازة مدتها 8 أيام، من أجل بيع المصوغات الذهبية لدى أحد معارفه، منكرا علمه بوقائع الجريمة، مضيفا «انتابني الشك عند قيام المتهم (س.م) بوزن الذهب والتأكد منه مرتين، فقلت له «كيف تتحقق منه وهو ملك لشقيقتك»؟.
كما حاولت محامية (ب.ح) دفع تهمة إخفاء أشياء مسروقة عن موكلها، بالاستناد إلى محضر تفتيش منزله والذي جاء سلبيا وكذا حسن نية موكلها في التعامل مع المتهمين على أساس حسن الضيافة.
لكن المتهمين الآخرين لم يتمكنوا من ترويج المسروقات بوادي الزناتي، لكون صاحب محل المجوهرات الذي وجههم إليه (ب.ح)، لم يكن يملك السيولة المالية الكافية لتسديد مبلغ 65 مليون سنتيم، كقيمة اقترحها للمصوغات الذهبية ما جعلهم يعودون أدراجهم إلى سطيف، حيث اقتسم الأربعة المسروقات وعثرت عليها الضبطية القضائية خلال تفتيش منازلهم، بعد أن تمكنوا من ترويج جزء منها، وقد ألقي القبض عليهم تباعا و في ظرف قصير بعد اقترافهم للجريمة و قيامهم بعملية اقتسام الحلي الذهبية.
رمزي تيوري