ملف ترحيلات المدينة القديمة يُغلق فيفري المقبل
أعلنت السلطات المحلية بولاية قسنطينة، عن استئناف الترحيلات الخاصة بالمدينة القديمة شهر فيفري المقبل لفائدة 500 عائلة، ليُغلَق هذا الملف نهائيا بعد أن شهد طيلة السنوات الماضية إعادة إسكان آلاف الأسر، فيما يظل مصير البنايات العتيقة المصنفة كمورث ثقافي و حضاري، غير معروف، و ذلك أمام غياب معلومات رسمية مؤكدة حول موعد انطلاق الترميمات، التي يؤكد الخبراء أنها قابلة للتنفيذ في 50 بالمئة فقط من النسيج العمراني لهذه المدينة.
و ذكرت مصالح ولاية قسنطينة في بيان نشر أمس الإثنين، أن الوالي عبد السميع سعيدون وقف على سير برامج السكن الاجتماعي التي ستوزع قبل نهاية الثلاثي الأول للسنة الجارية، حيث أكد أن من ضمنها حصة بـ 552 وحدة تقع بالوحدة الجوارية 20 توسعة بالمدينة الجديدة علي منجلي، و موجهة للمتبقيين من قاطني المدينة القديمة من حصة 1488 سكنا، إذ أن الموقع سيكون جاهزا لاستقبال العائلات خلال مدة تتراوح بين شهر و شهر و نصف، و بذلك «يتم إغلاق ملف أصحاب الاستفادات المسبقة بالمدينة القديمة و الشروع في دراسة الطعون».
و استأنفت السلطات المحلية ترحيلات المدينة القديمة قبل عامين و بعد سنوات من توقف العملية، حيث تم ذلك بناء على توزيع استفادات مسبقة على مئات العائلات بموجب إحصاء أجري سنة 2011، و قد ذكر، وقتها، رئيس الدائرة الأسبق المرحوم محمد طالب، أن الإحصاء تمخض إلى غاية سنة 2016، عن منح المقررات لـ 3289 أسرة موزعة على 26 موقعا.
و على إثر ذلك، انطلقت عمليات إعادة الإسكان في فيفري 2017، و شملت في البداية 300 عائلة انتقلت إلى الوحدتين الجواريتين 18 و 1 بالمدينة الجديدة علي منجلي، لتتوالى بعدها الترحيلات على فترات متقطعة و تكون أضخمها التي نظمت منتصف العام الماضي لفائدة ما يزيد عن 1700 أسرة، ما جعل عدد المستفيدين خلال أقل من 3 سنوات، يفوق 3 آلاف عائلة عانت داخل مبان آيلة للسقوط و شكلت تهديدا حقيقيا على سلامتها.
و بالمقابل، لا يزال موعد انطلاق الترميمات على مستوى المدينة القديمة التي تعتبر من أهم المعالم الثقافية و التاريخية بقسنطينة، غير معروف، علما أن السلطات المحلية سبق و أن أعلنت عن نيتها في القيام بهذه العمليات، و لأجل ذلك ألزمت العائلات المرحلة بإمضاء تعهدات بعدم شغل السكنات أو إعادة تأجيرها من طرف الملاك، و هو ما سيساعد على منع إعادة استغلالها مجددا، مثلما حدث خلال العقود الماضية بالعديد من المنازل، التي وصل الأمر ببعض قاطنيها إلى تخريبها عمدا لكي يصنفوا كمنكوبين و يستفيدوا من السكن الاجتماعي.
النصر اتصلت أمس بمدير الثقافة بولاية قسنطينة، السيد زيتوني لعريبي، حيث أكد بخصوص هذا الملف أن مصالحه تعكف حاليا على إتمام ترميمات الزوايا و الدروب و المساجد، و التي تم إقرارها في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية و استئنفت مؤخرا بعد سنوات من التوقف، و أضاف لعريبي أنه و بعد الانتهاء من هذه الورشات، سوف يشرع في «بضع عمليات» بالمدينة القديمة قال إنها ستشمل «أجزاء مهمة «تكفلت بها الدولة.
و قد أعِدت العديد من المخططات التي أشرك فيها خبراء أجانب، من أجل ترميم هذا الموروث الثقافي و الحضاري المصنف من طرف وزارة الثقافة، و من بينها المخطط الدائم للحفاظ على المدينة القديمة، لكن العمل بها توقف عند الإحصاء و التشخيص ثم إعادة تهيئة واجهات بالسويقة السفلى التي انهار جزء كبير منها، مع ما رافق هذه العملية من انتقادات، و بالموازاة مع ذلك، تؤكد الخبيرة المعمارية و عضو الأكاديمية الجزائرية للعلوم سامية بن عباس للنصر، أن أكثر من 50 بالمئة من مباني المدينة القديمة صارت غير صالح للترميم، متحدثة عن «أخطاء كبيرة» ارتكِبت في معالجة هذا الملف.
ياسمين.ب