يشهد حي الإخوة عباس بمدينة قسنطينة، عودة المنازل القصديرية بشكل كبير، رغم ترحيل قاطنيها و استفادتهم من سكنات اجتماعية قبل سنوات قليلة، حيث أعاد أشخاص آخرون، العديد منهم من أبناء المستفيدين، بناءها و شغلها، و قد ارتفع عدد هذه المنازل المشكلة من الصفيح، في الفترة الأخيرة، خاصة بالمنطقة المسماة «أش»، ما خلق أزمة جديدة كانت السلطات قد قضت عليها سابقا، فيما تسعى البلدية للحصول على تسخيرة للقوة العمومية من أجل هدمها.
على طريق مهترئ تملؤه الحفر و مياه الصرف الصحي المتسربة و المنسابة عبره، في اتجاه المنطقة السفلية من حي وادي الحد، و غير بعيد عن مجرى وادي بومرزوق، يبدو بأن أكبر بؤرة للأحياء القصديرية بقسنطينة قد عادت إلى التشكل، محتلة مساحة شاسعة، فحسب ما شاهدناه في المنطقة المسماة محليا «بوشهرين»، فإن منازل الصفيح المتلاصقة و المتشعبة، تنتشر على امتداد أكثر من 100 متر بطريقة عشوائية، وسط أعمدة الكهرباء ذات التوتر المتوسط، فيما تتسرب مياه الصرف الصحي عبر أنابيب، لتسيل على الطريق، حيث يستحيل المرور بالمكان دون قطع الأنفاس بسبب الروائح الكريهة.
و رغم أن المكان معزول نوعا ما، إلا أنه لا يبعد كثيرا عن عدة أحياء على غرار وادي الحد و الدقسي و حتى سيدي مبروك، فيما يقع أسفل منطقة بن شيكو تماما، و لا يفصل بينهما سوى الوادي، و قد علمنا من بعض سكان المنطقة، أن هذا الحي الذي قامت السلطات سنة 2012، بتهديمه جزئيا من خلال إزالة صفائح القصدير و تحطيم بعض الجدران بعد أن رحلت قاطنيه لسكنات اجتماعية بالمدينة الجديدة علي منجلي، قد عاد أشخاص آخرون ليشغلوا منازله المهدمة، بعد أن أعادوا إصلاحها، مؤكدين أن معظمهم من أبناء أصحاب المنازل القصديرية الذين أعيد إسكانهم، أما آخرون فقدموا من أماكن أخرى من حي وادي الحد، و الكثير منهم غرباء.
و ذكر محدثونا بأن عدد المنازل القصديرية بهذا المكان قد تضاعف في الخمس سنوات الأخيرة، مضيفين أن بعض المنازل تقطنها 3 أسر، كما أن هذا الحي القصديري لم يتوقف حسبهم عن النمو، رغم عدم توفر المساحة، حيث لا يزال بعض الأشخاص يبنون منازل بالمكان من حين لآخر، طمعا في الظفر بسكنات اجتماعية، على حد تأكيد محدثينا، و حسب ما لاحظناه فإن جميع هذه المنازل التي قد يصل عددها أو يفوق الـ 50، تبدو مأهولة جميعها بالسكان، بالنظر إلى الهوائيات المقعرة المركبة عليها، و كذا الملابس المعلقة، إضافة إلى الحركة الموجود أمامها للأطفال الذين يلعبون في المكان.
و إلى جانب احتلاله لمساحة شاسعة، و تشكيله لكارثة بيئية بسبب التلوث الناجم عنه، فإن هذا المكان بات نقطة سوداء حقيقية في قلب مدينة قسنطينة، تُضاف إلى عدة أحياء قصديرية أخرى، على غرار حي مسكين الواقع خلف عمارات منطقة ساقية سيدي يوسف «لابوم»، و هي الأحياء التي سعت السلطات إلى القضاء عليها نهائيا، إلا أنها سرعان ما عادت للتشكل، و خلقت أزمة صفيح قد تكون أكثر من السابق.
بالمقابل فقد علمنا من مصدر مطلع ببلدية قسنطينة، بأن هذه الأخيرة لا تتوفر على أرقام رسمية لقاطني هذا الحي القصديري، المعروف محليا بـ «بوشهرين»، و ذلك بسبب التزايد المستمر لعدد ساكنيه، و أضاف مصدرنا بأن البلدية كانت قد طلبت منذ فترة تسخير قوة عمومية، من أجل إزالة هذه المنازل القصديرية التي تتزايد أعدادها يوميا، و للإشارة فقد تم هدم عشرات الأكواخ القريبة من هذا المكان، قبل نحو سنتين، و كان البعض منها يستغل كإسطبلات للحيوانات و كذا مذابح غير شرعية.
و كانت السلطات و على رأسها والي قسنطينة عبد السميع سعيدون، بالإضافة إلى رئيس الدائرة عز الدين عنتري، قد أكدا في عدة مناسبات سابقة، على أن الأحياء الهشة و القصديرية التي يرحل قاطنوها يجب أن تهدم، حتى لا يتم شغلها من جديد، مع تأكيد السلطات أن ملف ترحيل قاطني الأكواخ بالدائرة قد أغلِق.
ع.م