الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 الموافق لـ 24 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

التحق بها باعة من مختلف مناطق ولاية قسنطينة: التجــــارة الفوضويـة تحاصــر سكـــان مدينــة ماسينيســا


تعرف التجارة الفوضوية بالمدنية الجديدة ماسينيسا في قسنطينة توسعا كبيرا منذ بداية الجائحة، بعد أن التحق بها تجار من عدة أسواق مغلقة سيما باعة الشيفون، الأمر الذي خلق بؤرة خطيرة للتزاحم والاحتكاك وجعل سكان المدينة يقيمون في قلب سوق فوضوية ضخمة على شاكلة ما كان يعيشه سكان حي الدقسي وما عرفته علي منجلي منذ سنوات.
ويعيش سكان ماسينيسا ضغطا رهيبا بسبب انتشار كبير للباعة الفوضويين بمختلف الأحياء، فبعد أن كانت هذه المدينة في الأمس القريب تشهد هدوء كبيرا، أصبح قاطنوها اليوم يستيقظون على وقع صخب البيع والشراء وأصوات محركات الشاحنات التي لا تهدأ، في ضوضاء تستمر حتى ساعات متأخرة من المساء وتتخللها شجارات بين باعة وحتى مع زبائن، فيما تشوّه بقايا السلع المنظر العام للمدينة وتكتسح المساحات الخضراء وحتى الممرات التي تفصل بين العمارات.
  التجارة الفوضوية بالمدينة لم تعد تقتصر على حاجة ظرفية كالتي تظهر بالأحياء الجديدة كبديل عن نقص الحركية التجارية، فالسوق التي كانت في البداية مقتصرة على عدد محدود من الطاولات تحولت منذ ظهور الجائحة إلى ما يشبه سوق أسبوعية سواء من حيث الحجم و تنوع ما هو معروض أو نسبة الإقبال وحتى طرق التسوق.
 من يدخل ماسينيسا لن يكون بحاجة لأن يبحث كثيرا عن موقع السوق الفوضوية، لأن أول ما يدل عليها هو الازدحام المروري الخانق بمدخل المدينة، أين تمتد السيارات في طوابير طويلة لها وجهة واحدة، إلى درجة أنه أصبح من الصعب إيجاد مكان للركن، وعلى بعد أمتار يصل صدى الضوضاء التي تؤكد للزائر أنه يقترب من دخول بؤرة أخرى للتجارة الفوضوية.
  دخلنا السوق يوم جمعة بعد صلاة الظهر،  أول ما لفت انتباهنا هو تحول محور الدوران إلى مساحة لبيع الألبسة ومختلف الأغراض، فيما تنتشر طاولات متفاوتة الارتفاع بشكل متداخل وغير منتظم في مساحة ترابية واسعة نسبيا وأروقة أخرى متفرعة عنها بالقرب من العمارات، ونحن نتوغل في السوق لاحظنا أن التجارة الغالبة هي الملابس المستعملة أو ما يعرف بـ "الشيفون"، التي تعرض على عديد الطاولات، أين يلتف العشرات من الزبائن أغلبهم نساء، منكبين بحثا بين الأكوام الضخمة للملابس عن ضالتهم، في تسابق للظفر بالقطع الأحسن، على اعتبار أن هذا النوع من التجارة لا يعتمد على الفرز بل تكدس السلعة وتترك للزبون مهمة "التنقيب".
  وإلى جانب طاولات الباعة التي احتلت محور الدوران، اتخذ جزء منه كمكان للجلوس و الاستراحة، أين وجدنا نساء يتجاذبن أطراف الحديث. أما المنفذ المؤدي إلى التجمعات السكانية بالمدينة، فقد كانت الحركة به ثقيلة جدا، بسبب امتداد التجارة الفوضوية إلى حيز كبير على طول الطريق و بشكل متلاصق.  
وقد قسم الفضاء حسب نوعية السلع على شاكلة ما نجده في الأسواق المنتظمة، حيث تتصدر الملابس المستعملة محور الدوران، وفي المدخل تعرض الملابس الجديدة رجالية ونسائية والتي تشكل تلك الخاصة بالأطفال النسبة الأكبر منها، وطبعا عامل السعر كان أهم عنصر لجذب الزبائن، حيث تباع معاطف الأطفال بقيم تتراوح ما 1400 دج و1600 دج.
وعلى بعد أمتار تظهر لنا مساحة مخصصة لبيع الأفرشة والأثاث المنزلي، أين كان حضور النساء طاغيا، حيث استغرقن في معاينة السلع فيما كان الباعة يهتفون ويستعملون عبارة "باطل" لاستمالة أكبر للزبائن.
تقدمنا أكثر لنقترب من باعة الأواني و الأجهزة الكهرومنزلية والحواسيب والهواتف النقالة، والتي وضعت بطريقة أقل انتظاما من باقي السلع، باستعمال طاولات مصنوعة من مادة الألمنيوم، بينما تتكرر نفس مشاهد الفوضى ونقص الترتيب في حيز مخصص لبيع الأدوات المدرسية، وآخر لعرض المكسرات والحلويات مختلفة الأنواع، وليس بعيدا عن المكان تظهر طاولات وشاحنات لبيع الخضر الفواكه، أين كان الهتاف أكبر، وهي نقطة تباع بها سوائل داخل قارورات بلاستيكية دون وسم.   
وسط الحركية الكبيرة التي يعرفها الفضاء تتقاذف أرجل الزبائن في غدوهم ورواحهم مخلفات السلع من خضر وفواكه وعلب و قارورات بلاستيكية وبقايا أكل، في حين تخترق الروائح الكريهة أنوف مرتادي المكان وتقود إليه على بعد مئات الأمتار، ذلك أن حاويات القمامة فاضت بما تحتويه وتشكلت على جوانبها مزابل فوضوية.
 هذه الأجواء الملوّثة لم تمنع مواطنين من التهافت على طاولات البيتزا داخل السوق، حيث يتزاحمون في شكل مجموعات تحيط بكل طاولة، وقد لاحظنا أن المحلات الواقعة على طرفي الطريق كانت شبه خالية من الزبائن ولم تقو على منافسة التجارة الفوضوية التي تحاصرها، وفي المقابل صمدت على بعد 100 متر "سوق جحا"، وهي سوق قديمة خاصة ببيع الخرداوات من قطع غيار المركبات أو الأجهزة الكهرومنزلية المستعملة أو مواد كهربائية أخرى متعددة الوظائف، أين وجدنا صعوبة في العبور بسبب العدد الهائل من المتسوقين.
وقال بعض من تحدثنا إليهم من الباعة إنهم كانوا يمارسون نشاطهم بسوق الدقسي قبل إزالته، و برر آخرون تواجدهم بماسينيسا بأنه ظرفي فقط بسبب إجراءات فرضتها الجائحة، مشيرين أنهم سيعودون إلى الأسواق التي جاؤوا منها، على غرار واد الحد أو الأسواق الأسبوعية بعدة بلديات، معتبرين أن إقبال الزبائن يرتفع يوما بعد يوم، بفضل السلع والمنتجات التي يعرضونها.
 وقد لاحظنا بعد ساعة من دخول السوق أن الحركية في تزايد، بعد أن التحق عصرا عدد كبير من الباعة ليصل مدى التجارة إلى آخر محور الدوران، وتتفاقم حدة الاختناق المروري بتضاعف عدد المتسوقين إلى درجة أن مداخل ومخارج ماسينيسا عرفت انسدادا بلغ درجة التوقف التام في بعض الأحيان.            حاتم/ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com