تشهد وحدات جوارية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي بقسنطينة، عدم تناسق في توزيع الأنشطة التجارية يصل حد الفوضى، وهو ما أصبح يؤرق السكان وأدى إلى ارتفاع عدد الشكاوى الموضوعة على مستوى المندوبية البلدية، بينما تؤكد مديرية التجارية أنها لم تعد تشترط ترخيصا من البلديات لتسليم السجل.
ومن خلال القيام بجولة قصيرة بالوحدات الجوارية القديمة والجديدة، تتجلى مظاهر الفوضى على مستوى توزيع النشاطات التجارية، حيث يقع محل لبيع الدجاج والشواء بمحاذاة محل للملابس، كما تنتشر أنشطة تعرف بانبعاث الروائح والدخان وكذا إصدار أصوات مرتفعة وضجيج، داخل مجمعات سكنية.
ففي الوحدة الجوارية 6، المعروفة بانتشار الميكانيكيين ونجارة الألمنيوم وإصلاح العجلات وغيرها، وقفنا في أحد الأروقة التي خصصت لبيع أجهزة وقطع غيار السيارات، على فوضى عارمة، حيث كانت الزيوت ومخلفات إصلاح المركبات تنتشر على الطريق وبالأرصفة، إضافة إلى انبعاث دخان كثيف من سيارات معطلة، زيادة على ضجيج الآلات المستعملة والأصوات العالية المتبادلة من طرف الميكانيكيين.
كل هذا يحدث داخل مجمع سكني، يقطنه آلاف المواطنين، حيث لاحظنا حركية كبيرة من السكان الذين يجدون صعوبة في ركن مركباتهم بالحظيرة المحاذية لشققهم، والتي تحولت إلى ورشات داخل فضاء مفتوح، فيما فشل آخرون في الانطلاق بمركباتهم بعد ركن سيارات معطلة بطريقة فوضوية.
وقال لنا السكان إنهم ملوا من هذه الوضعية، وأصبحوا يتمنون غلق تلك المحلات من أجل أن ينعموا بنوم هادئ، فيما اشتكى بعضهم من الروائح الناجمة عن مختلف الأنشطة، ما اضطرهم إلى غلق نوافذ منازلهم طيلة النهار.
تلاميذ يعبرون بين ألسنة النار
كلما اقتربنا من أحد المحلات المختصة في نجارة الألمنيوم بالوحدة 6، كانت أصوات الضجيج ترتفع وقد أثار انتباهنا أن المحل لا يتوفر على لوحة تبرز نوعية نشاطه، وعلى بعد أمتار قليلة وجدنا مصدر دخان كان ينبعث من محل للتلحيم ليست به أيضا لوحة تعريفية. بعد ثوان قليلة خرج تلاميذ من باب ابتدائية قريبة من هذا المحل و هم يمرون على مسافة قصيرة جدا من شرارة النيران.
وببعض الوحدات الجوارية القديمة على غرار 7 و8، كانت محلات بيع الألبسة تجاور مطاعم ومحلات الأكل السريع، كما يحاذي محل للتلحيم آخر لبيع المرطبات. وقد اشتكى تجار تحدثنا إليهم من مزاولة زملائهم لأنشطة تؤثر عليهم، حيث قال أحدهم إن الملابس التي يعرضها تبدو بالية بسبب الدخان والغازات الصادرة من محل إطعام مجاور.
يغادر سكنه بسبب أصوات محلات تلحيم
وبحي 210 مساكن دمبري بالوحدة الجوارية 17، لم يختلف الأمر كثيرا، حيث ينبعث ضجيج من محلات التلحيم ونجارة الألمنيوم المنتشرة بقوة على حواف الطريق الرئيسي، وقد صادفنا عددا من المواطنين الذين كانوا يقفون بمداخل العمارات مكتفين برؤية تلك المشاهد التي تشوه صورة حيهم، لنتبادل أطراف الحديث مع بعضهم، حيث أكد جلهم أنهم يفكرون في تغيير سكناتهم والتحول إلى أحياء أخرى، بسبب «الضغط» الذي أصبحوا يعيشونه جراء الأصوات القوية التي تحدثها آلات الضغط المستعملة في التلحيم أو في صنع واجهات الألمنيوم وكذا في إصلاح المركبات.
وقال لنا مواطن إنه أصبح يغادر سكنه رفقة زوجته بداية من الساعة التاسعة صباحا ولا يعود إليه إلا مع اقتراب الثامنة ليلا، إذ أصبح يعيش ضغطا رهيبا جراء تواجد محل تلحيم وآخر خاص بنجارة الألمنيوم أسفل نافذة شقته مباشرة، وبحكم أنه متقاعد وكان يقضي كل يومه في المنزل أصبح يعاني من صداع دائم.
إصلاح الكهرباء أسفل العمارات
كما تعرف الوحدة الجوارية 2 بانتشار نشاطات كان ممنوعا ممارستها داخل مجمعات سكنية قبل سنوات، وتحديدا أعلى المركز التجاري رتاج مول، أين تقع محلات مختصة في إصلاح المركبات ولا تبعد بأكثر من مرتين عن أول طابق، إضافة إلى أخرى في نشاط نجارة الألمنيوم وإصلاح العجلات، لنتفاجأ بالكم الهائل من هذه النشاطات مقابل الطريق الرئيسي المؤدي إلى العيادة متعددة الخدمات بن قادري.
ولم تختلف المظاهر بجل الوحدات الجوارية بعلي منجلي على غرار 2 و14 و19، حيث تبقى النشاطات التجارية تعرف فوضى في التوزيع، فيما ذكرت تنسيقية لجان أحياء المدينة الجديدة علي منجلي، متمثلة في رئيسها خالد قارة مصطفى، أن النشاطات التجارية في المدينة تعرف فوضى كبيرة، موضحا أنه تلقى عشرات الشكاوى من طرف مواطنين، وبدوره حولها إلى مندوبية علي منجلي، من أجل الوصول إلى حل في أقرب الآجال.
وحذر المتحدث بصفته طبيبا عاما، من أن وجود هذه الأنشطة داخل المجمعات السكنية وبالقرب من المؤسسات التربوية، قد يؤثر على الأشخاص بسبب الهواء الملوث المستنشق، ما قد يؤدي إلى أمراض الحساسية والصدر، كما يشكل تهديدا على السمع بسبب قوة الأصوات.
uمدير التجارة عزوز قوميدة
أغلب الشكاوى التي نتلقاها تخص أنشطة النجارة والميكانيك
يوضح مدير التجارة بولاية قسنطينة، عزوز قوميدة، أن مصالحه كانت تتعامل في السابق مع هذا الموضوع بشكل مختلف، حيث كان الحصول على السجل التجاري، مرهونا بجلب شهادة من البلدية تثبت أن النشاط لا يشكل خطرا أو إزعاجا للسكان داخل الأحياء، وذلك بعد قيام المصالح البلدية المعنية بتحقيقات حول مكان وقوع المحلات ومدى تناسبها مع النشاط.
وأضاف المتحدث أن مصالحه لا يمكن بأي شكل من الأشكال التدخل أو منع الأشخاص من اختيار نشاط تجاري معين، موضحا أنه مع تغير القوانين ومنح التجار حرية أكبر في اختيار أنشطتهم تماشيا مع مبدأ حرية التجارة واقتصاد السوق، أصبحت مصالحه لا تطلب الشهادة التي تمنحها البلدية للتاجر.
بالمقابل، قال المسؤول، إن مديرية التجارة تتلقى يوميا عشرات الشكاوى بخصوص ممارسة تجار لنشاطات كانت في السابق ممنوعة داخل مجمعات سكنية، موضحا أن أغلبها تخص النجارة والميكانيك وغسل السيارات والمخابز.
uالمندوب البلدي بعلي منجلي
بسول نور الدين
طلب رخصة البلدية قبل استخراج السجل التجاري هو الحل
أكد المندوب البلدي بعلي منجلي، بسول نور الدين، أن مصالحه تتلقى كما كبيرا من شكاوى المواطنين، بخصوص مزاولة تجار لنشاطات مزعجة داخل مجمعات سكنية، موضحا أنه تدخل عدة مرات مرفوقا برجال الشرطة، على مستوى بعض المحلات، و وجه إعذارات ولكن تصادفه مشكلة كبيرة تتمثل في حيازة المعنيين لسجل تجاري أو بطاقة حرفي.
وأوضح المنتخب أن القضاء على هذه الأنشطة التي تنتشر بطريقة فوضوية، يتطلب إلزامية رخصة مزاولة النشاط من البلدية قبل استخراج السجل التجاري، حيث سيمكن هذا الإجراء من مراقبة عنوان المحل ومدى تطابقه مع النشاط المرغوب فيه.
كما أضاف بسول أن الوالي المنتدب بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، نظم عدة اجتماعات لمعالجة هذا الإشكال، وكان آخرها قبل أيام بحضور ممثلين عن الجهات المعنية على غرار التجارة والبيئة والبلدية، حيث طرحت كل جهة رأيها في الموضوع والحلول المقترحة في انتظار الخروج بحل نهائي كفيل بالقضاء على هذه الظاهرة.
حاتم/ب