كشف رئيس مصلحة التراث بمديرية الثقافة بولاية قسنطينة، عن تخصيص قرابة 312 مليار سنتيم لثماني عمليات رُفع عنها التجميد مؤخرا من طرف الوزارة الأولى، حيث سيتم من خلالها ترميم المباني المتفردة والحمامات والفنادق والزوايا، فضلا عن إعادة بناء السويقة السفلية وترميم الأزقة، وهي مشاريع من شأنها أن تبعث الحياة الاقتصادية والثقافية للمدينة القديمة.
وأفاد رئيس مصلحة التراث بمديرية الثقافة قروي لمين في لقاء بالنصر يوم أمس، أن الوزارة الأولى رفعت التجميد عن 8 عمليات لترميم القطاع المحفوظ بالمدينة القديمة شهر مارس الفارط، ثم تلقت مديريتا البرمجة والثقافة القرار يوم 4 أفريل من الشهر الجاري، حيث تم تقسيم العمليات إلى جزئين من طرف الوالي، إذ تم إسناد 6 منها إلى قطاع الثقافة و 2 إلى مديرية التجهيزات العمومية.
وتم إسناد عملية تهيئة السويقة السفلى إلى مديرية التجهيزات العمومية، إذ تقرر بعد خرجة ميدانية واجتماع مسبق بين المديرية بالمجلس الشعبي الولائي والبلدية، فضلا عن أساتذة من كلية الهندسة المعمارية والتعمير بجامعة قسنطينة 3 بالإضافة إلى مديريتي الشؤون الدينية والتجهيزات العمومية وكذا جمعيتي إرث وأصدقاء المتحف، الشروع في ترميم دار ابن باديس بعد معاينتها، فضلا عن ترميم واجهة السويقة العمرانية التي تطل على المدينة وجسر سيدي راشد.
ولفت المتحدث، أن الاختيار لم يكن بمحض صدفة، وإنما تم بناء على أن ذلك المكان يمثل واجهة المدينة القديمة وأول ما تقع عليه عين العابر للجسر أو الزائر للمدينة من الجهة السفلية، أما الاعتبار الثاني وفق محدثنا فهو الحد من مشكلة الانزلاقات، إذ يعتبر ذلك المكان دعامة للأحياء العتيقة العلوية التي تسجل انزلاقا من حين لآخر.
وبالنسبة للأزقة، التي أسندت إلى مديرية التجهيزات العمومية أيضا، فسيتم الشروع في العمل بالأماكن التي انطلقت بها الأشغال من قبل ونصبت بها أعمدة الصقالة وكذا الواجهات التي تمت تعريتها ثم تركها خلال فترة التحضير لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية، كما تمت برمجة إنجاز طريق إلى مدخل دار الشيخ ابن باديس بدل الطريق الحاليّ، مضيفا أن ما يتبقى من أموال سيخصص للمسار السياحي المحدد بناء، مثلما قال، على المخطط الدائم لحفظ واستصلاح المدينة القديمة.
ولفت رئيس مصلحة التراث، إلى أن المبلغ الإجمالي للعمليات الثماني يقارب 312 مليار سنتيم، وفقا لبطاقات تقنية أعدت خلال فترة التحضير لفعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية في سنة 2015، حيث سيتم من خلال 6 عمليات المسندة لمديرية الثقافة، ترميم المباني المتفردة ويتعلق الأمر بدار ابن باديس ومطبعته، فضلا عن دار الدايخة والمدبغة والطاحونة، كما سيتم ترميم 3 فنادق ويتعلق الأمر بالزيت وباشتارزي والخياطين.
وبالنسبة للعملية الثالثة، فتتعلق بترميم حمامات البطحة، بن طوبال، بوقفة، باي نعمان وسوق الغزل، أما الرابعة والتي ستنطلق بها الإجراءات الإدارية كمرحلة أولى، فتخص بترميم زوايا التيجانية السفلى، والتيجانية العليا، باشتارزي، العيساوية، الطيبية حفصة، فضلا عن بوعبد الله الشريف، في حين أن العمليتين الخامسة والسادسة تشملان المدرسة الكتانية، وسينوغرافيا أحمد باي أي بإعادة تأهيل القصر حتى يتحول إلى متحف.
وأشار المتحدث، إلى أن تسيير عمليات بمثل هذا الحجم ليس بالأمر السهل، حيث ستنبثق عنها 21 مشروعا و 42 صفقة وهو ما يتطلب مجهودا وتركيزا كبيرا، كما أكد أن مديرية الثقافة ومختلف الفاعلين قد اكتسبوا خبرة طيلة السنوات الماضية التي عرفت فيها هذه المشاريع اختلالات بعد أن انطلقت و واجهت صعوبات إدارية ومالية، ثم جمدت طيلة 5 سنوات الأخيرة، مؤكدا أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال الوقوع في أخطاء الماضي.
وبخصوص إشكالية مكاتب الدراسات المشتركة والجزء الخاص بتحويل العملة الصعبة والتي تسببت في تأخير هذه المشاريع خلال إطلاقها في أول مرة، فقد أوضح رئيس مصلحة التراث، أنه قد تم التكفل بهذه المشكلة من خلال حذف الجزء المحول بالعملة الصعبة من المشاريع والتي ستنجز بكفاءات ومكاتب دراسات ومقاولات محلية.
وأكد السيد قروي، أنه تم أيضا الاستغناء عن المختصين في التصوير والتاريخ وكذا علماء الآثار عبر عدة مراحل من إنجاز المشروع، إذ سيتم الاستعانة بهم في البداية وبحسب الاحتياجات، حيث كانت هذه الحصة تكلف مبالغ مالية معتبرة، علما أن هذه التكاليف كانت محل انتقاد من الوالي الأسبق كمال عباس، والذي طالب بإزالتها من الصفقات لما تكلفه من أموال باهظة.
وبالنسبة للعمليات الثماني المتبقية، والتي لم يتم رفع التجميد عنها، فقد ذكر رئيس المصلحة أنه سيتم غلق ثلاثة منها وهي إنارة الجسور العتيقة التي تكفلت بها البلدية، فضلا عن سور القصبة ، و عملية حفريات وإعادة الاعتبار، لتتبقى 5 سيتم طلب رفع التجميد عنها فور الانتهاء من هذه المشاريع.
وتتمثل المشاريع الخمسة المتبقية، في إعادة تأهيل سيدي محمد لغراب وتهيئة موقع تيديس وضريح ماسينيسا والساحات القديمة بالمدينة القديمة، فضلا عن إعادة تأهيل الدروب، حيث لفت محدثنا إلى أنه وفي حال تجسيد كل هذه المشاريع فإن المدينة القديمة ستستعيد حركيتها الثقافية والسياحية، ما من شأنه أن يحسن من صورة عاصمة الشرق الجزائري.واستفادت قسنطينة خلال هذا العام من مشاريع طموحة جدا، من شأنها أن تمنح متنفسا اقتصاديا للمدينة، حيث تم إطلاق مشروعين لإنجاز حظيرتي ترفيه وسياحة عصرية بكل من باردو و جبل الوحش، إضافة إلى العمليات الثماني الخاصة بترميم القطاع المحفوظ بالمدينة القديمة التي تدهورت وضعيتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة بعد أن هجرها سكانها إلى المدينة الجديدة علي منجلي.
لقمان قوادري