شرع القائمون على كلية الحقوق بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة في التحضير لإبرام مجموعة من الاتفاقيات مع مراكز بحث وجامعات ومراكز بحث أجنبية، في حين استفاد قضاة المحاكم التجارية المتخصصة المستحدثة مؤخرا من التكوين على مستوى الكلية بالتنسيق مع مجلس القضاء.
ونظمت كلية الحقوق بجامعة الإخوة منتوري ملتقى وطنيا حول المحاكم التجارية المتخصصة، حيث أوضح لنا عميد الحقوق الدكتور مولود قموح، أن الكلية قد أبرمت عدة اتفاقيات داخل الوطن مع مجلس قضاء قسنطينة والمحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية للاستئناف. وأضاف نفس المصدر أن الاتفاقيات المذكورة قد سمحت للطلبة بحضور جميع أنواع النزاعات المدنية والتجارية والجزائية المطروحة في المحاكم، في حين نبه أن الكلية ساهمت في تكوين القضاة المتخصصين الذين أسندت لهم مهمة الفصل في المنازعات المطروحة أمام المحكمة التجارية بالتعاون مع مجلس قضاء قسنطينة، بالإضافة إلى تكوين المساعدين التجاريين.
وأكد العميد أن الاتفاقيات الدولية التي ستبرمها الكلية تستهدف تحقيق تعاون دولي لرفع مرتبة الجامعة على الصعيد العالمي، كما قال إن الهيئات الدولية تتمثل في جامعات ومعاهد ومراكز للبحوث. من جهة أخرى، قالت رئيسة الملتقى، الدكتورة وردة سالمي، في تصريح لنا، إن إشكالية التظاهرة تسعى للبحث في الخطوات التي كرسها المشرع من خلال تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث اعتبرتها خطوة نحو تأسيس قضاء متخصص في المجال الاقتصادي والتجاري، مؤكدة أن المشاركين يسعون إلى مناقشة مبررات استحداث هذه المحاكم وتجارب مقارنة لمحاكم تجارية في بلدان أخرى وغيرها من المحاور.
وأوضح الدكتور حسام غربوج من كلية الحقوق بجامعة الإخوة منتوري، في تصريح لنا، أن المحكمة التجارية المتخصصة لا تلمّ بجميع النزاعات الاقتصادية، التي اعتبرها أشمل من النزاع التجاري. وشرح محدثنا أن النزاعات الاقتصادية تؤول في الغالب إلى القاضي الإداري، رغم أن الأخير غير مختص في الفصل فيها، معتبرا أنه ينبغي منح هذا الاختصاص للقاضي التجاري المتخصص، خصوصا في النزاعات بين المستثمرين وأصحاب الشركات وبين سلطات الضبط القطاعية، على غرار النزاعات المتعلقة بالصفقات ومنح الاعتمادات.
وذكر الدكتور غربوج أن المشرع قد استحدث 12 محكمة تجارية متخصصة في 58 ولاية، حيث اعتبر أن هذا الأمر يشكل عائقا أمام تحقيق سهولة الوصول إلى العدالة، بينما أشار إلى أن المحكمة التجارية المتخصصة بقسنطينة تنظر في قضايا 6 ولايات، ما يسبب عائقا للمتقاضين والمحكمة على حد سواء، وتتألف من قاض وأربعة مساعدين وهي تعتبر ابتدائية، في حين يتم استئناف الأحكام الصادرة عنها أمام الغرفة التجارية لمجلس القضاء، رغم أن الغرفة غير متخصصة.
وقال الدكتور شعيب زاوش من جامعة الإخوة منتوري في مداخلته إن استحداث المحاكم التجارية المتخصصة في الجزائر يعتبر نتيجة طبيعية لزيادة المنازعات التجارية وتنوع مشكلاتها بعد التوغل بصورة أعمق في نظام اقتصاد السوق. وأضاف نفس المصدر أن إنشاء المحاكم المذكورة يأتي مسايرة للتطلعات السياسية المرتبطة بالانفتاح الاقتصادي على الشرق بالانضمام إلى مجموعة «بريكس» الذي سينجر عنه فتح آفاق لإبرام معاملات تجارية كثيرة؛ قد تنجم عنها منازعات بين المستثمرين الجزائريين أو الأجانب، كما أشار إلى أن تشجيع خلق المؤسسات النّاشئة والصغيرة والمتوسطة في مختلف المجالات يعتبر أحد الدوافع أيضا.
وقدمت الدكتورة سارة بن محمد من نفس الجامعة مداخلة حول التجربة الفرنسية في المحاكم التجارية، حيث عرضت فيها مقاربة مقارنة، في حين قال الدكتور عبد المومن عبيد إن استحداث هذه المحاكم يعتبر «مبادرة إصلاحية مهمة لتعزيز تطوير نظام اقتصادي ناجح»، فضلا عن أنها تواكب التغيرات المجتمعية، كما اعتبرها «استجابة حتمية للانتقال من القانون التجاري المتمحور حول التاجر إلى قانون الأعمال الذي يدور حول فكرة المشروع».
سامي.ح
