دعا أمس، دكاترة خلال يوم دراسي حول إدارة، معالجة واستعادة النفايات بقسنطينة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى مراكز الرّدم التقني وكذا في عملية فرز النفايات ومعالجتها، بالإضافة إلى إعادة تدوير القشور وبذور الخضر والفواكه لاستخلاصها في تصنيع منتجات ومكوّنات علاجية ضد الأمراض.
وذكر بروفيسور بكلية علم الطبيعة والحياة بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1، كمال بازري، أن تسيير النفايات عبارة عن مجموعة من النشاطات والتطبيقات التي تنطلق ضمن مسار من مختلف المراحل بدءا من مصدر إنتاج النفايات وإلى غاية التخلّص منها، لافتا أنّ هذه النشاطات ينخرط منها مختلف الفاعلين والمعنيين بالعملية.
وأردف المتحدّث خلال مداخلته التي أبرز فيها علاقة الذكاء الاصطناعي بمعالجة وتسيير النفايات، أنّ النفايات الموجودة لدينا تسمى نفايات مختلطة نظرا لعدم التقيّد بعملية الفرز فهي ملوّثة غير مفيدة، تذهب مباشرة إلى مراكز الرّدم التقني التي امتلأت هي الأخرى فأصبحت غير قادرة على الاستيعاب.
وأوضح المتحدّث أنّ دور الذكاء الاصطناعي يأتي في عملية الفرز، من خلال ابتكار أجهزة تقوم بعملية الفرز بالاعتماد على الألوان، مثلما يتم العمل به في الدول الأجنبية، بحيث أنّ كل نوع معيّن يتم استخراجه على حدة، بالإضافة إلى نزع المواد البلاستيكية والتخلّص منها باعتبارها من الملوّثات الخطيرة للنفايات الذي يعمل على إفساد بقية المواد، فضلا عن تزويد حاويات القمامة بمستشعرات تعمل على تنبيه المكلّفين بعملية الرّفع عند امتلاء الحاوية، بحيث تمنع من خروج شاحنات القمامة في أي وقت، وهو ما يسمح بتقليص الوقت،و التلوث.
وقال مدير وحدة تسيير النفايات بالشركة الوطنية متعددة الخدمات للأشغال والبيئة بقسنطينة، مهدي صغيري، إنّه سيتم إنجاز مصنع خاص على مستوى بلدية ابن باديس، ضمن مشروع يتعلّق بتثمين النفايات بصفة كلية، إذ تتم العملية من خلال جمع النفايات وإدخالها للمصنع لتعالج من خلال الرسكلة، فيما يتم تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة بينما بعض النفايات الأخرى تتحول إلى طاقة كهربائية، وهو ما يخفض من الضغط على مراكز الردم التقني بنسبة 80 بالمائة.
وأوضح ذات المتحدّث أنّ هذا المشروع يضم شركاء على غرار الشركة التي يمثلها، فضلا عن مجموعة مدار، وزارة البيئة بالإضافة إلى شركاء من كندا، ناهيك عن البرنامج الدولي للأمم المتحدة المتابعة والمرافقة، وذكر المتحدّث أنّ فكرة المشروع موجودة منذ سنوات ورفع التجميد عنها، مؤكدا أنّ الدراسات الخاصة به قد أنجزت في انتظار أخذ موافقة السلطات للانطلاق في التجسيد.
وترى الدكتورة بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1، إيمان رملي، أنّ بقايا الطعام من قشور وبذور وأوراق، يمكن تدويرها واستخلاص من خلالها مكوّنات طبيعية طبية وصيدلانية ذات فعالية علاجية، تنتج عن الأيض الأولي والثانوي، حيث أضافت أنّ هذه الجزيئات يمكن استعمالها في الصناعات الصيدلانية البديلة عن المركبات المصنّعة.
ولفتت المتحدّثة أنّ العملية ستسمح بتوفير التكلفة المادية للاستخلاص من جهة وكذا التخلّص من خطر هذه البقايا في الوسط الطبيعي، وأوضحت أنّ أشهر البقايا التي يمكن استعمالها في هكذا صناعات هو قشور فاكهة العنب، خاصة ذو اللونين الأحمر والأسود، كون هاتين المادتين تحتويان على مركبات «بوليفينولات» التي تعتبر جد فعالة ضد الأمراض المزمنة، بالأخص أمراض السرطان والالتهابات المزمنة على غرار التهابات الجهاز التنفسي والهضمي كمتلازمة «كراون».
وتحدّثت الدكتورة عن مركّب «ريزفيراترول» الموجود في قشرة العنب، الفول السوداني، الشوكولاطة الطبيعية، أيضا بعض النباتات البرية والتوت البري ذو اللون المائل للسواد، حيث تمّت دراسته في أكثر من 20 ألف دراسة نظرا لفعاليته في تثبيط الأمراض المزمنة، المعدية، السرطانات بمختلف أنواعها، بناء على تجارب مخبرية وتجريبية وإكلينيكية، حيث يستعمل بكثرة في أوروبا كمكمل غذائي لعلاج السرطانات لتخفيف آثار العلاج الكيميائي والإشعاعي.
ونبّهت ذات المتحدّثة إلى أنّ هذا المركّب يتدخّل كذلك في تحسين الحالة الجسدية والنفسية مع الأخذ في الاعتبار عدد وحجم الجرعات، إذ أنّه في الدراسات السريرية يمكن استعمال من 1 إلى 2 غرام في اليوم، كما يعتبر في هذه المعدلات غير سام، حيث يستخلص فعاليته من تركيبته الكيماوية التي تعطيه نشاطا علاجيا فعالا.
من جهتها ذكرت البروفيسور، بكلية علوم الطبيعة والحياة، والمختصة في الوراثة وتحسين النبات، غنية شايب، اقترحت استرجاع وتدوير البذور وأنوية الفاكهة في عملية الإنبات، عوض رميها كبقايا، وبالتالي الحصول على منتجات أخرى، على غرار بعض الأنوية التي يتم استخراج من خلالها زيوت، أو التغليف القابل للتحلّل الذي يعدّ طبيعيا مفيدا للنّبتة.
إ.ق