تحولت قسنطينة إلى قطب وأرضية خصبة لتمويل مشاريع الشباب سواء كانوا من البطالين أو خريجي الجامعات أو مراكز التكوين المهني، ليرتفع إقبال المعنيين خلال السنة الجارية بنسبة تفوق 50 بالمئة مقارنة بما كانت عليه سابقا، لتنجح نسبيا في تخفيض نسبة البطالة وفتح مناصب الشغل، بعد قيام مختلف الوكالات المتخصصة في تمويل المشاريع بتوسيع دائرة التمويل والمرافقة والخدمات المقدمة لطالبي التمويل.
حاتم بن كحول
وأكد المدير الولائي للوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر بقسنطينة، سامي هبّاش، أن طلب القروض في تزايد مستمر، وبأن عدد طالبي تمويل المشاريع ارتفع كثيرا خلال آخر السنوات بنسبة 50 بالمئة مقارنة بما كان عليه في الماضي، وخاصة بالنسبة لصيغة التمويل الثلاثي، الذي يهدف إلى الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات المستهدفة من خلال خلق نشاطات إنتاج السلع والخدمات وكذا نشاطات تجارية، وهو ما يؤكد الحركية التي يمر بها قطاعا التشغيل والتمويل في ولاية قسنطينة.
وصادقت الوكالة الوطنية لدعم تنمية المقاولاتية بقسنطينة، على 57 مؤسسة ناشئة في إحصائيات أنجزت من طرف مديرية التشغيل وأجهزة الدعم صدرت بتاريخ 11 فيفري 2025، أما بخصوص المؤسسات المصغرة، فقد استحدثت 304 مؤسسة جديدة خلال موسم 2023/2024، وذلك في مختلف النشاطات الاقتصادية وتحت رعاية الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، كما تم التكفل بالإدماج المهني ل11 متمهنا متخرجا من دفعة فيفري 2025 من مركز التكوين المهني والتمهين «منايفي بوجمعة» بعلي منجلي، من طرف مؤسسة بلقاسمية جيلالي لنجارة الأثاث بمنطقة النشاطات بالمدينة الجديدة علي منجلي.
وتتيح مختلف الوكالات النشطة في مجال تمويل القروض، فرصة التواصل عن بعد عبر مواقع الكترونية، لتسهيل المهمة على الراغبين في الحصول على تمويل، بداية بآخر إجراء والمتمثل في تبسيط عمليات تسديد القروض عبر تطبيق خاص بالوكالات المعنية، سيطلق قريبا، ويتيح حسب مدير «آنجام» إجراء عمليات التسديد بسرعة وسهولة، مباشرة من الهاتف الذكي، وأضاف أن شروط التأهيل هي نفسها على مستوى كافة التراب الوطني، ذاكرا منها بلوغ سن 18 سنة فما فوق، عدم امتلاك دخل أو مدا خيل غير ثابتة وغير منتظمة، إثبات مقر الإقامة، التمتع بمهارة مهنية تتوافق مع النشاط المرغوب في إنجازه، عدم الاستفادة من مساعدة أخرى لإنشاء نشاط ما، الالتزام بتسديد القرض حسب جدول زمني محدد.
تكوين أصحاب المشاريع في الترويج الالكتروني لمنتجاتهم
وقال سامي هبّاش، إنّ وكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، حاليا بصدد تكوين مدربين مكوّنين في مجال التسويق الالكتروني، على أن يتم فيما بعد إطلاق دورات تكوينية مجانية في مجال التسويق الالكتروني لفائدة المستفيدين من الوكالة، وذلك لتسهيل مهمتهم في الترويج لسلعهم ومنتجاتهم بعد الشروع في نشاطهم، وبذلك يستفيد الشاب من تمويل المشروع وكذا مساعدة في طريقة الترويج له.
وأضاف المتحدث، أن وكالة «آنجام» ترافق المستفيدين خارج مجال التمويل أو خدمات غير مالية في نقاط أخرى هامة، متحدثا عن بعضها على غرار المرافقة والتوجيه والدعم والاستفادة من الدورات التكوينية في مجال كيفية تسيير مؤسسة مصغرة والتربية المالية الإجمالية، بالإضافة للمرافقة عن بعد من خلال إتاحة الفرصة للمشاركة في المعارض والترويج للسلع والخدمات على مستوى ولاية قسنطينة على مدار السنة، وذلك من أجل مساعدتهم على خلق حركية وحيوية لنشاطهم التجاري والمساهمة في إنجاحه، وقال «إن الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر تخصص استقبالا ومرافقة مشخصة لفئة السكان المستهدفة، وذلك بصفة مجانية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم، كما ترافق المستفيدين من جهازها في جميع الإجراءات المتعلقة بخلق نشاطهم بداية من الفكرة إلى غاية إنشاء النشاط».
قطاعات الخدمات والصناعات الحرفية والبناء والأشغال الأكثر إقبالا
وأكد المتحدث أن غالبية طالبي القروض لتمويل المشاريع هم من الشباب، متحدثا عن إقبال كبير لهذه الفئة على مكاتب الوكالة من أجل الاطلاع والاستفسار عن معلومات ومعطيات تساعدهم في اتخاذ قراراتهم المهنية، وتحديد نشاطهم التجاري المرغوب في ممارسته، موضحا أن أغلب المشاريع المطلوبة تتمثل في قطاع الخدمات والصناعات الحرفية ومجال البناء والأشغال العمومية.
وحسب بطاقة تقنية، عرضت أرقام مهمة عن واقع الشغل بولاية قسنطينة، بمناسبة افتتاح موسم التكوين المهني، قبل أيام، فقد بلغ تعداد المدمجين في عالم الشغل من خريجي القطاع للسنة التكوينية 2023/2024، 4485 موزعين على عدة قطاعات تتمثل في 25 بقطاع الفلاحة، 552 في البناء والأشغال العمومية، 17 في الفنون والصناعات المطبعية، 209 في الحرف التقليدية، 128 في الخشب والتأثيث، 566 في الإنشاءات المعدنية، 246 في الإنشاءات الميكانيكية والصناعة الحديدية، 657 في الكهرباء الإلكترونيك الطاقوية، 578 في الفندقة، الإطعام والسياحة، 358 في الإعلام الآلي، الرقمنة والاتصالات، 67 في مهن المياه والبيئة، 236 في ميكانيك المحركات والآليات، 732 في الخدمات، 74 في مجالات أخرى.
خدمات مادية ومعنوية لمرافقة خريجي الجامعات أو التكوين المهني
وتحدث مدير وكالة «آنجام»، على تقديم خدمات مادية ومعنوية لمرافقة خريجي الجامعات والمعاهد وكذا مراكز التكوين المهني في ولاية قسنطينة، خاصة بعد إبرام اتفاقية بين وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة ووزارة التكوين والتعليم المهنيين تهدف إلى التكفل الأمثل بخريجي قطاع التكوين المهني وتطوير روح المقاولاتية لديهم، من خلال التعريف بالخدمات المالية وغير المالية الممنوحة لهم.
وأكد أن الخدمات المالية التي يمكن الاستفادة منها تبدأ من مبلغ 10 ملايين سنتيم لفائدة المهنيين، ومبلغ 100 مليون سنتيم بالنسبة لحاملي الشهادات بغرض اقتناء العتاد وإنشاء مشاريع مصغرة، مضيفا أن وكالة «آنجام» قسنطينة، تتنقل إلى جميع مراكز التكوين المهني المتواجد داخل تراب الولاية، لإتاحة الفرصة لجميع المتربصين للتعرف على الوكالة بالتنسيق مع دار المقاولاتية، كما تشارك في جميع الصالونات والمعارض الخاصة بالمشاريع المبتكرة أو المصغرة بالنسبة للجامعات، لتكون على مقربة من الفئات المعنية وتسهيل مهمة الاستفادة من تمويل لمشاريعهم الطموحة.
وبلغة الأرقام، فقد تم إنشاء والمصادقة على 361 مؤسسة ناشئة ومصغرة كمؤسسات جديدة لخريجي التكوين والتعليم المهنيين من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية «ناسدا» وكذلك الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر «أنجام» خلال الموسم الماضي 2023/2024، وهي عوامل جعلت من بيئة ولاية قسنطينة محفزة من أجل اغتنام الشباب المعني للفرصة، في ظل تقديم الدولة لهذا الدعم، مع استثمار التنمية المتاحة وبالأخص على مستوى ولاية قسنطينة.
اتفاقيات جديدة لتوسيع المشاريع وبقروض تصل إلى مليار سنتيم
وأكد المدير الولائي «لآنجام» قسنطينة، أن الاتفاقيات المبرمة مع الوكالة الوطنية لدعم وتطوير المقاولاتية «ناسدا»، تطورت وأصبحت تتيح للمستفيدين من قروض وكالة «أنجام» توسيع مشاريعهم والاستفادة من وكالة «ناسدا» التي توفر قروضا بمبالغ أكبر تصل إلى مليار سنتيم، وخاصة بالنسبة لأصحاب المشاريع التي تتطلب تمويلا كبيرا وتتوافق مع الشروط والقوانين المعمول بها.
وتعتبر الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية هيئة عمومية ذات طابع خاص، موضوع تحت وصاية وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغرة، وتتكفل بتسيير جاهز ذو مقاربة اقتصادية، بهدف مرافقة حاملي المشاريع لإنشاء وتوسيع مؤسسات مصغرة في مجال إنتاج السلع والخدمات، قصد خلق الثروة ومناصب العمل، كما تسعى إلى ترقية ونشر الفكر المقاولاتي، وتمنح إعانات مالية وامتيازات جبائية خلال كل مراحل المرافقة.
ويشترط في المستفيدين أن يتراوح سنهم ما بين 18 و55 سنة، وأن يكونوا حاملي شهادة أو تأهيل مهني أو شهادات أخرى معترف بها، فيما ترافق «ناسدا» المستفيدين بداية من فكرة المشروع ثم التكوين والتسجيل عبر الموقع الالكتروني، ثم استقبال وتوجيه ومحادثات فردية، ثم تقييم المشروع والمصادقة عليه، ثم موافقة البنك والإنشاء القانوني للمؤسسة وتمويل المشروع والانطلاق في النشاط ثم متابعة النشاط كآخر مرحلة.
وتستفيد فئة البطالين وغير البطالين والطلبة من مبلغ يصل إلى مليار سنتيم بالنسبة للهيكل المالي للتمويل الثلاثي أو الثنائي أو الذاتي، فيما تختلف نسبة المساهمة الشخصية ومدة تسديد القرض مع الاستفادة من تخفيض في نسب فائدة قروض الاستثمارات الخاصة بإحداث توسيع الأنشطة التي تمنحها إياهم البنوك بنسبة 100 بالمئة، إضافة إلى قرض غير مكافئ لكراء محل تصل قيمته إلى 50 مليون سنتيم، ويخصص أيضا لإيجار مكان للرسو على مستوى الموانئ المخصص لإحداث أنشطة إنتاج السلع والخدمات.
تسهيلات وحملات لتشجيع المرأة الريفية لولوج عالم المقاولاتية
أما بخصوص جهود الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، تحدث المدير عن اتفاقية مبرمة مع وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة والتي تعمل على تشجيع المرأة الريفية للولوج إلى عالم المقاولاتية وإنشاء مؤسسة مصغرة حيث وبالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي، يتم العمل حاليا لتوعية وتحسيس المرأة الريفية القاطنة على مستوى بلديتي بني حميدان ومسعود بوجريو، بهدف دعم وتشجيع المرأة على الاستفادة من مزايا وتسهيلات الوكالة، موضحا أن تقييم الإقبال على هذه العروض سابق لأوانه لأن المرحلة الحالية تعتبر مرحلة ترويج للعملية.
وأضاف أن الوكالة تضمن قروضا مالية ومرافقة معنوية تبدأ من بداية طلب الحصول على قرض وتتواصل إلى غاية الانطلاق في النشاط المرغوب فيه، كما يمكن للكثير من الشرائح والفئات الاستفادة من هذه القروض المالية، سواء كانوا من خريجي الجامعات أو مراكز التكوين المهني وأصحاب الخبرة المهنية والنساء الماكثات في البيت والريفيات بمناطق الظل، فيما تتكفل الوكالات الأخرى بالشرائح المتبقية بغية التكفل بكل شخص تتوفر فيه الشروط القانونية.