عمـارات تفتقـد للصيانــة و النظافـة و مصاعد لم تعمـل منــذ 30 سنــة
تحوّل حي «البوسكي» إلى منطقة سكنية يكثر عليها الطلب، و ذلك بالنظر إلى موقعه المميز بوسط حي سيدي مبروك الراقي بمدينة قسنطينة، حيث تصل أسعار شققه إلى ملياري سنتيم، للزبائن من الأطباء و الموثقين و أصحاب مكاتب الدراسات، فيما تقل السكنات المعروضة للكراء، و إن توفرت فإن سعرها لا يقل عن 25 ألف دج، على الرغم من النقائص الكبيرة التي يطالب السكان الجهات المعنية باستدراكها.
يقع البوسكي على مقربة من عدة محاور رئيسية، و ذلك بين حي الدقسي من الجهة السفلية، فيما يلتقي بسيدي مبروك العلوي و حي الحياة من الجهة العلوية، و يحتوي هذا التجمع السكني القديم على العديد من العمارات التي يمتد بناؤها إلى ستينات القرن الماضي، من بينها 6 أبراج يضم كل منها 12 طابقا، كما أنه لا يبعد سوى بكيلومترات قليلة عن وسط المدينة، ما يجعله من التجمعات السكنية المميزة، و بالرغم من أنه يضم عشرات العمارات، غير أن الشقق و السكنات المعروضة للبيع أو للكراء به جد قليلة.
هنا تكثر عيادات الأطباء و تلتهب أسعار الكراء
و أكثر ما يلاحظ في هذا الحي، أن كل عمارة لا تكاد تخلو من عيادة طبيب، أو مهندس معماري أو مكتب دراسات، أو موثق، إضافة إلى عدة مهن أخرى، فجميع التخصصات متوفرة على مستوى الطوابق الأرضية و الطابق الأول و الثاني، و بالأخص على مستوى الأبراج، و هي من الأمور التي أدت إلى رفع أسهم السكنات و زيادة أسعارها بشكل كبير، رغم تراجع ركود سوق العقارات في الآونة الأخيرة.
وقد قصدنا إحدى الوكالات العقارية على مستوى «البوسكي»، على أننا زبائن نرغب في شراء شقة في الجهة العلوية من الحي، ليؤكد لنا صاحبها، بأنه من الصعب إيجاد شقة في هذا الجزء من الحي، مضيفا بأن العروض المتوفرة قليلة جدا، كما قال بأنه إذا ما توفرت شقق للبيع، فلن يقل سعر تلك المؤلفة من 3 غرف عن مليار سنتيم، فيما قد تصل أثمان المكونة من 5 غرف إلى 2 مليار سنتيم، موضحا بأن هناك سكن من غرفتين يعرضه صاحبه للبيع مقابل 650 مليون سنتيم، و ذلك بالرغم من أن مساحة شقق البوسكي صغيرة جدا، على حد تأكيد محدثنا.
مياه صرف متسربة.. روائح كريهة و جرذان ترعب السكان
الحي لم يتغير كثيرا، حيث حافظ على نفس المظهر طيلة سنوات طويلة، حسب ما أكده السكان، و لو أن مظاهر نقص التهيئة تبدو واضحة، على غرار غياب المساحات الخضراء و أماكن اللعب و الراحة، و اهتراء الأرصفة و الطرقات المليئة بالحفر، و انتشار النفايات المنزلية و الصلبة، و كذلك تسرب مياه الصرف الصحي و حتى الصالحة للشرب، خاصة داخل أقبية العمارات التي تنتشر بها الجرذان، بالإضافة إلى تكدس الأتربة و الأوحال و بقايا مواد البناء على الطرق و بين العمارات، أين توجد الكثير من المياه الراكدة، و كلها مشاهد لا تزال تطغى على المنظر العام للحي.
كما يشتكي السكان من غياب الصيانة، فالكثير منهم أكدوا بأن العمارات التي يقطنون بها لم يتم صيانتها منذ بنائها، حيث تتسرب المياه إلى البيوت بسبب اهتراء الكتامة و قدمها، و كذا بسبب التعديلات التي تقوم بها العائلات على شققها، و تؤدي إلى تسرب المياه داخل الجدران القديمة، و يبدو شكل العمارات من الداخل قديما جدا، فعلى مستوى الأبراج الستة، تنعدم التهوئة بالسلالم، و إذا انطفأت الإضاءة، يعم الظلام الحالك بسبب غياب ضوء النهار، و عدم وجود منافذ لتسلل أشعة الشمس، أما المصاعد فهي لا تعمل، إلا في برج واحد من بين الستة، أما باقي الأبراج فمصاعدها متوقفة منذ سنوات طويلة، قد تصل إلى 30 سنة على مستوى البعض منها، حيث تبدو أن أبوابها و كأنها لم تفتح منذ وقت طويل، فمنها ما تم تلحيمه و منها ما أغلق بالاسمنت، بعد أن أصبح يشكل خطرا على الأطفال.
و يعد الماء من المشاكل التي يعاني منها السكان أيضا، فبسبب علو هذه الأبراج، زودت بمضخات يتم فتحها مرة واحدة في اليوم و لمدة ساعة من قبل أحد الجيران الذي يكون في الغالب متطوعا، كما يشتكي قاطنو البوسكي و سيدي مبروك الأعلى، من عدم توفر النقل، إلا من خلال «الكورسة»، حيث يضطر المواطنون إلى التنقل لمسافة طويلة من أجل الوصول إلى موقف الحافلات و سيارات الأجرة، بحي الدقسي عبد السلام، و الأصعب هو طريق العودة، فالنزول على مستوى الدقسي، يتطلب جهدا مضاعفا، من أجل الصعود نحو سيدي مبروك العلوي، و ذلك بالرغم من توفر موقف لسيارات الأجرة، التي يرفض أصحابها النقل الجماعي للأشخاص. عبد الرزاق.م