الخميس 24 أفريل 2025 الموافق لـ 25 شوال 1446
Accueil Top Pub

وعي بأهميته و دوره التنويري: المسرح الجـامعي متنفس للطلبة وانفتاح ثقافي وأكاديمي

يجد طلبة في المسرح الجامعي فرصة لإبراز مواهبهم في التمثيل، كما ينعكس احتكاكهم بأكاديميين وممثلين وبثقافات أخرى على الأفكار التي يتحصلون عليها، فيما تفتح الأعمال المسرحية أذهانهم على القضايا المعاصرة التي تهم فئات مختلفة، فضلا عن ذلك فإن الخشبة تعد متنفسا يتحصلون فوقـها على المتعة والترويح عن النفس.

إيناس كبير

وقد استعاد المسرح الجامعي دوره التثقيفي والنخبوي خصوصا من خلال النصوص المقدمة على خشبته والتي تتميز بالزخم الفكري، حسب ما أكده أساتذة مكونين في المسرح للنصر، بالإضافة إلى وعي الطالب المسرحي بالقضايا الراهنة على رأسها مشاغل مجتمعه ونقلها من فوق الخشبة إلى المتلقي بلغة مهذبة تلامس رسالتها كل الفئات.

ولد المسرح الجامعي بعد الاستقلال مباشرة، وفقا لنائب مدير التنشيط في الوسط الجامعي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومحافظ المهرجان الوطني للمسرح الجامعي، عز الدين ربيقة، وأوضح أنه كان يحاكي الفكر والفعل الثوريين، وقد كان لمصطفى كاتب فضل كبير في تأسيسه خصوصا عند تعيينه مستشارا لوزير التعليم العالي والبحث العلمي حيث قدم دفعة قوية للتنشيط الثقافي في الجامعات والاقامات بحسه الثقافي المتميز.
وأضاف ربيقة أنه بدأ ينضج تدريجيا إلى أن أصبح في السبعينات يحاكي واقعا آخر اقتصاديا، وسياسيا ويقدم اسقاطات عما يعيشه الطلبة بفضل التنظيمات الطلابية، ثم بدأ يخرج من أسوار المؤسسات الجامعية بداية الثمانينات وتشكلت الفرق المسرحية الجامعية مقتحمة المهرجانات الوطنية والدولية، وتمكنت من افتكاك الكثير من الجوائز بالرغم من غياب التأطير آنذاك، وقد جعل هذا الحراك المسرحي الوزارة تفكر في وضع إطار له ليولد المهرجان الوطني للمسرح الجامعي سنة 2000 وكانت أولى طبعاته في باتنة، ثم بدأ يتنقل من ولاية إلى أخرى وصولا إلى الطبعة الخامسة عشر التي احتضنتها قسنطينة مؤخرا.
واعتبر محافظ المهرجان أن عروض الركح الجامعي ليست بعيدة عن مستوى أعمال المسرح المحترف سواء في السينوغرافيا، النص، والإخراج، خصوصا مع التركيز على تكوين الطلبة وبرمجة ورشات تكوينية لهم لاسيما في الإخراج المسرحي، الكتابة الدرامية، التقديم والتمثيل، السينوغرافيا، وكشف المحافظ أن كل ما تلقوه سيوظف في عمل مسرحي يُقدم في حفل اختتام المهرجان بقاعة العروض الكبرى أحمد باي.
من جانبه يرى الفنان حكيم دكار، أن أهمية المسرح الجامعي تكمن في الحاجة إلى جمع النخبة الجامعية والاطارات المحترفة ليكتمل المشهد الثقافي وتستفيد منهم الحركة المسرحية في الجزائر.
نخب فنية تخرجـت من المسرح الجامعي

وأردف دكار بأنه منذ مرافقته للمسرح الجامعي لاحظ تطورات كبيرة من تأسيس الكليات الفنية، وأقسام الفنون، وإقامة التظاهرات المسرحية والمهرجانات، التي صدرت نخبا في ميادين فنية مختلفة، وتحدث في هذا السياق عن ممثلين مسرحيين تخرجوا من المسرح الجامعي وساهموا في تنمية المسرح الجزائري، وقدموا إضافات فيه على غرار الاهتمام بالشخصيات العلمية والفكرية من طرف الجمعيات والفرق المسرحية، والتأسيس للمسرح العلمي وتقديم أعمال متخصصة.
وقفنا خلال تواجدنا في فعاليات المهرجان الوطني للمسرح الجامعي بقسنطينة، على تنظيم ورشات تكوينية في ميادين مختلفة على غرار الكتابة الدرامية، السينوغرافيا، التقديم والتمثيل، الإخراج وقد امتلأت القاعات بطلبة من تخصصات مختلفة شاركوا الأساتذة المؤطرين أفكارا عن المسرح وكذا شغفهم بأب الفنون.
«انطلقت من خشبة الجامعة وصرت مخرجا مسرحيا»

وفي حدثينا مع الكاتب والمخرج المسرحي، ومؤطر ورشة كتابة السيناريو، إلياس فارح، أخبرنا أن انطلاقته الفعلية كانت من فوق خشبة المسرح الجامعي، هناك كتب نصوصا مسرحية وصقل موهبته كما تحصل على جائزة أحسن نص مسرحي في طبعة 2016 بسطيف والتي حفزته كثيرا للاستمرار.
يشارك الأستاذ حاليا هذه التجربة المهنية والاحترافية مع الطلبة كما يكتسبون مهارات مختلفة عن مبادئ الكتابة الدرامية، بناء الشخصيات والأحداث وكتابة الحوارات، فضلا عن الاقتباس من الروايات والتحكم في التقنيات التي تساعد على التحول إلى النص المسرحي من تقسيم للمشاهد، وتخريج الأفكار الأساسية.
أما عن المواضيع التي تشغل اهتمامهم قال فارح إنهم يميلون إلى المسرح المعاصر الذي يجسد حاجات وانشغالات عصر ما بعد الحداثة، والفن بصفة عامة يتناول وفقا لما أوضحه، القضايا الكبرى والذاتية مثل التشظي والوحدة، القطيعة بين الأجيال، مواضيع وطنية معاصرة، وقضايا فلسفية فهو حامل لكل الأفكار بمختلف الأبعاد والاتجاهات، مردفا أنه يشكل عالما متكاملا وذلك من خلال العناصر المسرحية التي يحتوي عليها على غرار الديكور، الفن التشكيلي، الموسيقى، والأزياء.
فضاءات تكوينية دائمة لإثراء الجانب التطبيقي
وترى المخرجة والممثلة المسرحية، ومؤطرة ورشة الإخراج، سمية بوناب، أن الطالب الجامعي يتميز بانفتاحه على كل الثقافات بالإضافة إلى قدرته على العطاء، لذلك يعد نموذجا مثاليا لجعله يخوض تجارب في ميادين أخرى خصوصا المسرح لأنه يعد فرصة ليكتشف مواهبه وقدراته التي يمكن أن تفتح له آفاقا أخرى.
وسيخرج المسرح الجامعي، وفقا لبوناب، الجانب الأكاديمي أيضا الذي تراه مهما في العروض المسرحية خصوصا في جانب تقديم الأعمال العالمية، إضافة إلى قوة الطرح والرسالة المؤثرة.
واعتبرت المتحدثة ذاتها، أن تطوير هذا الميدان هو مشروع يجب أن تتظافر كل الجهود للعمل عليه وذلك بالتعاون مع مسرحيين، أكاديميين، ومؤسسات ثقافية خصوصا التابعة لوزارة الثقافة والفنون في جانب تكوين الطلبة الجامعيين، وفتح الذي يساعدهم على خوض التجربة المسرحية على الخشبة، ويساعد حضور الفنانين من مختلف المسارح الجهوية أيضا على انتقاء مواهب شبابية وتقديم الدفع لهم للظهور في أعمال مسرحية محترفة خارج الجامعة.

أما الممثلة ومؤطرة ورشة الالقاء والتمثيل، صبرينة بوقرية، أفادت أنها تعتبر المسرح الجامعي انطلاقة حقيقية للمسيرة الفنية، لأن الجامعة تفتح أبواب الفن على مصراعيه، وكشفت أن انطلاقتها في الأساس كانت من المسرح الجامعي هناك حيث استفادت من التبادل الثقافي والتنوع الموجود في البلد نفسه، من حيث اللهجات، العادات والتقاليد، اللباس، التي تستغل في إنتاج الأعمال المسرحية في ظل توفر طاقات شبابية شغوفة بالخشبة.
وأكدت بوقرية على أهمية الممارسة والتكوين من حضور ورشات، والاطلاع على الكتب وآخر مستجدات فن التمثيل، ناصحة الجيل الجديد باستغلال الفرص المتاحة لهم على غرار الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لتثقيف أنفسهم.
«المسرح الجامعي علمني سبل التعايش مع مختلف الثقافات»

تحدثنا مع طلبة منخرطين في نوادٍ للمسرح الجامعي من بينهم الممثل المسرحي ورئيس النادي الجامعي المسرحي، بأدرار وطالب بكلية العلوم الاقتصادية، عمر علي قارب، أخبرنا أنه انخرط في النادي بداعي اكتشاف المسرح والتعرف عليه ثم وجد التأطير وتعلم التقنيات والاحتراف، مضيفا أنه استفاد من المسرح أيضا على الصعيد الشخصي من جانب تعلم أساليب التعايش مع مختلف المجتمعات، إثبات الذات، والتواصل مع الآخر، كما ساعده المسرح على إبراز موهبته دوليا، وذكر أنه قدم عروضا في الصين، فرنسا، ويحضر نفسه ليقدم عرضا مسرحيا في رومانيا مستقبلا، ووصف الطالب المسرح أنه متنفس الحياة ساعدهم كطلبة على اكتشاف ذواتهم ومواهبهم، وقدراتهم الفنية.
الخشبة علاج للرهاب الاجتماعي للطلبة

أما طالبة الاتصال والعلاقات العامة، والمنخرطة في المسرح الجامعي، أسماء معيز، فقد تحدثت عن الجو الذي يصنعه المسرح بين الطلبة والعلاقة التي يكونها بينهم والتي تجعلهم ينجذبون إلى الممارسة المسرحية، تضيف أن الخشبة كانت سندا لها لتجاوز مشكلة الرهاب الاجتماعي وتطوير مهارات التواصل لديها، واللغة المنطوقة وكذا لغة الجسد، تقول الطالبة أيضا إنها تنتقل إلى عالم آخر أثناء تواجدها في المسرح حيث تشعر بالراحة النفسية بعيدا عن ضغط الدراسة.

أما بالنسبة لنصرو شبوكي من ولاية تبسة، وطالب مقيم يدرس بجامعة صالح بوبندير قسنطينة 03، كلية الفنون والثقافة، أخبرنا أنه يقضي أوقات فراغه في المسرح التجريبي للكلية خصوصا وأنه يحب ممارسة أنشطة مختلفة تجعله يعوض غياب عائلته خصوصا عندما يلتقي هناك بزملائه، ويهتم الشاب بالمواضيع السياسية وفقا لما ذكره، كما يحب أن يتحدث عن قضايا جيله والعصر الجديد.

من جانبها قالت الطالبة بكلية الآداب واللغات والفنون، قسم الفنون بجامعة جيلالي اليابس، بولاية بلعباس، والممثلة المسرحية فاطمة سعدي، أنها استطاعت تجاوز صدمة فقدان والدها بفضل المسرح الذي بدأته في سن مبكرة عندما كانت تدرس في المتوسطة، تضيف أنها تتخلص من الطاقة السلبية على الخشبة خصوصا وأن المسرح يمنحها فرصة للترفيه ويحملها إلى عالم من السعادة.
أما عن مشاركتها في المسرح الجامعي وصفتها بأنها بداية جديدة فتحت لها آفاقا كثيرة، وعن أول مسرحية شاركت فيها قالت إنها كانت بعنوان «الصدمة» تحاكي زلزال تركيا، وفي هذا السياق اعتبرت بأن الطالب يتكون في المسرح الجامعي ويتعلم الضوابط اللازمة للممثل كما يجعل منه شخصا مثقفا يشعر بكل الفئات المجتمعية من خلال تقمص أدوار مختلفة، وفي هذا الجانب أخبرتنا فاطمة أنها تستعين بالملاحظة في رصد عينات مختلفة، مثل الحركات، الانفعالات، الصوت، طريقة الكلام، قبل تأدية أدوارها، لذلك فقد تعلمت تقليد الشخصيات والأصوات.
«برزت دوليا بفضل المسرح الجامعي»
وجدنا الطالب والممثل في فرقة المسرح الجامعي، هاني شاكر شكري، من ليبيا، أخبرنا أن المسرح ساعده على البروز دوليا فضلا عن التعرف على مختلف أساليب التمثيل وأعمال مسرحية جديدة، فضلا عن إثراء رصيده الثقافي بمعلومات جديدة، وعبر أن المسرح وهبه الحياة والحب.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com