صلاح الدين جاب الله، فنان عصامي من الوادي يصنع تحفا ويرسم لوحات فنية باستخدام رمال الصحراء الذهبية، تعبر عن ثقافة المنطقة و تحاكي يوميات رجالها ونسائها وتتغنى بتراثها.
يبدع الفنان في تشكيل الرمال داخل ورشته الصغيرة بمقر الديوان المحلي للسياحة والصناعة التقليدية بوسط المدينة، قال حين زرناه هناك بأنه يستمتع بالعمل في المكان و يجد راحته وهو محاط بأدوات الرسم والنحت، حيث يشغل أيامه بإنجاز عشرات اللوحات التي تصور سفينة الصحراء، والرجل الأزرق، و تعيد تقديم بعض عناصر التراث المحلي مثل اللباس التقليدي والحلي.
ويجسد صلاح الدين جاب الله، في عدد من اللوحات الفنية المعدة بالرمال غيطان النخيل التي ترمز إلى غنى ولاية الوادي، بنمطها الفريد من حيث الشكل،وقد رسم واحات شهيرة في المنطقة تتوارثها أجيال، وتعتبر روافد اقتصادية هامة في الولاية، كما يملك في ورشته أعمالا تحاكي الأجواء في البادية و تصف أهلها ومساكنهم، على غرار الخيام التقليدية.
وأكد الفنان أنه طوال 20 سنة لم يستعمل غير الرمال للتعبير فنيا عن انتمائه إلى الجنوب الجزائري الكبير، موضحا أنه امتلك الموهبة منذ الصغر لكنه طورها بالعلم، من خلال المشاركة في بعض الورشات التي كانت تبرمج على هامش مواعيد ومعارض فنية أو تراثية، ناهيك عن الأسابيع الثقافية و الرحلات التي كان ينظمها قطاع الثقافة.
مضيفا، بأنه كان دائم الاحتكاك بالفنانين التشكيليين، وذلك للتعلم منهم وأن جل من قابلهم من مبدعين شجعوه على المواصلة، مشيرا إلى أن الرحلات الذي قادته إلى مدن الجنوب والجنوب الكبير، كانت بمثابة دروس لاكتشاف الصحراء استلهم منها الأفكار.
فن في خدمة السياحة
يوجه الفنان منتجاته الإبداعية على غرار اللوحات و التحف التي ينحتها كذلك لخدمة السياحة، حيث يقول إنها مناسبة جدا كتذكارات ومثالية كهدايا لزوار المدينة، خصوصا وأنه يوفر أيضا إلى جانب أعماله تشكيلة واسعة من “ورود الرمال» التي يتنقل لجمعها بين الغيطان والأماكن التي يمكن أن تتواجد فيها.وقال، إنه يضيف عليها بعض اللمسات الفنية من خلال التلاعب باللون أو الشكل، حتى تحمل رسالة مختلفة في كل مرة، ناهيك عن تخصيص بعض المجسمات التي يمكن تقدمها كهدية للمكاتب الإدارية ومحلقات المكاتب.
وأضاف، أنه يطمح لأن يوسع نطاق تسوق أعماله خدمة للغرض السياحي خصوصا وأنها تحظى باهتمام واسع من قبل زوار مدينة الألف قبة سواء الجزائريين أو السياح الأجانب.
موضحا، بأن تواجد ورشته على مستوى الديوان المحلي للسياحة بوسط المدينة، مهم جدا بالنسبة له لأن المكان يعتبر نقطة عبور رئيسية في المسار السياحي للمدينة، مؤكدا على الاهتمام الذي يوليه السائح الأجنبي لكل ما هو فن محلي.
تصاميم ومجسمات جبسية
للفنان صلاح الدين جاب الله، لمسات ومساهمات في الكثير من التحف الموزعة على مستوى مفارق الطرق بوسط المدينة، وتحديدا عند محاور دوران الالتفاف، أين توضع هناك مجسمات فنية كنوع من الزينة لتحسين وجه المدينة.
وقد صمم محدثنا، مجسمات جبسية لبعض العناصر التي تعبر عن المنطقة وخصوصيتها، مثل القباب، والاقواس، والجدران القديمة، وشارك في إتمام بعض الزخارف والأشكال التي تزين جدران مؤسسات، إلى جانب تجسيد شكل البئر التقليدية الشائع استخدامها في المنطقة.
وذكر الفنان، أن النحت باستخدام الجبس المحلي، يعد إلى جانب الرسم بالرمال الذهبية رمزا للفن والإبداع، وهو فن متوارث بولاية الوادي، فغيطان النخيل غالبا ما تغطى بطبقة جبسية تتشكل تحت الرمال، يتم جمعها لاحقا وحرقها مع مخلفات النخيل و الخشب والجريد، يمزج الخليط الناتج عن الحرق مع الجبس الأبيض الناعم، يسكب في قوالب تستخدم للنحت و التزيين خصوصا في فن العمارة.
كما أشار صلاح الدين جاب الله، إلى أن الجبس التقليدي يعتبر أكثر فعالية وأقدر على الصمود أمام عوامل الطبيعة مقارنة بالجبس الصناعي، ولذلك فإنه يعد الأفضل لنحت المعالم السياحية و الفنية، وترميم العمارة التراثية.
ودعا الفنان إلى المحافظة على التحف الفنية الجبسية المصنوعة من هذه المادة، واستخدامها في تزيين المدن لخدمة الجانب السياحي، مشيرا إلى أن ولايته الوادي تتمتع بالعديد من الخصوصيات الفنية فيما يتعلق بالرسم بالرمال و النحت بالجبس التقليدي.
داعيا إلى التركيز على تجسيد العناصر التي تعبر عن الانتماء للمنطقة و التميز التراثي المحلي، مثل القباب، والنجيل، والجمال و غيرها.
منصر البشير
