دعا وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى الأئمة أمس إلى الالتزام بالخطاب الديني المعتدل الذي يخدم مصلحة الدولة، واحترام تعاليم الإدارة، كاشفا تأكيده لرئيس رابطة العالم الإسلامي الذي حل بأرض الوطن مؤخرا، رفض الجزائر أن تكون طرفا في الصراع الطائفي أو مسرحا له، بعد أن تمكنت من تجاوز مرحلة مكافحة الإرهاب والتطرف بنجاح.
قال محمد عيسى في فوروم الإذاعة الوطنية، إن وزارة الشؤون الدينية تدعو الأئمة للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية التي سارت على نهجها الجزائر منذ 14، وهي تطالبهم بتبني خطابا يخدم مصلحة الدولة، مع تطبيق تعليمات الإدارة بما أنهم موظفون لدى القطاع، رافضا بشدة أن يخضع الأئمة لتعليمات تدعوهم إلى التمرد على الإدارة، معتبرا أن التأثر بخطب من الخارج أدى في وقت معين إلى ظهور نمط من التدين المستورد، لذلك قامت الوزارة بوضع منظومة تكوينية تتناسب مع المرجعية الدينية الوطنية، التي ستكون محور ورشات ستنظم شهر أكتوبر الحالي، لمناقشة وبحث تاريخ وأصول المرجعية الدينية، بإشراك أطراف عدة، دون إقصاء لأي أحد وفق ما صرح به.
وجدد الوزير نفي وجود أي علاقة بين الإسلام والإرهاب، لأن الإسلام هو من يفكك مفاصل الإرهاب ويعدل نمط التدين، في حين تعود ظاهرة الإرهاب التي فرضت نفسها على الساحة الدولية منذ فجر التاريخ لأسباب عدة، منها اجتماعية واقتصادية وحتى نفسية، فضلا عن تحوير أسباب القتال التي شرعها الدين للدفاع عن الإسلام وليس لقتل من يخالفنا الفكر أو العقيدة، قائلا إن قطاعه يعمل من أجل الوقاية من الوقوع في التطرف بعد اجتثاث الإرهاب، عن طريق مراجعة منظومة التكوين، وبفضل إصدار قانون أساسي خاص بالأئمة سنة 2008 ، الذي يفرض على من يعتلي المنبر الحصول على شهادة في الاختصاص، فضلا عن التشبع بالمبادئ الوطنية وإدراك خطورة التأويل واستخدام الدين لغاية أخرى، مذكرا بأن المساجد التي هجرها المتطوعون في سنوات مضت كانت تقع بين أيدي مغامرين، وهو ما وضع القانون حدا له.
وأفاد محمد عيسى بأن تحصين الشباب من التطرف يتم بالتنسيق مع قطاعات عدة، لأجل ضمان التكفل التربوي والاجتماعي والاقتصادي عن طريق التربية والتعليم وتوفير مناصب عمل، كما يحرص قطاعه من أجل وقاية الجيل الذي لم يعايش مرحلة الإرهاب والتطرف، على محاربة خطابات أشباه الدعاة، ومراقبة الكتب الدينية التي تعرض في الصالون الدولي الذي ينظم سنويا، ومنع دخول المصاحف المزورة، لبلوغ مرحلة التدين العادي، الذي يلتقي فيه الملتحي ومن يلبس القميص، مع من يرتدي اللباس العالمي في الأهداف التي تضمن مصلحة الوطن.
ولم ينكر المسؤول الأول عن قطاع الشؤون الدينية وجود أئمة يتأثرون بما يقرؤونه على المواقع وبعض الدعاة ، لذلك يقوم الجهاز التابع لوزارته بمتابعة الأمر ميدانيا، حيث قام سنة 2015 بمنع عدد من الأئمة من اعتلاء المنابر، بسبب تورطهم في بث خطابات تدعو إلى الكراهية والتمييز، كما يتم أيضا تدعيم مسار التكوين للقضاء على أسباب التطرف ومحاربة خطاب الكراهية الذي يتنافى مع المصلحة الوطنية.
وبشأن الزيارة التي قام بها رئيس رابطة العالم الإسلامي «محمد بن عبد الكريم العيسى» للجزائر مؤخرا، أفاد عيسى أنه أخبره بأن الجزائر تجاوزت مرحلة محاربة الإرهاب والتطرف بفضل الجهود والتضحيات التي قام بها أفراد الجيش وأسلاك الأمن، وهي تطالب اليوم بضرورة احترام خصوصية كل دولة، كما أنها ترفض بشدة إقحامها في النزاع الطائفي أو أن تكون ميدانا له، كما ذكره بأن الجزائر رائدة في مجال مكافحة الإرهاب وأنها عرضت تجربتها على المستوى الإقليمي.
وبخصوص ملف الأملاك الوقفية التي يريد قطاع الشؤون الدينية استغلالها في مجال التنمية، أوضح المتحدث أن وزارته ترحب بكل مستثمر سواء كان خاصا أو عموميا أو أجنبيا، لاستثمار هذه الأملاك في إطار ما ينص عليه القانون لتحقيق مداخيل لتحسين المستوى المعيشي لفائدة الفئات الهشة.
لطيفة/ب