rالخبير يونس قرار: نحن متأخرون ولابد من تحفيزات ملموسة للزبائن
نبّهت المصالح الصحية في كل دول العالم، منذ بداية انتشار وباء كورونا، إلى أن الأوراق والقطع النقدية تعتبر من أكبر الدعامات و الأشياء التي يتنقل عبرها الوباء من إنسان لآخر، ونصحت بالتالي بالتخلي عن استعمال النقود واللجوء إلى طرق أخرى لقضاء الحاجيات على غرار الدفع الإلكتروني.
وبما أن النقود تعتبر ناقلة للعدوى فقد عمدت الكثير من الدول إلى منع تداولها بشكل نهائي حفاظا على صحة مواطنيها، لكن الأمر ليس كذلك في الدول التي لا يزال فيها الدفع الإلكتروني في بدايته أو غير معمم، مثلما هي الحال بالنسبة للجزائر.
وعلى الرغم من وعي المواطن عندنا بخطورة تنقل وباء كورونا عبر النقود إلا أنه مضطر للتعامل بها يوميا خلال خروجه للاقتناء مشترياته المختلفة من الأسواق والمحلات التجارية، في غياب الدفع عن بعد المعتمد في العديد من البلدان وغياب بدائل أخرى، وما عدا بعض المؤسسات التجارية الكبرى على غرار متعاملي الهاتف، وسونلغاز، وشركات تسيير المياه التي سهلت للمواطن منذ بداية الأزمة ونصحته بدفع الفواتير عن بعد إلكترونيا، فإن باقي التعاملات التجارية اليومية تتم عبر النقود من اليد إلى اليد.
و مع تواصل حملات التحسيس والتوعية التي تقوم بها وزارة الصحة والسكان و إصلاح المستشفيات بهذا الخصوص، فقد أخذ الكثير من المواطنين على محمل الجد،، التحذير و تعاملوا مع الوضع حسب المستطاع ، للتقليل من انتقال عدوى كورونا عبر النقود التي يتم تداولها يوميا.
وعليه فقد لجأ بعض التجار والمواطنون للعديد من الطرق لغسل النقود والتخلص بالتالي من احتمال التصاق الوباء بها، فترى بعض التجار يضعون القطع النقدية المعدنية في إناء مملوء بالماء والجافيل مباشرة بعد استلامها من الزبون، أو اخذ ما يرد من صرف للزبون من الإناء أيضا، وهناك من التجار من فضل ارتداء قفازات في تعامله مع النقود وبخاصة المعدنية منها، بينما فضل آخرون وضع قطعة قماش تكون مبللة بالجافيل والمواد المطهرة، على مكاتب الدفع، وغمس كل قطعة يتلقاها من الزبائن في القطعة قبل وضعها في صندوق أو خزانة النقود، والعكس أيضا.
وبالنسبة للزبائن فقد اتخذوا أيضا تدابير وقائية في تعاملهم مع النقود، مثل حمل قطعة قماش مبللة بالجافيل والكحول المطهر في الجيب، و تمرير القطع النقدية التي ترد إليه من التجار على قطعة القماش لضمان تعقيمها، أو تخصيص أكياس صغيرة في الجيوب لوضع النقود دون لمسها كثيرا إلى غاية الوصول إلى البيت وغسلها بالجافيل و غيره من المواد المطهرة والمعقمة، و تجنب لمس الوجه بعد التعامل مع النقود إلى غاية غسل الدين جيدا بعد العودة إلى المنزل، أو غسلها بالمواد المطهرة المحمولة في السيارة أو في الجيب.
والملاحظ في الأسواق والمحال التجارية أن قسما من التجار وحتى المواطنين لا يولون اهتماما كبيرا لمثل هذه الإجراءات الوقائية، وهو ما قد يشكل خطرا على صحتهم وصحة ذويهم والآخرين، وحتى في حال تعقيم القطع النقدية المعدنية بالطرق سالفة الذكر فإن التعامل مع الأوراق النقدية يبقى مشكلا مطروحا.
وفي غياب شبه تام للدفع الإلكتروني تبقى الوقاية المشددة أحسن طريقة للتعامل مع القطع والأوراق النقدية في هذا الظرف لتجنب نقل عدوى فيروس كورونا.
الخبير يونس قرار: لابد من تجاوز عقدة التكنولوجيا
ويقول الخبير في ميدان المعلوماتية، يونس قرار، إننا متأخرين جدا في ما يخص الدفع الإلكتروني، واليوم مع ظهور هذا الوباء تبيّن للجميع فوائد هذه التقنية، و قال في اتصال "بالنصر" أمس إنه وفي كل دول العالم التي تتعامل في مجال الدفع إلكترونيا هناك نسبة من التعاملات بين 20 إلى 30 من المائة تكون بشكل مباشر.
لكن بعد ظهور هذا الوباء عمدت حكومات هذه الدول إلى منع تداول القطع والأوراق النقدية بشكل كامل وصارم، لأن ذلك يعني نقل الوباء، وتم اللجوء إلى استعمال الدفع عن بعد باستعمال الجوال.
وبالنسبة للجزائر يتأسف الخبير يونس قرار ويقول إننا تأخرنا كثيرا وضعينا سنوات عديدة لاعتماد الدفع الإلكتروني حتى صار هذا الأمر عقدة بالنسبة لنا، والأمر من ذلك أنه كلما تأخرنا كلما صعب الأمر، لأن الدفع الإلكتروني هو ثقافة وسلوك وقناعة قبل أن يكون قرارا سياسيا.
وبالنسبة لمحدثنا فإن الدول المتقدمة التي سبقتنا إلى هذا الميدان اعتمدت التدرج في استعمال وتعميم الدفع الإلكتروني، وخلقوا ما يمكن أن نسميه" المناخ المشجع والآمن" لأن المواطن أو الزبون بصفة عامة يتهرب من الدفع الإلكتروني ويلجا إلى السوق الموازية إذا لاحظ أن الدفع إلكترونيا سيزيده أعباء سواء من حيث الفواتير أو الغرامات الإضافية أو غيرها.
ومن هذا المنطلق يشدد محدثنا على ضرورة اعتماد إجراءات ذكية من طرف الدولة، وتقديم تشجيعات وتحفيزات ملموسة لفتح الطريق أمام الدفع الإلكتروني، وبالتالي خلق الثقة بين المواطن باعتباره زبونا-وبين هذا النوع من التعاملات.
وعن واقع الدفع الإلكتروني في بلادنا اليوم يقول قرار إن التعاملات الإلكترونية ضئيلة وقليلة جدا اليوم ولا تكاد نذكر، وهناك فقط بعض المؤسسات التجارية والخدماتية الكبرى التي تعتمد هذا الأسلوب، على غرار سونلغاز، و اتصالات الجزائر، و موبيليس، وشركة تسيير المياه، وبعض شركات التأمين.
ويبرز ذات المتحدث بأن انتشار هذا الوباء أظهر وبيّن للجميع أهمية التكنولوجيا وما كان يوصي به الخبراء، فالدول التي تتحكم في التكنولوجيات الحديثة تمكنت من تجاوز الوباء أما الدول المتأخرة فهي تتخبط.
ويلفت يونس قرار إلى أنه بعد نهاية هذه الأزمة فإن الدول التقدمة ستضاعف السرعة في مجال التكنولوجيات المتطورة لتحضير نفسها لاحتمال وقوع كوارث مشابهة في المستقبل، أما بالنسبة لنا في الجزائر فهو يؤكد على أنه إذا لم نعرف كيف نتعامل مع هذا الأمر فإن الأمور ستتجاوزنا في المستقبل.
وعما يجب فعله لتدارك هذا التأخر يوصي ذات الخبير بأن نعترف أولا بأننا متأخرين، وبأن هناك خدمات مبينة على الأنترنت تحسن معيشة المواطن وتسهلها، وأن يتخلص المترددون من شكوكهم بهذا الخصوص، أما من الناحية العملية فهو يوصي بالشجاعة في التعامل مع التكنولوجيا و منها الدفع الإلكتروني، وتقديم تحفيزات ملموسة للزبائن، أفرادا ومؤسسات على غرار الإعفاء من الرسوم والضرائب مقابل اعتماد الدفع الإلكتروني، وأن يكون ذلك واقعا حقيقيا، وخلق الثقة المطلوبة اتجاه المواطن لأنه بالطبع يخاف على أمواله، وربط الجميع بشبكة الأنترنت بتدفق عال وبسرعة مقبولة. إلياس -ب