قال وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جون ايف لودريان، إن مشروع تعديل الدستور في الجزائر يعتبر خطوة إصلاحية هامة من شأنها تكريس الحوكمة وتحقيق الكرامة والحريات. وأكد الوزير الفرنسي أن زيارته إلى الجزائر جاءت لتعزيز أواصر الصداقة مع الجزائر التي تعد شريكا أول لفرنسا، مضيفا “علاقتنا قوية تربويا، علميا، إنسانيا واقتصاديا وحتى في جانب الأمن الإقليمي».
واعتبر رئيس الدبلوماسية الفرنسية جون ايف لودريان، أن الرئيس تبون عبر مشروع إصلاح الدستور يريد تحقيق الكرامة والتطور للجزائر برؤية سياسية هامة، وأكد لودريان في تصريح للصحافة، عقب استقباله من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن "فرنسا تتمنى النجاح والازدهار لهذا البلد الصديق مع الاحترام التام لسيادته".
وقال الوزير الفرنسي إن "الجزائر على عتبة مرحلة مهمة ستسمح للشعب الجزائري بالتصويت يوم أول نوفمبر على مشروع مراجعة الدستور"، مشيرا إلى أن الرئيس تبون أعرب "عن نواياه في إصلاح المؤسسات لتعزيز الحوكمة والتوازن بين السلطات والحريات". وقال : "ينبغي على الجزائريين أن يجسدوا طموحاتهم المعبر عنها بتحضر وكرامة في نظرة سياسية مع مؤسسات قادرة على بلورتها".
وجدد لودريان الذي التقى أيضاً رئيس الحكومة عبد العزيز جراد، ونظيره صبري بوقدوم، التزام باريس بالاستمرار في معالجة ملف الذاكرة ومخلفات المرحلة الاستعمارية بين البلدين، مؤكداً أنّ "الرئيس ماكرون التزم منذ عام 2017 بخطوات تتعلق بتاريخ الاستعمار الفرنسي والثورة الجزائرية، وبرهن على ذلك من خلال استرجاع رفات المقاومين الجزائريين، والتي كانت معروضة في متحف الإنسان.
وفي هذا السياق، أكد أن الرئيس ماكرون طلب من المؤرخ بنيامين ستورا العمل على ذاكرة الاستعمار و حرب الجزائر "ضمن مناخ تسوده الحقيقة والمصالحة لكي ينظر بلدينا معا نحو المستقبل"، معتبرا أن "النظرة الواضحة والهادئة لماضيهما ضرورية".
البلدان «يحتاجان بعضهما»
وأكد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، أن زيارة العمل تعكس «متانة علاقات الصداقة بين البلدين»، مضيفا أن البلدين «يحتاجان بعضهما». وقال لودريان «بلدانا يحتاجان لبعضهما ويبقى تشاورنا ضروريا حول المسائل ذات الاهتمام المشترك».
وأردف بالقول «لقد جئت إلى الجزائر لإبراز العلاقات المتينة بين بلدينا. فبالنسبة لفرنسا تعد الجزائر شريكا من المستوى الأول بسبب الروابط الإنسانية المتعددة التي تجمعنا عبر المتوسط»، وأضاف قائلا: «علاقتنا ثرية ومتعددة خاصة في مجال التبادلات الإنسانية والتربوية والعلمية والتعاون الاقتصادي والرهانات الأمنية بالإضافة إلى المسائل الإقليمية».مشيرا أنه يجري زيارته الثالثة إلى الجزائر خلال هذا العام، كما أعرب رئيس الدبلوماسية الفرنسية عن «سعادته» برؤية العلاقات الثنائية تأخذ «نفسا جديدا».
باريس تشيد بإصلاحات الرئيس تبون الاقتصادية
وبخصوص الرهانات الاقتصادية ، أوضح لورديان أن «المؤسسات الفرنسية المتواجدة في الجزائر عديدة و تساهم في ديناميكية الاقتصاد و إنشاء مناصب الشغل»، مشيدا بالإصلاحات التي بادر بها الرئيس تبون قصد «تنويع الاقتصاد الجزائري وتخفيف الإجراءات ومرافقة المؤسسات المبتكرة». وقال «إننا نشيد بهذه الرغبة و يبقى حوارنا مهما من أجل أن تجد المؤسسات الفرنسية مكانتها كاملة في إطار هذه الإصلاحات و أن تستمر في المساهمة في ازدهار الجزائر»، يضيف المتحدث.
و من جهة أخرى، كشف لودريان أنه تطرق مع الرئيس تبون إلى جائحة كوفيد -19 التي وصفها «بالاختبار الصعب» بالنسبة للبلدين. وصرح: «أود أن أشيد بتصميم السلطات الجزائرية وجميع الجزائريين»، وأعلن المسؤول الفرنسي عن تسوية وضع الطلبة الجزائريين الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية والعالقين في الجزائر، من قبل القنصليات الفرنسية للسماح لهم بالالتحاق بجامعاتهم. واعتبر أن هذه الأزمة الصحية يجب أن تحث البلدين على العمل «بروح التضامن»، معلنا في هذا الإطار أن فرنسا قررت التبرع للحماية المدنية الجزائرية بمركز طبي متقدم تم تسليم هيكله مؤخرا بميناء الجزائر العاصمة.
الجزائر تعتبر شريكا هاما بالنسبة لفرنسا
كما تطرق رئيس الدبلوماسية الفرنسية إلى الأزمات الإقليمية، مؤكدا أن «الجزائر تعتبر شريكا هاما بالنسبة لفرنسا»، واصفا إياها «بقوة التوازن التي تفضل الحل السياسي للأزمات في إطار متعدد الأطراف». داعيا إلى تفعيل دور دول الجوار الليبي للمساعدة في حل الأزمة الليبية، ورفض التدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد.
وقال لودريان،: «لدول الجوار دور مهم جداً، لأنها المعني الأول بالمخاطر الناجمة عن الأزمة الليبية، وعليها أن تلعب دوراً لتحقيق الاستقرار مع الأطراف الليبية ووقف تدخلات القوى الخارجية»، مشيراً إلى أنّ للجزائر وباريس توافقاً «على رفض الحل العسكري بضرورة الحل السلمي والسياسي تحت مظلة الأمم المتحدة»، مضيفا أن «دور دول الجوار، و بالخصوص الجزائر، هام جدا لأنهم أول المعنيين بالإخطار التي تترتب عن هذه الأزمة كما يمكن أن يكون لهم دور هام في تحقيق الاستقرار لدى الفاعلين الليبيين على عكس تدخلات القوى الخارجية».
أما فيما يخص الوضع في مالي، قال السيد لودريان إن «فرنسا، مثلها مثل الجزائر، قد رحبت بالعملية الانتقالية التي من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات مفتوحة و حرة و شفافة و إلى استعادة النظام الدستوري». وأكد : «ندعو مثل الجزائر إلى تطبيق اتفاق الجزائر للسلام» مجددا التأكيد على أن «الجزائر لها صوت مهم في إفريقيا والمتوسط».
وتطرّق لودريان إلى ملف المسلمين في فرنسا، وقال إنه بحث مع المسؤولين الجزائريين خطة الرئيس إيمانويل ماكرون في محاربة من وصفهم بالانعزاليين في فرنسا، والتطرف. وتحدث عن «مقترحات» الرئيس ماكرون حول مواجهة الانفصالية على الأراضي الفرنسية»، مؤكدا على أن هناك رفض للخلط بين الإسلام و إيديولوجية الاسلاموية الراديكالية. وقال في هذا الصدد: «الأمر يتعلق بانشغال نتقاسمه مع السلطات الجزائرية». ع سمير