مرت أمس سنة كاملة على أداء رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، اليمين الدستورية ومباشرة مهامه بصفة رسمية على رأس الدولة بعد انتخابات 12 ديسمبر التي شارك فيها أيضا أربعة مترشحين آخرين.
و قبل عام، وخلال الحملة الانتخابية لرئسيات 12 ديسمبر كان عبد المجيد تبون قد قطع العديد من الوعود على نفسه أمام المواطنين في حال اختاروه رئيسا للجمهورية، واليوم وبعد مرور عام من عهدة الرئيس المنتخب يحق لأي واحد الوقوف على ما أنجز في سنة من حكم الرئيس تبون.
في البداية لا بد من الإشارة إلى الظرف الذي جرت فيها الانتخابات الرئاسية لـ 12 ديسمبر من العام الماضي فقد جاءت بعد شهور من حراك شعبي سلمي انفجر في 22 فبراير من ذات السنة و أطاح بحكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأدخل البلاد في وضع خاص، وقد اختلفت المواقف من تنظيم الانتخابات في حد ذاتها.
كما لا بد عند إجراء تقييم للسنة الأولى من حكم الرئيس عبد المجيد تبون عدم إغفال الوضع الصحي الذي دخلت فيه البلاد منذ فبراير بسبب تفشي جائحة كورونا كوفيد 19 على غرار كل دول العالم، والتي أثرت بشكل كبير على كل القطاعات بعد شهور من الحجر الصحي الذي لا يزال مستمرا إلى اليوم.
افتتح الرئيس تبون عهدته الرئاسية ببداية تجسيد وعوده في الإصلاح السياسي الذي كان من أكبر الالتزامات التي وعد بها الشعب خلال الحملة الانتخابية، فعمد مباشرة يوم الثامن يناير الماضي إلى استقبال الخبير في القانون الدستوري، أحمد لعرابة، وكلفه بترؤس اللجنة الخاصة بمشروع التعديل الدستوري، وهي اللجنة التي نصبت رسميا يوم 14 من نفس الشهر وباشرت مهامها.
وبعد شهور وتأجيل متكرر بسبب الظروف التي فرضتها جائحة كورونا نظم الاستفتاء على مشروع التعديل الدستوري في الفاتح نوفمبر الماضي.
على المستوى الاجتماعي جمع الرئيس تبون في 16 فبراير الماضي ولاة الجمهورية وواجههم بحقيقة الوضع الاجتماعي خاصة في المناطق النائية، وكانت الصورة صادمة للجميع، ظروف صعبة تعيشها الآلاف من العائلات ومعاناة لا حد لها يتكبدها التلاميذ والعمال و ساكنة المناطق المعزولة والمهمشة.
ووجه الرئيس في ذات اللقاء تعليمات صارمة للولاة والمسؤولين على مستويات عدة من أجل تكفل حقيقي بحوالي 8 ملايين نسمة من ساكنة مناطق الظل، على أن تظهر أولى نتائج هذا العمل في ظرف ستة أشهر، ووعد بمحاسبة الجميع بعد مرور عام، ولتدعيم هذه السياسة عين مستشارا له على مستوى رئاسة الجمهورية مكلف بهذه المناطق شغل منصب وال لسوات طويلة. وعود أخرى عمل الرئيس عبد المجيد تبون على تجسيدها مثل إعطاء الفرصة للشباب لتولي مناصب عليا بالتدرج وفسح المجال للكفاءات، وظهرت بوادر ذلك في التشكيل الحكومي الذي جاء مباشرة بعد تأديته اليمين الدستورية.بالنسبة للمجتمع المدني اجتهد في منح هذا الأخير مساحات أكبر للمساهمة في الحياة العامة، حيث أمر بتسهيل حصول الجمعيات على الاعتماد في ظرف قياسي وإزالة العراقيل البيروقراطية المتعلقة بملف الاعتماد، وعين مستشارا له مكلف بالمجتمع المدني والجالية الوطنية في الخارج.
على المستوى الاقتصادي كان تأثير تداعيات انتشار فيروس كورونا واضحا وكبيرا بسبب التدابير الاحترازية التي مست أكبر عدد من المؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة والتي أثرت بشكل واضح على مردوديتها، لكن ذلك لم يمنع الحكومة من عقد لقاء خاص مع مختلف الشركاء حول مخطط الإنعاش الاقتصادي الذي سطره تبون، وتوجيه تعليمات للحكومة من أجل دعم المؤسسات المصغرة المنشأة من طرف الشباب، وتعديل القوانين الخاصة بتعامل الأجهزة الداعمة لنشاطات ومشاريع الشباب وبخاصة منها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب.
كما أمر بدعم التوجه نحو المحيط الإفريقي ومحيط الجوار في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري، وبالخصوص فتح خطوط لتصدير المنتجات الوطنية نحو موريتانيا ومنها إلى الدول الإفريقية الأخرى، وهو ما تعمل السلطات المختصة على تجسيده.
فيما يتعلق بسياسة الدفاع أبدى عبد المجيد تبون دعما واضحا وكبيرا للجيش الوطني الشعبي وأكد على تقديم كل المساندة والوسائل له من أجل أداء مهامه في حماية أمن وحدود البلاد على أكمل وجه، وأكد في آخر كملة له عبر الفيديو من ألمانيا تعليقا على التطورات الأخيرة في المنطقة أن الجزائر قوية و أقوى مما يظنه البعض ولن تتزعزع، وهي رسالة كانت واضحة مفهومة لمن وجهت إليهم.
وبالنسبة للسياسة الخارجية والمجال الدبلوماسي ظلت الجزائر ثابتة على مواقفها المبدئية خاصة منها ما تعلق بدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها على غرار حق الشعبين الفلسطيني والصحراوي، كما ثبتت الجزائر على موقفها من الأزمة الليبية التي أكد الوقت صواب هذا الموقف القائم على ضرورة إجراء حوار سياسي ليبي- ليبي بين جميع الفرقاء بعيدا عن التدخلات الخارجية السياسية والعسكرية، وهذا المسار قائم اليوم، ونفس الأمر بالنسبة للأزمة في مالي وغيرها.
وبدا رئيس الجمهورية في آخر ظهور له من ألمانيا قبل أيام قليلة،حيث يعالج منذ شهرين، مصمما على الوفاء ببقية الالتزامات التي قطعها على نفسه أمام ناخبيه، حيث أمر اللجنة المكلفة بإعداد قانون الانتخابات الجديد بضرورة الانتهاء منه في أقرب وقت وفي ظرف لا يتعدى الأسبوعين من أجل مباشرة مرحلة ما بعد تعديل الدستور، وجدد تعليماته لوزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية ولولاة الجمهورية بضرورة إتمام ما اتفق عليه في مجال التكفل بساكنة مناطق الظل.
إلياس -ب