تعرف المدارس القرآنية إقبالا من فئة المتمدرسين الذين استغلوا أوقات الفراغ الناجمة عن نظام الدراسة بالتناوب الذي اعتمده قطاع التربية في إطار البروتوكول الصحي، للتوجه إلى المساجد لتعلم قواعد وأصول تلاوة وحفظ القرآن الكريم، تحت إشراف أساتذة وطلبة جامعيين متطوعين.
تستقبل المدراس القرآنية عبر مختلف المساجد يوميا أعدادا معتبرة من فئات عمرية مختلفة، في مقدمتهم تلاميذ الأطوار التعليمية الثلاثة الراغبين في حفظ القرآن الكريم وتعلم أحكام التلاوة والتجويد، الذين قرروا طواعية أو بتشجيع من الأولياء، تكريس أوقات الفراغ لاكتساب مهارات جديدة، لا سيما وأن حفظ القرآن الكريم يساعد على تحسين الرصيد اللغوي، وتنشيط الذاكرة، فضلا عن الجزاء الذي يناله من يحقق هذا المبتغى.
وحفز الظرف الصحي الناجم عن انتشار فيروس كورونا مختلف الفئات العمرية، لا سيما تلاميذ الأطوار التعليمية الثلاثة على الإقبال على المدارس القرآنية بعد أن أعادت فتح أبوابها من جديد أمام الطامحين ليرتقوا إلى مصاف حاملي القرآن، من خلال تكريس أوقات الفراغ في تعلم أحكام الحفظ والتلاوة والتجويد، بمساعدة مؤطرين متطوعين.
وتضاعف نشاط هذه المؤسسات الدينية، مع بداية العطلة الصيفية، بتلقي طلبات جديدة للانضمام إلى الأقسام المتوفرة على مستواها، خاصة من طرف الأولياء الذين يحرصون على تنظيم العطلة السنوية بتقسيمها ما بين فترات للراحة، وأخرى لاكتساب مهارات ومعارف جديدة، عبر تسجيل أبنائهم في دورات لتعلم اللغات الأجنبية، أو في نواد رياضية، وخاصة المدارس القرآنية التي تظل أهم وجهة بالنسبة للأطفال في سن التمدرس خلال هذه الفترة من العام.
ويؤطر حفظة القرآن الكريم موظفون بقطاع الشؤون الدينية، إلى جانب أساتذة تقاعدوا من قطاع التربية، وكذا طلبة جامعيين، تستعين بهم المساجد لسد العجز في التأطير، بالنظر إلى التوافد المتزايد على هذه المدارس التي تتيح الفرصة لكل شخص أن يتعلم أصول حفظ القرآن الكريم وتلاوته، مهما كان سنه أو مستواه التعليمي.
ويؤكد في هذا الصدد رئيس المجلس المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية الأستاذ جمال غول «للنصر»، بأن الإقبال على المدارس القرآنية يزداد عادة كلما تزامن الظرف مع الدخول في العطلة الصيفية، التي يستغلها كثير من التلاميذ وحتى الطلبة الجامعيين في حفظ القرآن الكريم، بعد أن لاحظوا نتائج ذلك على مستوى التحصيل العلمي، وتنشيط الذاكرة.
ويضيف ممثل نقابة الأئمة بأن الحجر الصحي ساهم بدوره في رفع عدد طلبة المدارس القرآنية، التي أضحت داعمة للجهود التي يقدمها قطاع التربية الوطنية، عبر استقطاب المتمدرسين خلال فترات الفراغ، لتصبح متنفسا لهم في ظل الظرف الصحي الذي فرض إجراءات استثنائية على قطاع التربية الوطنية.
ولتغطية العجز في تأطير الأعداد الهائلة لطالبي التسجيل في المدارس القرآنية استنجدت المساجد بالمتطوعين، وفق تأكيد الأستاذ جمال غول، من أساتذة وطلبة وأبناء الحي، وبشأن كيفية تنظيم دورات الحفظ، أوضح المتحدث بأنه بعد أن ينجح الطالب في حفظ أجزاء محددة يتم إخضاعه إلى امتحان تقييمي من قبل الأساتذة، فضلا عن تنظيم مسابقة على مستوى المسجد، وأخرى ما بين المساجد.
ولم يتوقف نشاط المدارس القرآنية خلال الحجر الصحي، فقد استعان المؤطرون بالوسائط التكنولوجية من بينها تقنية «الزوم» لمرافقة الطلبة، فضلا عن استغلال الهواتف النقالة في المذاكرة وتصويب الأخطاء، واستمرت هذه المؤسسات في التعليم عن بعد إلى غاية رفع قرار غلق المساجد عقب تحسن الوضع الصحي، وتراجع انتشار فيروس كورونا، لتستقبل من جديد الطامحين إلى ختم القرآن.
ويرى المتحدث بأن المسابقات التي تنظم في ختام كل دورة، والتكريمات التي يخص بها المتفوقون، أضحت عاملا محفزا ومشجعا على الالتحاق بهذه المؤسسات التربوية، التي تساهم في تهذيب سلوك الأفراد، وتنشئتهم على المبادئ والأخلاق الحميدة، مؤكدا على أهمية مساهمة المحسنين في دعم المدارس القرآنية، عبر تقديم الدعم لها لتقدم رسالتها على أكمل وجه، على غرار ما يقدمونه من أجل بناء المساجد، لأن دورها لا يقل أهمية.
لطيفة بلحاج