استرجع سكان قالمة، أمس الأحد، الذكرى 66 لمجزرة البسباسة التي وقعت يوم 6 مارس 1956 بالجبال و الشعاب الواقعة بين بلديتي حمام النبائل و الدهوارة، معقل الثورة و العمق الاستراتيجي للقاعدة الشرقية.
و قد تنقلت السلطات المدنية و العسكرية لولاية قالمة إلى موقع المجزرة لمشاركة السكان هذه الذكرى الأليمة التي أودت بحياة 356 مواطنا جزائريا أعزلَ بينهم أطفال و نساء لم ترحمهم الآلة العسكرية الفرنسية، و قرر قادة العدو تجميعهم بمنطقة البسباسة و إعدامهم رميا بالرصاص، انتقاما من قتلى معركة البطيحة و بعدها عملية جريئة نفذها جيش التحرير ضد قاعدة عسكرية فرنسية بمنطقة لحنانشة الواقعة اليوم بالقرب من الحدود بين ولايتي قالمة و سوق أهراس، حيث غنموا أسلحة كثيرة و فروا باتجاه جبال حمام النبائل و الدهوارة، و كان السكان في استقبالهم هناك، لكن قوات العدو واصلت مطاردتهم و اتهمت السكان المحليين بالتستر على هؤلاء المجاهدين منفذي العملية، و بأمر من الجنرال بيجار تقرر جمع أكبر عدد ممكن من الرجال و النساء و الأطفال بالمنطقة الريفية الواسعة، و من السوق الأسبوعي بحمام النبائل، و صدرت الأوامر بقتل كل المعتقلين من المدنيين العزل، و إضرام النار في المنازل و مصادرة كل الممتلكات، في واحدة من أبشع المجازر المنسية التي ارتكبها العدو الفرنسي في حق المدنيين الجزائريين خلال حرب التحرير.
و حسب المؤرخين المهتمين بتاريخ الثورة بمنطقة قالمة فإن مجزرة البسباسة تعد جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها و نسيانها، و قال الدكتور محمد شرقي أستاذ التاريخ بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة للنصر أمس الأحد، بأن ما وقع في البسباسة مجزرة في حق المدنيين العزل، و جريمة حرب و إبادة عرقية ضد السكان المحليين، و ليست معركة كما يعتقد البعض، مضيفا بأن المعركة تكون بين فصلين مسلحين، و ما وقع في البسباسة كان تصفية انتقامية قام بها عساكر العدو الفرنسي ضد هؤلاء الضحايا انتقاما من العملية الشجاعة التي نفذها جيش التحرير ضد القاعدة العسكرية بمنطقة لحنانشة بسوق أهراس.
و مازالت آثار المجزرة الرهيبة إلى اليوم بالمنطقة الريفية الوعرة حيث ترقد أجساد الضحايا جنبا إلى جنب بالمقبرة التي أقيمت هناك لدفن الضحايا، و مازالت أيضا آثار الاستعمار و الحرب و الدمار تخيم على المنطقة إلى اليوم، فقر و عزلة و أمل متجدد في مستقبل أفضل من خلال مشاريع تنموية هامة لتحسين الوضع المعيشي الصعب لبقايا السكان الذين فضلوا البقاء بموقع المجزرة لخدمة الأرض المسقية بدماء الشهداء.
فريد.غ