دعا مختصون وخبراء في المجال الصحي، إلى عدم التهاون والعودة إلى التدابير الاحترازية والوقائية لمواجهة تصاعد الإصابات بفيروس كورونا، و كذا الإقبال على التلقيح، خاصة بالنسبة لكبار السن و المصابين بالأمراض المزمنة، لأن ذلك يبقى الوسيلة الوحيدة لمواجهة المتحور الجديد لكوفيد 19 الذي ينتشر حاليا في العديد من دول العالم.
بعد هدنة استمرت لستة أشهر تعرف الإصابات بفيروس كورونا وتيرة متصاعدة في الأيام الأخيرة، ولأول مرة منذ أشهر سجلت مصالح وزارة الصحة أول أمس حالة وفاة بسبب الوباء، وأمام هذه الوضعية ومن أجل محاصرة الوباء وتفادي الدخول في موجة خامسة صعبة، يدعو خبراء في الصحة إلى ضرورة العودة إلى التقيد بالتدابير الوقائية المعروفة، مثل ارتداء الكمامة وتفادي الأماكن المكتظة، و يوصون أيضا بالعودة إلى تلقي اللقاح المضاد للفيروس خاصة بالنسبة لكبار السن و الفئات الهشة من ذوي الأمراض المزمنة، لأن كل التجارب العلمية أثبتت نجاعة اللقاح في محاربة الوباء على المستوى العالمي.
وبهذا الخصوص أفاد البروفيسور، رياض مهياوي، عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تفشي فيروس كورونا في بلادنا التابعة لوزارة الصحة والسكان و إصلاح المستشفيات بأن أرقام الإصابات تتصاعد وتتزايد على المستوى العالمي وليس في الجزائر فقط، وهي موجة عالمية كما يظهر في فرنسا و آسيا وغيرها من مناطق العالم.
وبالنسبة للجزائر- يضيف محدثنا في تصريح خص به "النصر" أمس- فإن ارتفاع الإصابات كان منتظرا لأن الجزائر تعرف تأخرا بحوالي شهر إلى شهرين عن أوروبا كما بينت التجربة سابقا، وكشف بأن عدد المصابين الموجودين اليوم قيد الاستشفاء يبلغ 168 مريضا، مع عدم وجود حالات خطيرة لحسن الحظ، موضحا بأن المنظومة الصحية الوطنية توجد حاليا في أريحية ولا تعاني من أي ضغط في هذا المجال وحيث كل المستلزمات والأدوية متوفرة.
و أمام هذه الوضعية ومع احتمال تصاعد وتيرة الإصابات في قادم الأيام بالنظر لما تعرفه العديد من دول العالم يشدد البروفيسور مهياوي على تذكير كافة المواطنين بأن "الوباء ليس وراءنا كما يعتقد البعض بل لا يزال أمامنا " ، وكما ظهر المتحور الحالي " بي.أ 5" فإنه يمكن توقع ظهور متحور " بي. أ 6 وبي. أ 73 وعليه فإن الحل لمواجهة الوضعية يكمن فيما أوصى به المدير العام للمنظمة العالمية للصحة وهو التجند لمواجهة الوباء والعودة للتدابير الوقائية، والعودة إلى التلقيح خاصة بالنسبة لكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة الذين قد يؤثر عليهم بقوة الفيروس في حالة إصابتهم به خاصة وأن فصل الصيف يعرف أيضا موجة من الفيروسات الهوائية.
فالتلقيح- يضيف مهياوي- هو الذي أوقف موجات كوفيد 19 على المستوى العالمي وبالتالي فإن الوقاية أفضل من العلاج.
من جانبه أكد الدكتور محمد ملهاق، باحث في علم الفيروسات و بيولوجي سابق في مخابر التحاليل الطبية بأننا دخلنا في وتيرة متصاعدة في عدد المصابين بكوفيد 19 مؤخرا، وبرأيه فإن أسباب هذا التصاعد في الإصابات يفسر بعوامل خارجية وأخرى داخلية.
وأوضح المتحدث في تصريح "للنصر" أمس بأن العوامل الخارجية تتمثل في عودة الفيروس وخاصة المتحور الجديد في العديد من الدول التي لنا معها حركة بشرية واتصال مباشر على غرار فرنسا ودول أوربية أخرى وكذا دول الجوار، حيث يلاحظ انتشار المتحور بي.أ 5.
على المستوى الداخلي بعد الاستقرار الكبير الذي عرفته البلاد في الأشهر الأخيرة عادت وتيرة المصابين بكوفيد 19 إلى التصاعد لسببين، الأول وكما كان متوقعا وكما حصل في عدة دول حيث عاد المتحور الجديد لكوفيد 19 إلى الظهور مسجلا ارتفاعا في عدد الإصابات، لأن هناك أسبابا عملية تتعلق بالفيروس نفسه الذي من طبيعته التحول و التحور وهو ما قد يجعنا ندخل في موجة خامسة مستقبلا.
و العامل الثاني الذي أسهم في هذا التصاعد وهو حالة التراخي المسجلة عند المواطنين في الأشهر الأخيرة والابتعاد عن التدابير الوقائية والتلقيح.
وعن الحل لمواجهة موجة خامسة محتملة يرى الدكتور ملهاق أن الحل وقائي ويتمثل في العودة للتقيد بالإجراءات الوقائية واحترامها بشكل طوعي كمستوى أول، وعلى المستوى الثاني من الوقاية يجب توجيه الفئات الهشة من كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة نحو التلقيح، لأن كل الدراسات العلمية بينت أن اللقاح يحمي من الموت.
و خلص الدكتور ملهاق إلى أنه على ضوء التطورات الميدانية للفيروس يمكن اتخاذ إجراءات وتدابير أخرى من قبل السلطات المختصة.
وإذا كان كلا من البروفيسور مهياوي والدكتور ملهاق قد أكدا على أن وتيرة الإصابات متصاعدة وأن العودة للتدابير الوقائية ضرورية إلا أنهما يتفقان على أن الوضعية الحالية غير مقلقة وليست خطيرة، لكن الوقاية تبقى أفضل من العلاج في كل الحالات خاصة وأن الفيروس قد عاد إلى الانتشار بشكل كبير في العديد من دول العالم في الأسابيع الأخيرة.
لياس -ب