أكدت، رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، سليمة مسراتي أمس السبت، من قسنطينة، أنه لا يمكن تفهم مواقف بعض الإدارات التي مازالت متمسّكة بالخيارات التقليدية البعيدة عن الإبداع والابتكار، مما جعل من الموظف العمومي حبيس ثقل مسارات قديمة التي تعد بحسبها متغيرات تعزز من مقاومة التغيير، كما أبرزت أن المشرع قد منح صلاحية جديدة للهيئة، تتمثل في إصدار أوامر للمؤسسات العمومية التي تخل بالتزامتها في تنفيذ التوصيات المتعلقة باعتماد التدابير الواردة في أنظمة الشفافية.
وذكرت رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، سليمة مسراتي، في مداخلة لها في اللقاء الجهوي الموسوم "بالمواطن في صلب اهتمامات رئيس الجمهورية والشفافية أساس جودة الخدمة العمومية" الذي احتضنه النادي الجهوي للجيش بقسنطينة، بأنه لطالما شكلت الإدارة العامة مجال اهتمام الباحثين والمجتمعات المعرفية في كيفية تطويرها بغية مواكبة التطورات الحاصلة لاسيما في مرافقة الحاجيات المتزايدة للفرد والمجتمع والدولة إذ تعد من وسائل تحقيق التنمية والاستقرار في كنف العدل والعدالة الاجتماعية.
وأضافت، أن الإدارة العامة تعرف اليوم تطورا غير مسبوق من حيث أساليب عملها، حيث ترتكز على الإدارة الإلكترونية والرقمنة من جهة والاعتماد من جهة أخرى على نمط التسيير لموكلين والمفوضين لإدارة الشأن العام يعتمدون على أعلى مؤشرات النجاعة في تقديم الخدمات العمومية ذات الجودة، مبرزة أن الشفافية تعد مفهوما قيميا وأحد الأعمدة الأساسية في تعزيز الحكامة الجيدة المرتبطة بواجب الرفع من مستوى الأداء للحكومات.
وأكدت المتحدثة، بأن المتمعن في الدستور الجزائري، يقف على أنه قد أسس للعديد من المعايير المستحدثة، التي تسمح بتصميم منظومة حكم جديدة ترمي لبناء دولة الحق والقانون وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، فضلا عن بناء مؤسسات فعالة وتعمل على تعزيز الديمقراطية الاجتماعية التي هي من صميم اهتمامات الرئيس.
وتابعت، أن الوتيرة المتسارعة، التي شهدتها الجزائر في عملية اختيار القرارات الموافقة والمتطابقة مع المبادئ العامة، التي تم رسمها لاسيما في مجال أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الحكم الراشد، حيث كرست المؤسسة الدستورية مبدأ الشفافية كدعامة أساسية في تسيير الشأن العام قصد الارتقاء بمستوى الأداء لمصالح الدولة من خلال العديد من الآليات لاسيما الحق في الحصول على المعلومات وإشراك المجتمع المدني في تسيير الشأن العام وتعزيز الإدارة الإلكترونية.
وأكدت السيدة مسراتي، أن السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، قد تبنت العديد من المشاريع في إطار مهامها وصلاحيتها، لاسيما بعد ترقيتها كمؤسسة دستورية رقابية، حيث تم إطلاق أول استراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته برعاية من رئيس الجمهورية، إذ تشكل أحد الخطوط التوجيهية الرامية إلى ترسيخ مبدأ أخلقة الحياة العامة وتعزيز الحكم الراشد.
وتتكون الاستراتيجية، وفق رئيسة الهيئة، من 5 غايات و 17 هدفا استراتيجيا و 60 تدبيرا قابلة للتنفيذ ما بين فترة 2023 إلى غاية 2027، حيث تشكل هذه الاستراتيجية إطارا مرجعيا للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل المتابعة والتنفيذ، حيث تهدف الغاية الأولى إلى ضرورة تعزيز الشفافية وأخلقة الحياة العامة والتي توزعت على 4 أهداف وهي ترقية نزاهة الموظف العمومي والثانية تكريس الشفافية في تسيير الشؤون العمومية، أما الثالثة فهي تعزيز المساءلة في الشأن العام والرابعة تخفيف العبء الإداري.
ولفتت المتحدثة، إلى أن هذه الأهداف ترتكز على مقاربة تحقيق التنمية المستدامة، حيث سيكون لها الأثر في معالجة إشكالية تغيير سلوك الموظف العام ومن ثمة تحسين الخدمة العمومية المقدمة من خلال وضع قواعد مدونات السلوك وآليات الوقاية من وضعية تضارب المصالح وحالات التنافي وتشجيع التبليغ عن الفساد وكذا توفير البيانات والمعلومات والإحصائيات، مع إشراك المواطن والمجتمع المدني في تسيير الشأن العام وتعزيز الرقابة الداخلية والمتابعة والتقييم، فضلا عن نشر مختلف التقارير السنوية لمختلف الهيئات الإدارية العمومية.
وأكدت، المتدخلة، أنه يتم العمل على تحسين مرتبة الجزائر في ترتيب تصنيف الحوكمة العالمية، كما أبرزت أن المشرع قد منح صلاحية جديدة للهيئة، تتمثل مثلما صرحت، في إصدار أوامر بالنسبة للمؤسسات العمومية التي تخل بالتزامتها في تنفيذ التوصيات المتعلقة بوضع واعتماد التدابير الواردة بأنظمة الشفافية والمطابقة وذلك عملا بأحكام القانون 22/08، مضيفة أن الموضوع يقتضي إشراك مختلف الفاعلين من خبراء ومؤسسات التعليم العالي من أجل تبني مناهج ومقاربات عملية، مضيفة أنه لا يمكن تفهم بعض الإدارات التي مازالت متمسكة بالخيارات التقليدية البعيدة عن الإبداع والابتكار، مما جعل من الموظف العمومي حبيس ثقل المسارات القديمة التي هي في الأساس متغيرات تعزز من مقاومة التغيير.
لقمان/ق