أجمع باحثون جامعيون وأكاديميون، أمس الأحد، على أن الرئيس الراحل هواري بومدين يعتبر من عظماء الجزائر ومن بين أهم الشخصيات الهامة التي تركت بصمتها في تاريخ بلادنا، حيث «جمع بين الشخصية الثورية التي ساهمت في استقلال الجزائر في 1962 والشخصية السياسية التي وضعت دعائم الدولة القوية في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمستقلة في قراراتها ومواقفها السيادية».
وفي ندوة علمية نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، في مقره بالجزائر العاصمة، إحياء للذكرى الـ46 لوفاة هواري بومدين، أبرز المشاركون أن إحياء هذه الذكرى يكتسي أهمية كبيرة ويدخل في سياق المحافظة على الذاكرة الوطنية وتعريف الأجيال الحالية بالأبطال الذين أنجبتهم الجزائر على غرار هواري بومدين الذي كان نموذجا في حب الوطن والتفاني في خدمته، مشيدين بالإرث الغني من الأفكار والرؤى والمواقف التي تركها هذا الزعيم، الذي يحتفظ له الشعب الجزائري بشغفه الكبير بتحقيق الاستقلال وترسيخ قيم العدالة والكرامة، والدفاع عن المستضعفين في العالم أجمع.
وفي هذا الصدد أبرز المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد، في كلمته الافتتاحية أهمية استحضار المحطات البارزة في مسيرة الرئيس الراحل بومدين ونقل مآثره إلى أجيال الاستقلال، حفاظا على الذاكرة الوطنية.
وأكد السيد مجاهد بالمناسبة على ضرورة التعمق و التدقيق، في دراسة المسيرة النضالية الحافلة للرئيس بومدين، الذي تمكن بفضل حنكته من تقلد عدة مسؤوليات أثناء الثورة التحريرية المجيدة، منها قيادته لهيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني، مشيرا إلى أن حنكة الرجل وحضوره المميز في المحافل الدولية، مكنته من فرض احترامه على الصعيد الإقليمي والدولي، خاصة في ظل ثبات مواقفه المساندة للشعوب المضطهدة في نضالها من أجل التحرر و الانعتاق من الاستعمار وخاصة الشعبين الفلسطيني والصحراوي.
من جانبه، تطرق المدير العام للمكتبة الوطنية، منير بهادي، إلى الاستراتيجية التنموية، التي انتهجها الرئيس الراحل بومدين، سيما ما تعلق بالثورة الزراعية و تأثيراتها الاجتماعية و مجابهة إشكالية النزوح الريفي، مشيدا بالعناية الخاصة التي أولاها الرجل إلى تكوين العنصر البشري و العمل على الرفع من فعاليته وتشجيعه على المساهمة في مسيرة بناء الوطن.
كما أكد السيد بهادي أن بومدين كان قدوة في تفانيه في العمل و الوفاء لقيم ومبادئ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر وتشبعه بها وهو ما جعله يحرص على تحقيق الاستمرارية والوفاء لهذه القيم والمبادئ في تحقيق مشاريع الدولة الوطنية المعاصرة.
وأشار الأستاذ بهادي إلى أن الزعيم هواري بومدين تبنى في سياسته نفس الاستراتيجية التي تبناها
"نجم شمال إفريقيا" التي تؤكد على أهمية التمتع بالسيادة على القرار السياسي والاقتصادي، وأنه دَرَجَ أيضا على الوفاء للقيم والمبادئ التي غرستها الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، في ترجمة مشروعه النهضوي الوطني.
كما أشار المتدخل إلى أن الرئيس هواري بومدين حرص خلال فترة قصيرة من حكمه على إعادة تنظيم شؤون الدولة فكان أول من وضع قانون البلدية وأول مؤسس للديمقراطية التشاركية التي تتخطى النظم التقليدية التي كانت سائدة.
بدورهما قدم الأكاديميان، عبد السلام مخلوفي و عمار حوري، دراسة تحليلية للمخططات الوطنية التي اعتمدها الرئيس الراحل بومدين، مبرزين انعكاسات تلك البرامج على التنمية المحلية، إلى جانب إبراز أهمية القاعدة الصلبة التي شيدها بومدين وتخصيصه لأكبر قسط من ميزانية الدولة لهذا القطاع على حساب قطاعات أخرى. كما أسهب المتدخلان في الإشارة إلى مشاريع الرئيس بومدين التي وضعت دعائم الدولة القوية في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمستقلة في قراراتها ومواقفها السيادية.
وفي ذات السياق أكد الأستاذ حوري أن الرئيس بومدين كانت له نظرة استشرافية لما يجب أن يكون عليه مستقبل البلاد من خلال وضع أسس للتنمية المستدامة التي لا تختلف في العديد من عناصرها في مجالات عن تلك التي تدعو إليها منظمة الأمم المتحدة، سواء في ما يتعلق بالقضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية أو في تحقيق مبدأ الصحة والتعليم للجميع وغيرها.
كما أسهب الأستاذ الجامعي بن عبد القادر حجوجة، في استعراض آليات التجسيد الميداني لهذه المخططات التنموية، وتحديدا المخططات البلدية، داعيا الشباب إلى تعميق الدارسة في هذا المجال لاستخلاص العبر والتخطيط الأفضل للمستقبل.
كما تم بالمناسبة تقديم عدد من المحاضرات والمداخلات تمحورت حول أهم القرارات والسياسات التي انتهجها الرئيس الراحل وكذا تحليل خطاباته في مختلف المحافل الدولية، مع إبراز البعد الاجتماعي في مشروعه، و تم أيضا عرض شريط وثائقي أعدته وزارة الدفاع الوطني حول المسار الثوري والنضالي والسياسي للرئيس الراحل.
ع.أسابع