عزّز القانون الجديد للجمارك المعدل والمتمم الذي صدر أول أمس في آخر عدد من الجريدة الرسمية للجمهورية من المهمة الأمنية والاقتصادية لأعوان الجمارك تماشيا والمناخ الاقتصادي الجديد الذي تعرفه البلاد، كما تبنى المفاهيم والمعايير المعمول بها دوليا في هذا المجال، وبنشره في الجريدة الرسمية سيصبح هذا القانون ساري المفعول من الآن و يطبق على الجميع.
ويهدف النص الجديد الذي كان البرلمان بغرفتيه قد صادق عليه في الأسابيع الماضية إلى عصرنة وإصلاح إدارة الجمارك، وفقا لتوجيهات النموذج الاقتصادي الجديد، وكذا التحولات الجارية على المستوى الدولي، وقد تبنى المفاهيم المرسخة في الاتفاقيات الجمركية الدولية التي انضمت إليها الجزائر.
وقد دعم النص المهمة الأمنية لأعوان الجمارك، من خلال دعم النصوص المتعلقة بمكافحة التهريب بأنواعه سواء تعلق الأمر بالسلاح أو العملة الصعبة أو المواد الخطيرة، و كذا بالنسبة لتبييض الأموال و الاستيراد، و التصدير غير المشروعين، و كل تجارة تمس بالأمن العمومي، مثل المواد النووية و المشعة و المتفجرات.
وألزم القانون المعدل أعوان الجمارك بواجب التحفظ على أسرار مهنتهم، كما يجب عليهم الامتناع حتى خارج عملهم عن كل ما يتنافى مع مهامهم ويلتزمون كذلك بالحفاظ على السر المهني حتى بعد إنهاء مهامهم، كما حدد الفئات والجهات المعنية التي لها «حق الاطلاع» خاصة البنوك والمؤسسات المالية مع توسيع مجال تدخل إدارة الجمارك إلى جميع الأشخاص المؤهلين بالتصريح لديها إلى جانب الوكلاء لدى الجمارك.
وعليه يدعم القانون الأحكام المتعلقة بالرقابة في مجال إحضار ووضع البضائع لدى الجمارك، من خلال وضع آلية للتتبع في مجال النقل البحري، عبر الإلزام بتحديد هوية المرسل إليهم، وإدراج التصريح الموجز عن الطريق الالكتروني، إضافة إلى تحديد المسؤولية بين مستغل المستودع المؤقت والناقل خاصة في حالة سرقة أو ضياع البضائع.
أما في مجال إتلاف البضائع فقد نظم القانون الجديد ذلك وفق قاعدة قانونية على الجهات الوصية الالتزام بها، بعد الحصول على ترخيص من طرف القاضي على شكل أمر قضائي مع تحديد إجراءات تنفيذ هذا الأمر.
وحدد قانون الجمارك الجديد قائمة السلع التي يمكن نقلها على طول الساحل، والنقل من مركبة إلى أخرى، كما حدد قائمة البضائع التي يمكنها المكوث في المستودع بما فيها المستوردة من طرف غير المقيمين مع الترخيص لإجراء عمليات وضع الوسم على البضائع داخل المستودعات والتي ينبغي أن تكون لـ «حاجة اقتصادية حقيقية» ، وحدد أجل ستة أشهر لمنح «رفع اليد» على الكفالة الموضوعة على مستوى مصالح الجمارك، وكيفيات حساب فوائد القرض المنصوص عليه في قانون الجمارك كضمان لرفع البضاعة في حالة الوضع للاستهلاك مع التكفل بحالات اللجوء إلى المخابر المختصة.
وبخصوص دفع الرسوم والمستحقات الجمركية ينص القانون على إمكانية دفع المبالغ المستحقة إلى إدارة الجمارك نقدا أو بأية وسيلة دفع أخرى مع تحديد آجال الدفع وتقدير فوائد التأخير في حالة انقضاء هذه الآجال.
وبالنسبة للمسافرين يلزمهم القانون بالتصريح بوسائل الدفع المحررة بالعملة الأجنبية مقابل منح إدارة الجمارك إمكانية إجراء رقابة انتقائية للمسافرين باستغلال قواعد البيانات.
واستحدث قانون الجمارك المعدل التصريح الإلكتروني بدلا عن الاستعمال اليدوي الحالي، وخصص نص القانون مجالا معتبرا للمنازعات الجمركية انطلاقا من مراجعة تعريف «الجريمة الجمركية»، و تبعا لذلك تم اعتماد «مسؤولية الشخص المعنوي» نظرا لاعتماد هذا المفهوم في القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات، وإعادة تحديد مسؤولية الوكلاء لدى الجمارك، والكفالة، وربان السفن وربان الطائرات ومسؤولية إدارة الجمارك حول التعويض على وضعيات الحجز غير المؤسس.
وفي ذات السياق، أدرج مفهوم «التواطؤ» ضمن المخالفات الجمركية، وأعاد تصنيف بعض المخالفات حسب درجة خطورتها، وتسقيف مبالغ بعض الغرامات، مع توسيع طرق إثبات الجرائم إلى وسائل القانون العام الأخير، بما فيها «وسائل الإثبات الالكتروني» وإثراء بيانات محاضر الحجز والمعاينة. وفي شق آخر مهم، وسع القانون من اشتراط الضمانات على الأجانب وغير المقيمين، لتشمل المخالفات الجمركية على غرار الجنح، ودعم سلطات أعوان الجمارك في مجال تبليغ دعاوى المتابعة للجرائم الجمركية، خارجيا منح هذا النص إدارة الجمارك إمكانية إبرام اتفاقيات تعاون مع المتدخلين في سلسلة الإمداد للتجارة الدولية الذين يمارسون نشاطهم في ىالجزائر قصد تحسين المراقبة الجمركية مع إلزام إدارة الجمارك بتقديم المعلومات التي تحوزها في مجال التجارة الخارجية إلى المصالح المعنية.
وسبق لوزير المالية حاجي بابا عمي أن أكد خلال عرض ومناقشة هذا القانون أمام أعضاء البرلمان أنه يرمي إلى عصرنة إدارة الجمارك وهياكلها، حتى تستجيب للمتطلبات الاقتصادية التي يفرضها المحط الدولي الحالي، والنموذج الاقتصادي الجديد الذي اعتمدته الحكومة.
إ ـ ب