•الاعتماد على النماذج الفرنسية أضر بالمنظومة التربوية
رافع أساتذة وباحثون أول أمس، من أجل الإعتماد على الكفاءات الجزائرية الموجودة في وضع إصلاحات فعالة وناجعة للمنظومة التربوية و بلوغ أهداف ترقية المستوى والتجسيد الفعلي لإستراتيجية المقاربة بالكفاءات، خاصة في الطور الثانوي الذي ينتهي بالبكالوريا.
عرضت الأستاذة الباحثة قندوز بن عمر نعيمة، أول أمس بكراسك وهران، كتابا جديدا أشرفت عليه، بمعية مجموعة من الأساتذة والباحثين، يتضمن نتائج بحث جماعي بعنوان «البكالوريا في الجزائر وتقييم المهارات، حالة اللغة الفرنسية كلغة أجنبية»، ودعا الكتاب و الأساتذة والباحثون الحاضرون في الجلسة، أن يجسد إصلاح المنظومة التربوية الجزائرية، بالاعتماد على الكفاءات الوطنية المتخصصة في الميدان والمستعدة للمشاركة في إيجاد الحلول التي قدمت بشأنها عدة مرات، مقترحات نابعة من دراسات وأبحاث ميدانية.
و أشاروا إلى عدم نجاعة الإصلاحات الماضية لأن المشاركين فيها ، حسبهم، أغلبهم لم تكن لديهم القدرة والكفاءة المطلوبة، منتقدين في الوقت نفسه، اعتماد وزارة التربية في كل مرة ، على النماذج الأجنبية ، خاصة الفرنسية لتطبيقها في الواقع الجزائري و مشددين على ضرورة أن توكل مهمة إعداد نموذج تربوي جزائري لجزائريين.
وأوضحت الأستاذة الباحثة نعيمة بن عمر، أن المؤلف هو حوصلة لتقييم وضعية مستوى تلاميذ البكالوريا من خلال أوراق الامتحانات، وأنه لم يتم التطرق لجوانب أخرى، لها دور أيضا في التأثير على قيمة هذه الشهادة و كفاءة التلاميذ، مثل تكوين المكونين وإرساء إصلاحات تصب في مجرى إستراتيجية المقاربة بالكفاءات، وكانت الإشكالية تتمحور حول كيف يمكن أن تكون البكالوريا شهادة للمصادقة على الكفاءة العلمية للتلميذ، وليس فقط تأكيد مجموعة المعارف التي تلقاها خلال مشواره الدراسي والتي غالبا ما تعتمد على الحفظ وليس على تطوير التفكير وإبراز القدرات.
ولم يكتف الباحثون بالاعتماد على الوثائق التي تم جمعها من أجل البحث، لكنهم أنجزوا عملا ميدانيا شمل مختلف الفاعلين منهم طلبة السنة أولى جامعي، و أساتذة ، خاصة في مراكز التصحيح وهذا بعد الحصول على ترخيص من وزارة التربية الوطنية.
وأبرزت المتحدثة، أنها لاحظت أن الطلبة الجدد الذين يلتحقون بالجامعة لديهم مشاكل في اللغة الفرنسية ، رغم أن علاماتهم في هذه اللغة في البكالوريا قد تتعدى 14 من 20، لكن الطالب لا يتقن لا كتابة ولا نطق ولا التعبير بالفرنسية، التي تمحور حولها البحث وموضوع الكتاب الجديد، مما يطرح عدة تساؤلات منها «هل يتم تقييم الكفاءات أو المعارف في امتحان البكالوريا؟ هل برامج التعليم الثانوي تساعد التلاميذ على اكتساب المهارات الضرورية والمفيدة للدراسات الجامعية؟».
من جهتها، قالت الأستاذة حميدو المشاركة في المؤلف، أن النقائص متعددة وكثيرة في قطاع التربية الوطنية، و هي نتيجة تراكمات و السياسات التربوية المتعاقبة، حيث أن عشرية الإرهاب وتفشي ظاهرة الغش ساهما بشكل كبير في تدني المستوى وفقدان البكالوريا لقيمتها العلمية، والنتيجة مجسدة في الجامعة التي تشهد توافدا كبيرا للطلبة كل سنة ، لكن دون معارف علمية أو كفاءات، مضيفة أن المعرفة هي أساس الكفاءة وهذه الأخيرة هي التي تعكس مدى اكتساب التلميذ للمعارف، وأجمع الأساتذة المتدخلون في النقاش، أن الطلبة اليوم أصبحوا يفتقدون حتى للرصيد المعرفي وبالتالي أضحى البحث عن الكفاءات أمرا صعبا.
وبخصوص تفسير ظاهرة ضعف تلاميذ الجنوب في مادة اللغة الفرنسية، أوضحت الباحثتان قندوز بن عمر وحميدو، أن الأمر يتطلب الدراسة و البحث العلمي، فلا يمكن حاليا سوى طرح بعض الفرضيات، مثل احتمال أن يكون المشكل في الذهنيات على أساس أنها لغة المستعمر، أو قلة المؤطرين أو نفور التلاميذ أو غيرها من الأمور التي جعلت أبناء الجنوب يفتقدون لمستوى مقبول في اللغة الفرنسية، رغم أن الوضع لا يختلف كثيرا في الشمال.
كما طرح الحاضرون في جلسة عرض الكتاب الجديد، نماذج من النظم التربوية في بلدان غربية قلصت من حجم المواد المدرسة لصالح فترات للرياضة و الألعاب وممارسة الهوايات، وهي النظم الأكثر نجاحا في العالم، رغم ذلك فضل الحاضرون بأن يكون إصلاح المنظومة التربوية جزائريا.
للتذكير، فإن إصدار الكتاب الجديد الذي هو من منشورات مركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية كراسك وهران، يتزامن مع الحركية التي تشهدها مختلف دول العالم لتقييم نجاعة النظم التربوية، مقارنة بالمهارات الفعلية للتلاميذ في نهاية مسارهم الدراسي.
بن ودان خيرة