الدكتور عبد الله ملولي - أستاذ الإعلام وتكنولوجيا الاتصال الحديثة بجامعة سطيف 2 -
عرف مطلع العقد الثالث من الألفية الثالثة العديد من الكوارث والأزمات الطبيعية والإنسانية على غرار وباء كورونا المستجد أو كوفيد-19، الحرائق، الزلالزل إضافة إلى العديد من النزاعات المسلحة والتفجيرات نذكر منها تفجيرات لبنان على سبيل الذّكر، حيث تحلينا هذه الأحداث المؤسفة التي خلّفت العديد من الضحايا والخسائر المادية إلى طرح التّساؤل المحوري المرتكز حول الدور الفعّال لكلّ من الحكومات، النخبّة في تسيير هذه الأزمات والكوارث إضافة إلى التنبؤ بها بغية الحدّ منها إضافة إلى دور كلّ من مؤسّسات المجتمع المدني في بلورة وصقل سلوك المواطن بما يتماشى وروح المسؤولية الاجتماعية.
إحساس المواطن بوجود مؤسّسات الدّولة يعتبر أمرا ضروريا في تسيير الأزمات.
فعلى الصّعيد الحكومي؛ يجسّد نزول الدّولة بجميع ما يمثّلها من أجهزة إلى الميدان وإحساس المواطن بمؤشّرات ذلك من بين أبرز العوامل المساهمة على دعم الاستقرار في الاجتماعي خاصة أثناء الكوارث الطّبيعية والأزمات الإنسانية. كما يعتبر توفير كلّ من الإمكانات المادية والبشرية من كوادر متخصصة وغيرها، إضافة إلى الدّعائم التكنولوجية من بين أبرز العوامل المساعدة على الخروج التّدريجي من هذه الأزمات وامتصاص آثارها الحادة. وفي السيّاق ذاته يحيلنا الأمر إلى وجوب الإشارة إلى ضرورة انتهاج وتطبيق قوانين صارمة على غرار الغرامات المالية وعقوبات أخرى من شأنها أن تعمل على ضمان الأمن والسير الحسن لمختلف الوحدات الاجتماعية كلّ حسب وظيفته واختصاصه.
ويجسّد إحساس المواطن بالمساواة والعدالة خاصة أثناء تطبيق القوانين من بين أبرز العوامل التي من شأنها أن تعمل على تجاسر بوادر النظام ومؤشّرات حضور الدّولة مع ثقة المواطن في مختلف الحكومة بأجهزتها المتنوّعة.
الاتّصال الحكومي الفعّال حلقة الوصل بين الحكومة والمواطن
وعلى الصعيد الاتصالي يجسّد كلّ من بناء، انتهاج وتبنّي نموذج للاتصال الحكومي الفعّال والذي يعمل بدوره على إزالة الفوارق بين المسؤول الحكومي على والمواطن أحد أهم الآليات التي من شأنها أن تعمل على تسهيل التّدفق والتنفيذ السّلس لمختلف البرامج الحكومية وتحقيق أعلى درجات النّظام إضافة إلى سد الفجوات المعرفية والإخبارية للمواطن بما يتماشى مع تحقيق الاستقرار في المجتمع.
بين المسؤولية الاجتماعية للنّخبة ودور المجتمع المدني
وفي السياق ذاته تجدر الإشارة إلى أنّ للنّخبة دورا أساسيا ومسؤولية اجتماعية في الحفاظ على سلامة المواطن بالرّغم من مستواه الثّقافي أو الفكري، حيث يحيلنا ذلك إلى الحديث على سبيل المثال حول دور مراكز والمخابر البحثية كلّ حسب اختصاصه إلى تحليل المنظومة الاجتماعية وتقديم رؤى واضحة من شأنها أن تعمل على مساعدة هيئات صنع القرار في اتخاذ التّدابير اللاّزمة.
وفي خضم الحديث عن الكوارث الطّبيعية شهد الشّرق الجزائري حوالي ثلاثة زلازل متتالية مختلفة الشّدة في ظرف ثلاثة أشهر دون احتساب الهزّات الارتدادية ممّا قد يحيلنا إلى ضرورة طرح التساؤل المتمركز حول دور النخبة والمؤسسات المتخصصة في الجيولوجيا والأرصاد الجوية في التنبؤ بمثل هذه الكوارث وتنبيه المواطن لاتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللاّزمة والتي من شأنها أن تعمل على زيادة مستويات الأمن والسّلامة في المجتمع. أم أنّ الأمر قد يتعدّى إمكاناتهم وقدراتهم الفردية البحثية والفكرية والذي قد يعود إلى القطيعة التكنولوجية ووجود العديد من النقائص.
ومن جهة أخرى يترتب على عاتق مؤسّسات المجتمع المدني على مختلف صفاتها وأشكالها مسؤولية كبيرة في تحقيق دور الوسيط بين كلّ من الحكومة والمواطن بما يضمن الاستقرار وعدم الفوضى في المجتمع، والتّوجه نحو المزيد من العمل الدّؤوب الذي من شأنه أن يعمل على الارتقاء بسلوك الفرد داخل المجتمع وتعزيز تصرّفاته بما يتماشى مع الرّكب الحضاري والتّقدم التكنولوجي. كما تعتبر ضرورة تنوير المواطن بمختلف القضايا والأحداث وتوصيل انشغالاته والنّقائص التي يعاني منها إضافة إلى توجيه سلوكه حسب مقتضيات الظّروف والأحداث من بين أبرز المسؤوليات التي تترتبّ على عاتق مؤسّسات المجتمع المدني.
قيم المواطنة وتخطي الأزمة
علاوة على ذلك يعتبر المواطن حجر الأساس في المنظومة المجتمعية واللّبنة الأولى التي تقوم عليها مختلف الدّول والحكومات، وفي سياق الحديث على الكوارث الطبيعية على غرار وباء الكوفيد-19 والزلازل التي شهدتها بعض ولايات الشّرق الجزائري يجب على بعض المواطنين التّحلي بروح المسؤولية والنّهل من قيم المواطنة القائمة على الاحترام المتبادل إضافة إلى الالتزام قدر المستطاع بجلّ الإجراءات الصّحية والتّدابير الوقائية والابتعاد قدر الإمكان عن التّجمعات والتجمهر والحفاظ على الأبعاد والمسافات الاجتماعية بما يتماشى مع ضمان سلامتهم وسلامة عائلاتهم وبصفة خاصة الطّبقات الهزيلة في المجتمع.