رحل أوّل أمس بفرنسا، الكاتب و المفكّر الإيكولوجي و الباحث، الفرانكو جزائري بيار رابحي، عن عمر ناهز 83 عاما.
الراحل مخترع وعالم زراعة و فيلسوف وناشط بيئي فرنسي، من أصول جزائرية، من مواليد 29 ماي 1938 بالقنادسة، ولاية بشار.
والاسم الأصلي لـبيار رابحي، هو رابح رابحي، فهو ابن عائلة مسلمة، كانت تقطن في القنادسة ببشار، و كان والده رجلاً فقيراً، مارس مهنة الحدادة، لتوفير قوت عائلته.
و بعد وفاة أمه، عهد والده بتربيته إلى عائلة فرنسية، وهو لم يبلغ بعد الخامسة من عمره، وهكذا حصل على تعليم فرنسي تضمّن تربية مسيحية، و تمّ اِختيار «بيار» اِسمًا له، بدل «رابح» اِسمه الأصلي.
ومن القنادسة اِنتقلت العائلة الأوروبية، رفقة ابنها بالتبنّي، إلى مدينة وهران، ثمِ اِستقرّت نهائياً في فرنسا، بعد مغادرتها الجزائر في سنة 1954.
يُعتبر رابحي أحد أبرز المتخصّصين في ميداني البيئة والزراعة، و قد جمع بين البحث العلمي والكتابة الأدبية.
و في سنة 1988، أصبح رابحي خبيراً دوليّاً في مجال الأمن الغذائي و مكافحة التصحّر، تحت رعاية الأمم المتحدة، وأصبح يُشارك بخبراته في البلدان الإفريقية، التي تتميّز بشحّ مواردها الفلاحية، في سعي منه لمساعدة شعوب دول العالم الفقيرة، على تأمين غذائها، وسرعان ما طُبّقت مفاهيمه النظرية في مجالي الزراعة البيولوجية والإيكولوجيا، في مجموعة من البلدان الإفريقية، منها مالي والنيجر وبوركينا فاسو. كما شارك في صياغة اِتفاقية الأُمم المتحدة في مواجهة ظاهرة التصحّر، علاوةً على كونه أحد المؤسّسين لـ"حركة الأرض والإنسانية"، وهو إلى جانب كلّ ذلك، الأب الروحي و مُؤسس مبدأ الزراعة البيئية في فرنسا و بلدان غرب إفريقيا، فهو من كبار الخبراء الدّوليين في هذا المجال.
و يطلق عليه الوسط الثقافي الفرنسي، أوصافاً مختلفة، منها الكاتب والمفكر والخبير والمزارع والمخترع والفيلسوف.
و يحمل أحد الشوارع الفرنسية اِسمه، وأيضا تُسمّى باِسمه إحدى الحدائق الفرنسية التي قام فيها ببعض تجاربه الزراعية.
يحظى رابحي بشهرة واسعة، وقد تمّ ترشيحه من طرف الفرنسيين لنيل جائزة نوبل للسلام، أكثر من مرة.
اِخترع الراحل، الكثير من الأجهزة المفيدة للزراعيين والفلاحة ونشط في محاربة التصحر وتحسين الطُرق الزراعية
و الزراعة العضوية و البيولوجية، وكان عضواً في الكثير من مراكز ومعاهد البحث.
وله العديد من المؤلفات والرسائل والبحوث الجامعية و التقريرات، ونشر أعمالاً روائية
و بيوغرافية، ومن بين مؤلفاته «الإيكولوجيا والروحانيات»، «تقارب الوعي»، وغيرهما من العناوين التي تتجاوز 20 كتابا، أغلبها في الزراعة البيئية و الفلسفة.
كُرِم رابحي و حصل على الكثير من الجوائز والأوسمة، من فرنسا و دول أوروبية أخرى، و من أمريكا و كندا و اليابان نظير نشاطاته و اختراعاته و أبحاثه و مؤلفاته.
نـوّارة/ ل