تكرّس ريشتها لرسم معاناة المشردين و الفئات المحرومة في المجتمع
جعلت من موهبتها وسيلة للتوثيق الاجتماعي، و اختارت من عالم المتسوّلين و مشردي الشوارع محاور للوحاتها الفنية المتميّزة التي تضطر مشاهدها إلى قراءة ما وراء الصورة بكل تأثر، إنها الفنانة التشكيلية الشابة نعيمة مديني التي اختارت من الخطوط و الألوان ما يعكس مأساة فئة المحرومين و المشردين بشوارع الجزائر.
و تقول الفنانة البالغة من العمر 27سنة بأنها تستوحي لوحاتها من الواقع و تعمل على جمع المعلومات و التقاط صور فوتوغرافية قبل تجسيد أي لوحة لمشهد يثير اهتمامها بالشارع، لأنها ترفض تقديم صورة تتوّفر فيها الخصائص الفنية دون الإنسانية، بل تحرص على أن تجعل المشاهد يرى الحياة بعيون هؤلاء المشردين ممن اختارتهم محورا لأعمالها الفنية التي تزيد عن الأربعين لوحة لخصت في مجملها التناقضات التي يعيشها المجتمع الجزائري في ظل تضاعف عدد الفقراء و المشردين حسبها.
كما كان للأطفال و الشيوخ حظا أكبر في لوحاتها، لإيمانها بحاجة هذين الفئتين إلى الرعاية و التكفل أكثر من غيرهم، فرسمتهم في مختلف المواقف و الوضعيات المعبّرة عن البؤس و الحزن و المعاناة، كاشفة عن وجه مرعب لشوارعنا التي تأوي عشرات الأشخاص من دون مأوى.
الفنانة أسرت للنصر بأنها منذ اكتشفت موهبتها و جسدت أول بورتريه و عمرها لم يتجاوز السادسة عشر، حملت هم المجتمع الذي كان الموضوع الغالب في رسوماتها التي تدخل ضمن المدرسة الواقعية، متأثرة بالتشكيلي العالمي «جون كاسن» و بعض أساتذتها بمعهد الفنون الجميلة بمستغانم و على رأسهم سفيان داي و عامر الهاشمي، فقرّرت تكريس رشاتها لنقل مأساة الفئة الهشة في المجتمع و أخذت ترسم أبعد من حدود الصورة التي تلتقطها بغرض عدم تفويت أي تفصيل مهما كان دقيقا، لتجسّد بريشتها وجع و معاناة أشخاص يحلمون بسقف بعد أن أدارت الحياة لهم ظهرها، و حملتهم الظرف القاسية إلى افتراش الأرض و المبيت في العراء. تقول نعيمة أن قلبها ينفطر لرؤية أطفال ينامون على الرصيف دون غطاء يحميهم من البرد القارس و لا ظل يأويهم من لسعات الحر الشديد:»لوحاتي في الواقع تعكس حزني لعدم قدرتي على تقديم يد المساعدة لهذه الفئة، و هي أيضا محاولة للفت الانتباه لها» تضيف الرسامة الرقيقة و هي تؤكد تمسكها بريشتها أكثر من أي وقت مضى لسرد قصص أشخاص من الواقع.
و قد سبق للفنانة المشاركة في عدة صالونات و معارض فنية، بالكثير من مناطق الوطن، و تطمح مديني إلى فتح ورشة فنية وفضاء عرض شخصي، تخصصه لنقل معاناة المشردين و التوثيق على طريقتها لمآسي مختلف الفئات المحرومة في المجتمع.
مريم/ب