استعاد أمس، المتحف الولائي للمجاهدين بقسنطينة، في ذكرى يوم الفنان، نضال فنانين ومثقفين جزائريين جعلوا من أعمالهم سلاحا أشهروه في وجه الاحتلال الفرنسي، وكانت هذه المناسبة فرصة التقى فيها مبدعون من المدينة أكدوا على الدور المهم للفن في الحفاظ على الذاكرة و تقدير الدور الذي لعبه هذا النوع من النضال في مسار التحرر.
وافتتحت الفعالية بزيارة القاعة المتحفية، ومعرض الكتاب المقام ببهو المتحف، لتنطلق بعدها ندوة تاريخية بقاعة محاضرات المتحف، تطرق خلالها متدخلون للموروث التراثي الجزائري الذي أصبح أيقونة ثورية تجوب العالم، ينقل فنانون من خلاله قصص كفاح الشعب، ورسائل عن التضحية في سبيل الوطن.
وقال الأستاذ يوسف عابد في مداخلته، إن الأغنية الشعبية كانت خلال فترة الاحتلال الفرنسي لغة تواصل بين أفراد المجتمع، باحت بآلامه وأعطت صورة عن نمط حياته، وكيفية ممارسته للحياة، وذكر بأن فنان الأغنية الشعبية بصدقه وتلقائيته تحدث عن الأسرة، ووصف أسفاره التي تطرق من خلالها لمختلف المناطق الجزائرية، كما وُجدت أيضا في الأناشيد الوطنية تشعل الحماسة وتشحذ الهمم، وهي بحسبه، شكل أدبي بسيط العبارات والكلمات لكنه قوي من ناحية المدلولات ونافذ في النفوس.
وعقب الأستاذ، بأنه يجب الوقوف بعقلانية أمام رسالة الأغنية الشعبية والمضمون الرئيسي للفعل الثقافي، للتمكن من تقييم سلوك المثقفين من خلال إسهاماتهم الثقافية التي طبعت مختلف المراحل التاريخية. كما أفاد عابد، بأن الفنان علي معاشي هو واحد من بين عشرات الفنانين الجزائريين الآخرين الذين خدموا الفن التراثي في الجزائر، وحملوا على عاتقهم مسؤولية صياغة النصوص التاريخية في أفعال وممارسات.
أما الفنان أحمد بن يحيى، فقد اعتبر التماثيل الثورية التي تجسد شخصيات المجاهدين رمزا حضاريا يجب إتقانه لإعطاء المنحوتات قيمتها الحقيقية، خصوصا وأن للفن دورا في نقل هذه الشخصيات والتعريف بها عبر العالم، وقال إن جامعتي «كاليفورنيا» و»يال» نظمتا ملتقى لدراسة شخصية الشهيد زيغود يوسف ومساره التاريخي، في الذكرى المئوية لميلاده من خلال تمثاله الذي قام الفنان بنحته سنة 1968، معتمدا في تجسيد تفاصيله على ما سردته عليه زوجته وأصدقائه المجاهدون. وفي حديثه عن رسالة الفن السينمائي، أوضح مخرج المسلسل التاريخي السويقة، الذي عُرض شهر رمضان المنصرم، عبد الحق مهدي، بأن الأفلام التاريخية بدورها ناقلة للثقافة الجزائرية، كما تحيي أحداثها العادات والتقاليد، وتبرز قوة الشعب رغم الآلام والصعوبات التي عانى منها، وأكد مهدي في هذا السياق، على أهمية إنتاج أعمال تلفزيونية متكاملة فنيا من ناحية الديكور، واللباس لأن الصورة،وفقا له، تملك تأثيرا كبيرا في جانب إضفاء الواقعية على العمل.
وتطرق أيضا، لضرورة ترميم المدن التاريخية والحفاظ عليها على غرار «السويقة» بقسنطينة، واستغلالها في تصوير الأعمال التلفزيونية التاريخية، وأفاد بأن إيجاد منزل عتيق مايزال يحافظ على التفاصيل القديمة من بين الصعوبات التي واجهتهم أثناء تصوير المسلسل.
والموروث الثقافي هو حزمة مرتبطة ببعضها، بحسب وصف مصمم الأزياء التقليدية فؤاد عزي، الذي قال إن انتزاعه هو أمر عجز عنه الاحتلال الذي كان هدفه حرمان الجزائري من هويته وثقافته.
كما أفاد، بأن اللباس التقليدي هو صورة للمجتمع و رسالة متنقلة، ورجع بذاكرته إلى والده الذي كان يصر في كل زياراته إلى فرنسا على ارتداء زي أسود، دلالة على القضية الكبيرة التي يحملها وهو المجاهد بداخله.
كما كشف عزي، عن مجهودات تُبذل بمعية وزارة السياحة والصناعة التقليدية، لإعادة اللباس الرجالي التقليدي الجزائري إلى الواجهة خلال السنوات القادمة.
إيناس كبير