يجسّد الفيلم الوثائقي «شعر بين الأصابع»، مسيرة عمي «عمر سواعي»، الحلاق الشهير في مدينة تبسة، الذي ورث مهنة الحلاقة عن والده، أين يعود المحل الذي يعمل فيه إلى ستينيات القرن الماضي، ويشغله هو منذ 44 سنة، مما حوله إلى مكان ذو طابع خاص في المدينة رغم ضيق مساحته.
الوثائقي من إخراج نورالدين عون، صوره عون عبد الحكيم، وتم إنتاجه خلال السنة الجارية، تدور أحداثه داخل محل الحلاقة الذي يحمل نفس عنوان الوثائقي، ورغم المساحة الصغيرة للمكان إلا أن حكايات كثيرة تدور داخله، وهو ما حاول المخرج أن يبينه في العمل الذي تميز بدقة عالية في التصوير.
وقد أوضح صاحب العمل، أن الوثائقي يهدف لتبيان الجوانب الإنسانية لبعض المهن، التي رغم بساطاتها إلا أنها تحمل دائما بعدا عميقا يعكس العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، وهو ما يظهر من خلال تعامل عمي عمر الحلاق مع زبائنه، ففي محله تروى الكثير من الحكايات والتجارب، وتبرز قيمة الحرفة التقليدية كمصدر للتواصل الاجتماعي والثقافي في تبسة، مضيفا أن “شعر بين الأصابع”، لا يركز على فكرة الحلاقة كحرفة، بل يعكس أهمية الأماكن الصغيرة ذات التاريخ في تعزيز العلاقات الاجتماعية في المدن، وذلك لأنها تحمل ذكريات كثيرة.
وقال المخرج، بأن اختياره للموضوع، نابع من رغبته في توثيق جانب من هذه الذاكرة التي تختزنها جدران محلات الحرفيين القديمة، التي يعتبرها ديكورا أساسيا في مدننا اليوم رغم التطور، وأشار إلى أنه يسابق الوقت ليصور أكبر قدر من القصص قبل أن تطوى صفحاتها بفعل تراجع هذه الأنشطة و توالي غلق المحلات الصغيرة ذات الأنشطة البسيطة مثل محل الحلاق.مضيفا، بأن الوثائقي تكريم هؤلاء الرجال الذين ظلوا أوفياء لحرفهم و محاولة لتشجيعهم على الصمود في وجه رياح التغيير العاتية، مؤكدا أنه يسعى للمشاركة بفيلمه في عديد التظاهرات حتى يشاهده أكبر عدد من الناس، وقد سبق له أن عرض العمل خلال الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير” سيني تيفاست” أين حظي بالثناء خصوصا وأنه من الأعمال التسجيلية القليلة التي عرضت خلال الحدث السينمائي الأخير، وتكمن قيمة الوثائقي في الواقعية التي يقدمها وفي جودة التصوير.ويأمل المخرج، في العمل على مشاريع أخرى تكون ذات تأثير في المجتمع، حيث يفكر في العمل على وثائقيات بيئية لأجل التوعية وذلك في حال حصل على تمويل مناسب لمشاريعه، فيما يركز حاليا على الترويج أكثر لوثائقي “ شعر بين الأصابع”، في محالة لبثه على قنوات تلفزيونية، خصوصا وأن عمّي عمر، عاش لحظة فارقة في حياته، عندما صعد إلى المنصة، بعد عرض الفيلم الوثائقي الذي يحكي قصته خلال أيام تبسة للسينما، وهو ما يعين الكثير للمخرج كما قال، ويترجم القيمة الإنسانية للفيلم الذي يكرم الإرادة و العطاء قبل كل شيء.
عبد العزيز نصيب
