أصدرت أول أمس الثلاثاء 26 جانفي، محكمة جنح الخليفة بمجمع محاكم زينهم بالقاهرة، حكما على الكاتبة والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت، بالحبس لمدة 3 سنوات وغرامة تقدر بــ20 ألف جنيه، وهذا بتهمة ازدراء الدين. وتعود القضية إلى أيام قليلة قبل عيد الأضحى المبارك السنة الماضية، إذ كتبت الشاعرة ناعوت على جدارها الفيسبوكي، فقرة من بضعة أسطر ترثي فيها الخرفان التي تُنحر كل عام مع كل عيد أضحى، معتبره الأمر مذبحة حقيقية من طرف المسلمين، وهذا ما حرك ضدها دعوة المحاكمة، وقد جاء في نصها كلاما اعتبرته نيابة السيدة زينب بالقاهرة تطاولا على الدين، وهذا ما جعل مستشار نيابة السيدة زينب أحمد الأبرق، يحيل الشاعرة وقضيتها إلى محكمة الجُنح، بتهمة ارتكاب جريمة ازدراء الإسلام والسخرية من شعائره الإسلامية، وتحديدا شريعة إسلامية مقدسة عند المسلمين في كافة بقاع العالم، هي «الأضحية».
ومما كتبته ناعوت على جدارها: «بعد برهة تُساق ملايين الكائنات البريئة لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف ويكررها كل عام وهو يبتسم، مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح، ورغم أن الكابوس مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآله، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسي».
الشاعرة ناعوت استنكرت التهمة ونفت أمام النيابة، أن يكون هدفها هو ازدراء الدين، موضحة أن تناولها القضية غير مخالف للشريعة الإسلامية، وأكدت أن ذبح الأضحية يعد نوعًا من الأذى الذي يحمل «استعارة مكنية»، وأن ذلك كان على سبيل الدعابة.
ناعوت وبعد صدور الحكم عليها، كتبت على صفحتها على موقع فيسبوك: «شكرًا قضاء مصر الطيبة، شكرًا لثورتين عظيمتين وضعتا مصر على طريق التنوير. وشكرًا لمن يرفعون ضدنا قضايا ويتهموننا بازدراء الدين وهم يخطئون في كتابة اسم لفظ الجلالة!، (ثلاث سنوات سجن وغرامة مالية مقابل بوست على فيس بوك)، شكرًا للجميع».
ناعوت التي لاقت تضامنا واسعا من الكتاب والأدباء من مصر وخارج مصر، قالت أيضا: «لست حزينة بسبب حكم الحبس ضدي بسبب بوست على فيس بوك. فالكتّاب أمثالنا عائشون في سجن طوعيّ طوال أعمارهم، مسجونون بين دفّات الكتب، محبوسون بين أسوار عوالم افتراضية مع أموات من المبدعين والفنانين قضوا نحبهم قبل قرون. لست حزينة لحكم الحبس الذي صدر ضدي فقد حققتُ تقريبًا كل أحلامي في الحياة، أصدرت عشرات الكتب، وأنجبت ولدين كبرا وأصبحا شابين جميلين، السجن لا يُرعبني ما دام معي حفنة من كتب وحقول من خيال، وخلال سجني ستتاح لي فرصة أكبر للتأمل والكتابة والإبداع، ما يحزنني حقًا هو هدر قرون من التنوير وإحباط أعمال حملة مشاعل كبار أضاءوا العالم بنورهم ودفعوا أعمارهم من أجل صالح البشرية منذ القرن الثاني عشر، وحتى الأمس القريب. ما يحزنني هو ثورتان عظيمتان أخفقتا أن تضعا مصر على طريق التنوير. ما يحزنني حقًا أن النور الذي كنتُ أراه في نهاية النفق وأدعو قرائي أن يروه معي، غلّلته اليوم غيومٌ وضباب».
نوّارة/ ل