لا منابر للشعر و لا جمهور له
تذوق الشاب نبيل مجوج، ابن مدينة زغاية بولاية ميلة، الشعر منذ كان مراهقا يستمتع بقراءة قصائد المتنبي و عنترة بن شداد و غيرهما، و تعلق به أكثر و هو في العشرينات من عمره، أثناء دراساته الجامعية، و دخل مجال الكتابة بمحاولات بسيطة سرعان ما تحولت إلى أبيات وقصائد صقلها حبه و تأثره بفطاحلة الشعر العربي، وإصراره على تسجيل بصمته في هذا اللون الأدبي، الذي لا يزال شغوفا به إلى اليوم، و يتجلى ذلك في كل مناسبة تتاح له، حيث تراه يداعب الكلمات وكأنه يعزف مقطوعة هادئة تنقل السامع إلى شاطئ الجمال و الطمأنينة ليستلقي على رماله متنصلا من كل شائبة تعكر صفو تلك اللحظة. النصر التقت بنبيل مجوج، 35 عاما، صاحب ديوان "حكايا السندباد"، فأكد بأنه مشروع شاعر فقط، و قدم آراءه حول الإبداع الشعري المعاصر و الغاية التي ينشدها من الارتماء بين أحضانه، مؤكدا بأنه يرتبط بحياته اليومية، و يوظفه في استخراج ما تعسر من مشاعره .
. النصر: متى تذوق نبيل الشعر؟
ـ نبيل مجوج: منذ كنت مراهقا كنت ذواقا لهذا الفن الراقي من خلال قراءة أمهات الكتب و الدواوين الشعرية التي تضم قصائد للمتنبي و أبو تمام و جميل بثينة وعنترة بن شداد و غيرهم. و بمرور الزمن أصبحت «أخربش»، ثم أكتب بعض الأبيات إلى أن صرت أكتب شعرا حققت به مراتب جيدة جهويا و وطنيا .
. متى تجرأت على ولوج خطوة الكتابة؟
ـ بدأت فكرة الكتابة عندي متأخرة جدا مقارنة بأقراني ، بالرغم من أنني أحببت الشعر صغيرا .. كما أنني درست الأدب في المرحلة الثانوية . في الجامعة كان التوجه مختلفا إذ درست في كلية العلوم القانونية بجامعة قسنطينة، إلا أن بدأت ببعض المحاولات في الجامعة و صقلت موهبتي بعد ذلك في سنة 2009 في النادي الأدبي لدار الثقافة مبارك الميلي لولاية ميلة الذي أسسناه آنذاك مع مجموعة لن تتكرر من محبي الأدب والشعر . وكنا نقدم دروسا في العروض من حين لآخر، فتعلمت الأوزان الشعرية، وصرت أدرك معنى كتابة نص شعري وما مدى صعوبة ذلك الأمر .
. هل قمت بطباعة أعمالك؟
ـ الحمد لله بعد أن نالت قصائدي استحسان أهل الأدب الذين شجعوني على فكرة النشر والطباعة ، تمخض الجهد المبذول مني ومن مديرية الثقافة لولاية ميلة عن ميلاد ديواني الوحيد تحت عنوان « حكايا السندباد « و يضم 23 قصيدة أغلبها في مضمار الغزل سنة 2011. وجاري حاليا العمل على ديوان شعري جديد في الغزل دائما مبرمج للطباعة مستقبلا، اخترت له عنوان «كفي والعرافة « و يضم 18 قصيدة حتى الآن، وسيكون العدد الإجمالي للقصائد التي سيحتوي عليها 25 قصيدة، هذا ولدي العديد من القصائد الأخرى التي لم تنشر.
. إلى أي مدى يوظف نبيل الشعر في حياته؟
ـ في الحياة اليومية توظف الشعر وتطوع الحرف لتخرج ما استعسر من مشاعرك شعرا،. ﻷن تعذر حضور الكلام الذي يراوضك لحظتها، سيستحيل شعرا بعدها، مع إضافة بعض البهارات من صور وبيان وبديع. و لمن لا يعرفني أقول أنا شاب جزائري من مواليد 13جانفي 1982، من بلدية زغاية بولاية ميلة، نشأت و ترعرعت في أسرة بسيطة و أنا رب أسرة صغيرة تزينها بنتان.
أعمل حاليا في عقود ما قبل التشغيل في دار الشباب زغاية ، بعد المرور بمديرية الثقافة .
. ما دور هذا النوع الأدبي في حياتك وما قدمه لك من إضافات؟
ـ الحمدلله بفضل الشعر عرفنا أناسا يكتبون ويحبون الشعر من مختلف ولايات الوطن الحبيب، و ذلك من خلال مختلف التظاهرات الوطنية التي شاركت بها وحتى في الوطن العربي . ومهما خضت في مضمار الشعر، فلا أستطيع القول أنني وصلت إلى مستوى راق، بل أقول دوما أنني مشروع شاعر لا يزال أمامه درب طويل في هذا المجال، كي أبقى دوما أٌقرأ و أكتب، محسنا أسلوب الكتابة ﻷنال رضا المتلقي.
. ما هو تقييمك للساحة الشعرية بالجزائر ، وما تتيحه للراغبين في ولوج هذا العالم؟
ـ يوجد زخم كبير من الشباب الشعراء الجيدين على مستوى الوطن ومنه ولاية ميلة، ولكنهم يتصيدون أنصاف الفرص لاعتلاء المنابر، وسط ندرة مبدأ إتاحة الفرصة لهم من جهة ، ومن جهة ثانية ندرة الملتقيات الأدبية والتظاهرات الثقافية التي تعنى بمثل هذه مجالات. وهذا الواقع المزري للمشهد الثقافي في هذا البلد الذي لطالما عودنا آنفا على مثل هذه التظاهرات كالشاطئ الشعري بمدينة القل بسكيكدة وغيرها، يعرف اليوم مرحلة مريرة، فما ينظم من تظاهرات تعد على الأصابع و تنظم من قبل نواد أدبية أو جمعيات وليس الجهات المعنية كقطاع الثقافة أو الجامعة، ما يجعلنا نتساءل أين هو اهتمام السلطات المعنية بهذا الشق الذي يعتبر متنفسا مهما لكل أديب وشاعر جزائري يسعى لتقديم ما عنده، وإلى الاحتكاك والمنافسة لتحسين المستوى؟، بالإضافة إلى تلبية رغبة المتلقي الذي على قلته، إلا أنه نوعي وذواق.
حاوره ابن الشيخ الحسين.م