سننتفض في وجه كل من يحاول المساس بالوحدة والسيادة الوطنية
* نحن مع تغيير جذري سلمي وتدريجي * نشارك في الانتخابات لبناء شرعية تحصن البلاد أمام التهديدات * الأفافاس يزعج قوى الجمود والمتطرفين والمغامرين
أكد الأمين الوطني لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش في حوار بأن الخط السياسي للحزب واضح وثابت، يرمي لبناء دولة القانون وتكريس الديمقراطية، للحفاظ على الوحدة والسيادة الوطنية، واستقلالية القرار في ظل مخططات الفوضى وعدم الاستقرار التي تهدد المنطقة، معتبرا المشاركة في الانتخابات المحلية القادمة قرارا استراتيجيا لبناء دولة القانون ومؤسسات شرعية وتحقيق الديمقراطية التشاركية والتضامن المحلي، لتحسين معيشة المواطنين، عبر البحث عن مصادر غير تقليدية لتعزيز الجباية المحلية.
أجرت الحوار: لطيفة بلحاج
لماذا قررت جبهة القوى الاشتراكية الدخول في الانتخابات المحلية المقبلة، بعد أن قاطعت الانتخابات التشريعية الأخيرة، مع أن الاستحقاقين ينظمان في نفس الظروف السياسية، وفي إطار النظام الانتخابي ذاته؟
نشير إلى أن الأفافاس قرر المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة بعد المصادقة على هذا الخيار بالإجماع من طرف المجلس الوطني، وذلك بعد نقاش واسع و مسؤول، و إننا نعتبر هذا القرار استراتيجيا أملته الاعتبارات الوطنية والواقع السياسي، ثم إننا نرى أن الاختلاف جوهري بين الاستحقاقات الرئاسية والتشريعية والاستحقاقات المحلية ، كون هذه الأخيرة ترتبط مباشرة بالحياة اليومية للمواطنين وشؤونه المعيشية، و نتائجها سيكون لها التأثير المباشر على المجتمع المدني المحلي، وعلى كل الفضاءات المحلية الخاصة بالطبقات الشعبية، لذا آثرنا أن نبقى قريبين جدا كما كنا دوما من المجتمع رغم كل العقبات، ومعه نجسد رؤيتنا المتعلقة بالديمقراطية التشاركية والتضامن المحلي، كأنماط عصرية للتسيير المحلي، وانطلاقا منها نسعى لمواصلة النضال جنبا إلى جنب من أجل بناء دولة الحق والقانون.
كيف ستتم متابعة عمل المنتخبين المحليين لجبهة القوى الاشتراكية في حال الفوز بمقاعد في المجالس المنتخبة القادمة، وإلزامهم بتنفيذ تعهدات الحزب وتلبية انشغالات المواطنين؟
نحن نعول كثيرا على مرشحينا كونهم مناضلين في الحزب، أو يتقاسمون أغلب الرؤى والأفكار مع جبهة القوى الاشتراكية، لذا لن نواجه مشاكل عصية في هذا الصدد، ولأن المتابعة والتقييم يعدان ضروريان لاستمرارية أي مؤسسة أيا كان طابعها، فإن المتقدمين لممارسة عهدات باسم الحزب على المستوى المحلي سيخضعون أولا للتعهد الذي وقعوا عليه عند الترشح، و لبرنامج الحزب الوطني والمحلي، وستسهر هيئاتنا محلية كانت أو وطنية دوريا على التقييم والتقويم، كما أن مواثيق الحزب تحدد أدوار المنتخب تجاه المجتمع والتزاماته تجاه الحزب، ولأن مسألة المتابعة هي عملية واسعة تتطلب مقاربة شاملة، فإن الأفافاس ولتعزيز التزام المنتخب تجاه الشعب والحزب، سيحرص على تنظيم دورات تكوينية وندوات وطنية تكون أدوات مساعدة للقيام بالأدوار والمهام الموكلة إليه على أكمل وجه.
لماذا أخفق الأفافاس في إعداد قوائم للمترشحين عبر عدد من البلديات لا سيما بالعاصمة مع أنه كان يترأس أهم بلدياتها، ولماذا لم تشمل المشاركة في الانتخابات المحلية التي ستجرى يوم 27 نوفمبر القادم كافة المجالس البلدية عبر الوطن ؟
نحن لم نقدم إلى حد هذا التاريخ أرقامنا الرسمية، وننتظر انتهاء فترة الطعون لطرحها على الرأي العام، وبما أنكم أشرتم إلى العاصمة وعدم قدرتنا على إعداد قوائم في كثير من البلديات بها، فإننا نؤكد لكم أننا شاركنا تقريبا في نفس العدد من البلديات مقارنة بالاستحقاق المحلي السابق، إلى جانب قائمة للمجلس الشعبي الولائي، وسنعمل على الحفاظ على كل معاقلنا وتعزيز تواجدنا على المستوى الوطني، ونحن في أفضل رواق لتحقيق ذلك.
هل ترون بأن المحطة الانتخابية القادمة فرصة لإحداث التغيير وتحقيق تطلعات المواطنين، باعتبار البلدية الخلية الأساسية التي تقوم عليها الدولة ؟
الأزمة بالجزائر هي أزمة سياسية بالمقام الأول، متعددة الأبعاد تتطلب حلا سياسيا و وحوارا وطنيا شاملا يجمع كل القوى الحية للمجتمع و لا يمكن للانتخابات أيا كان تصنيفها أو مستواها أن تشكل لوحدها حلا و طريقا نحو التغيير، خاصة في نفس الشروط والظروف المحيطة بها حاليا، وقد تعمل عكس ما هو مأمول إن لم تتوفر الإرادات الصادقة للتغيير فتذهب إلى تعميق فجوة الثقة بين الشعب والسلطة، عوض رأب الصدع المتشكل نتيجة عقود من السياسات الأحادية الخاطئة التي أضعفت الدولة وأنهكت المجتمع، مشاركتنا في الانتخابات هي لإيصال خطابنا وللتعريف بمشروعنا النضالي الهادف لبناء دولة القانون والمؤسسات الشرعية، مشاركتنا هي لكسب مساحات أخرى للنضال، مشاركتنا للدفاع عن المواطنين و للمطالبة معهم بكل تطلعاتهم، مشاركتنا هي لإعادة الأمل في الحلول السياسية وفي التنظيم والتأطير كأدوات سلمية للتغيير السلمي والجذري لمنظومة الحكم.
هل أنتم مع التحالف في المجالس البلدية والولائية التي ستفرزها الانتخابات القادمة مع منتخبين من أحزاب منافسة، وأي التشكيلات السياسية ترونها أقرب إليكم من حيث البرنامج والخط السياسي ؟
مسألة التحالفات من عدمها في المجالس البلدية والولائية هي مسألة سياسية تفصل فيها الهيئات الحزبية المخولة بذلك وفي الوقت المناسب، لكن مبدئيا فإن القرار الذي يتخذه الحزب في هذا الشأن سيأخذ بعين الاعتبار عدم تعطيل مصالح المواطنين وشؤونهم، ولأننا حزب الإجماع والتوافق، فإننا سنسعى إلى إرساء هذه القيم أينما حللنا ما لم تتعارض مع المبادئ والأهداف التأسيسية للأفافاس التي هي امتداد لأهداف بيان أول نوفمبر ووثيقة مؤتمر الصومام .
هل لدى جبهة القوى الاشتراكية استراتيجية لتحقيق التنمية المحلية، ومنها جعل الجباية المحلية مصدرا لتحسين مستوى معيشة المواطن بدل الاتكال على ميزانية الدولة ؟
كما يعرف العام و الخاص فإن الأفافاس لا يملك برنامج «حكومة» بتلك الصيغة التقليدية المتوارثة والمليء بالوعود غير القابلة للتجسيد، وإذ نحتكم للظروف الوطنية الحالية ولقانون البلدية والولاية المقيد لصلاحيات المنتخب، والذي يحد من ميزانية المجالس البلدية، إلا أننا نطرح برنامجا نضاليا يعزز قيم الصمود والأمل من أجل افتكاك التطلعات والحقوق الشعبية المشروعة، و يطرح بدائل التسيير المحلي تعتمد على الديمقراطية التشاركية أي إشراك جميع القوى المحلية في اتخاذ القرار المحلي، والتضامن المحلي الذي يبحث عن مصادر غير تقليدية لتسيير الفضاء المحلي، ولتعبئة كل الطاقات من أجل الصالح العام للبلدية والولاية، لا يتم ذلك إلا بتعزيز المصداقية والشفافية في التسيير واتخاذ القرارات، كما نسعى من خلال المنابر المتاحة بمرافقة المجتمع المدني المحلي للقيام بأدواره وتجسيد أهدافه في أفضل الشروط، وهو ما يمهد لتغيير حقيقي يمس البلاد عامة.
كيف يمكن لأعرق حزب سياسي أن يساهم في الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد لا سيما في شقها الاجتماعي، والعمل على توطيد اللحمة الوطنية في ظل ما يواجه البلاد من تحديات ورهانات؟
يظل حزبنا حزبا وطنيا و مسؤولا وقوة اقتراح ومعارضة لا غنى عنها في الساحة الوطنية، وإن مبادرتنا الأخيرة التي دعونا إليها ، « الاتفاقية الوطنية « هي دعوة للحوار بين كل القوى الوطنية الحية دون إقصاء لأي طرف، ومن خلاله نخرج بورقة طريق نحو تجسيد التغيير المنشود و معالجة الأزمة السياسية وما يتفرع عنها بطريقة مضمونة ومدروسة، إن المرحلة خطيرة ولا تحتمل التأخير و على الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية والوطنية خاصة في ظل الأوضاع الداخلية الهشة التي نعيشها وكذا ما يحيط بنا من مخاطر وتهديدات محدقة تتربص لتعصف بمقومات الدولة الوطنية، ولا بد من تعزيز اللحمة الوطنية وبناء مؤسسات قوية و شرعية ذلك بإجراءات ملموسة للتهدئة، وإعادة الثقة بمسارات سياسية واضحة ومجدية تتجاوز مرحلة الخطابات إلى مرحلة الفعل.
أكدت جبهة القوى الاشتراكية التزامها بالتموقع في الوسط حفاظا على السيادة الوطنية، ما ذا تقصدون من ذلك؟
موقعنا يكون حيث المصلحة الوطنية والشعبية، وإذ ننتفض ضد كل ما يمس بالوحدة والسيادة الوطنية، فإننا كذلك حريصون على بناء نظام ديمقراطي وفق القيم الجزائرية، ومتشبثون بالدفاع على الحريات الجماعية والفردية والحقوق الأساسية، ونعتبر أنه لا يمكن الحفاظ على السيادة الوطنية إذ لم نجسد السيادة الشعبية، نحن ضد قوى الجمود داخل منظومة الحكم، وضد كل البدائل المتطرفة والعدمية التي لا أساس و لا منطق لها، نحن مع تغيير جذري سلمي و تدريجي لمنظومة الحكم من خلال مشروع مجتمع ومشروع وطني تتعبأ له كل الطاقات لتحقيق آمال شهدائنا الذين ضحوا من أجل جزائر حرة، سيدة وديمقراطية.
تحدثتم عن محاولات لزعزعة استقرار جبهة القوى الاشتراكية، ماهي استراتيجية القيادة الجديدة لتقوية الحزب وتعزيز مكانته في الساحة السياسية؟
أفكار جبهة القوى الاشتراكية وخطها السياسي الواضح والثابت الرامي لبناء دولة الحق والقانون وتكريس الديمقراطية، وللحفاظ على الوحدة و السيادة الوطنيتين، كذلك استقلالية قرارها وسيادته في ظل مخططات الفوضى وعدم الاستقرار التي تعج بها منطقتنا، يزعج الكثيرين سواء من قوى الجمود والرؤى الأحادية، أو تلك المنتمية لقوى التطرف و أصحاب نظريات المغامرة، وبالتالي فنحن هدف لكل هؤلاء الذين لا يملون من محاولات تقويض الأفافاس أو مناورات تحريف خطه السياسي الأصيل، و بالتالي نعمل وكل المناضلين على تعزيز هيئات الحزب بالنقاش المسؤول، بإعادة الهيكلة التي قطعنا أشواطا فيها، وأولويتنا الآن لصد كل محاولات بث الفوضى داخل أسوار حزبنا، انعقاد مؤتمرنا الوطني السادس الجامع ذو الأولوية السياسية، الذي سيكون قيمة مضافة ليس فقط للحزب بل للبلاد بأسرها بما سيخرج به من اقتراحات ومبادرات تستند لرصيد حزبنا النضالي الطويل، وفي هذا الصدد سنجعل أيضا من المحطة الانتخابات القادمة فرصة لبعث ديناميكية سياسية وتنظيمية و سانحة لتعزيز وحدة الحزب.
ل.ب