* الأطفال أيضا معنيون و أنصح بالجرعة الثالثة
حذّر رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي البروفيسور كمال صنهاجي، من مغبة الاستمرار في عزوف الجزائريين عن التلقيح ضد فيروس كوفيد 19، وقال إن حوالي 25 مليونا منهم أصبحوا بحاجة للتطعيم بصورة مستعجلة، و بينهم الأطفال، لحماية الأشخاص و تكوين مناعة قادرة على مواجهة الموجة الرابعة للجائحة خاصة مع ظهور متحورات جديدة، كما يكشف عالم المناعة في حوار للنصر، عن مقترح ستتقدم به هيئته باستحداث بطاقات تلقيح، يُلزم الراغبون في دخول الفضاءات العمومية بحيازتها.
حاورته: ياسمين بوالجدري
تعيش عدة دول بالعالم تصاعدا في إصابات فيروس كوفيد 19، ما عزّز مخاوف من أن تشهد الجزائر موجة جديدة للجائحة. هل هذا وارد على المدى القريب و ما هي التداعيات الصحية المحتملة؟
نظريا، هذا الاحتمال وارد و منطقي مع الاحتكاك خلال حركة عبور الأشخاص بين الدول. ما تعيشه حاليا بلدان بأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية هو الموجة الخامسة من الوباء، لكن الجزائر عاشت لحد الآن الموجة الثالثة لأن هذه الدول سبقتنا بموجة.
نسعى لتطعيم 400 ألف شخص يوميا
تأثير الموجة الرابعة في حال شهدتها الجزائر، سيكون أخف مما عشناه من قبل، لأن هناك عاملا جديدا هو اللقاح. صحيح أن متحور “دلتا” أضعفَ نسبيا فعالية اللقاحات التي كان معدلها بين 80 إلى 90 بالمئة، غير أن هذه الفعالية ما تزال موجودة بنسب تتراوح بين 50 و 60 بالمئة و بالتالي فإن اللقاح يخفف خطورة الفيروس لذلك لا توجد حاليا حالات كوفيد خطيرة و أعداد وفيات كبيرة.
نعيش حاليا صراعا مع كورونا ولا حل سوى التطعيم باللقاحات المتوفرة، فلو لم يكن الوباء مستمرا لتم البدء في تطوير لقاحات أخرى من جديد. نحن في صراع ضد المرض.
بالمقابل، يظل مستوى التطعيم مخيّبا بالجزائر مع الأسف، بحيث لم ينخرط الجزائريون في عمليات التلقيح بمستوى عال. الإشكال يكمن ربما في إيصال المعلومة و التواصل عموما لذلك يجب دراسة هذا الأمر وإعادة النظر فيه.
في ظل المعطيات الوبائية الجديدة، ما هي نسبة التطعيم المطلوبة اليوم بالجزائر؟
حسب الإحصائيات المتحصل عليها من وزارة الصحة، وصل عدد الأشخاص الملقحين بالجزائر إلى 11 مليونا تقريبا، حوالي 5 ملايين منهم أخذوا الجرعتين، لكن لو أخذنا نظريا المعطيات المتعلقة بالمتحور الجديد «دلتا» سريع الانتشار، وكذلك إدراج الأطفال والشباب في العملية، فإن الفئة المستهدفة سترتفع من 20 مليون جزائري، أي قرابة نصف السكان، إلى 36 مليونا، لذلك فإن الطريق ما يزال طويلا أمامنا. لقد ثبت علميا أن مؤشر تكاثر فيروس كوفيد 19 كان 3، لكنه ارتفع بظهور «دلتا» إلى ثمانية، و هذا يعكس قوة انتشاره.
تأثير الموجة الرابعة سيكون أخف بفضل اللقاح
هل يُفهم من كلامك أن تكثيف عمليات التطعيم صار مستعجلا خصوصا أننا على أبواب فصل الشتاء؟
في الصائفة الماضية، عندما وقعت أزمة الأوكسجين و ارتفع عدد الحالات، أصبح المواطنون يبحثون عن اللقاح في كل مكان، حتى أن عدد الأشخاص المطعمين يوميا وصل إلى 200 ألف، و ما نسعى إليه اليوم هو وصول هذا الرقم لـ 300 ألف إلى 400 ألف كل يوم، لحماية الأشخاص و لكي نكوّن مناعة قادرة على مواجهة الموجة الرابعة.
انتشر متحور «دلتا بلوس» بعدة بلدان. هل دخل الجزائر و ما مدى خطورته؟
متحور «دلتا» موجود في الجزائر لكن «دلتا بلوس» لم يسجل بها بعد، وقد ذكر باحثون أجروا عليه أبحاث في المخابر أن لديه خاصيات معينة ليس لدي اطلاع دقيق بشأنها، لكنه انتقل في عدة بلدان في العالم. نعلم أن تحور الفيروسات هو أمر منطقي و عادي و يومي كذلك، لكن المتحور يكتسب أهميته إذا كانت له انعكاسات في ما يخص درجة الخطورة التي يُحدثها عند الإصابة به، غير أننا لا نعلم أعراض “دلتا بلوس» بدقة كما أنه لا يوجد بعد منشور علمي يبرهن تأثيراته، على عكس متحور “دلتا” الذي أثبتت منشورات و مقالات علمية أنه خطير، إذ أنه رفع معدل استهلاك الأوكسجين لدى الأشخاص المصابين إلى كميات معتبرة تصل إلى 80 لترا في حين أن الفيروس الأصلي لم يكن يتطلب سوى لترات قليلة.
إشكالية التواصل قد تكون وراء العزوف
ذكرتَ أن الأطفال أصبحوا ضمن الفئة المستهدفة، فهل صار إلزاميا تطعيمهم؟
بكل أكيد. هذا أمر أصبح مثبتا علميا وصحيا ونحن ذاهبون إليه، فالأطفال حاملون للفيروس حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض بفضل المناعة التي يتمتعون بها، لذلك فهم ينقلون المرض للأشخاص الآخرين في المدرسة و غيرها.
لقد كانت نتائج تجارب سريرية أجريت في أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 12 و 14 سنة، إيجابية، وشُرع في تطعيمهم ضد كورونا.
الأهم الآن هو كسر السقف الزجاجي الذي أوقف الأشخاص عن التطعيم، و والأولوية هي تلقيح المسنين الذين يعانون من أمراض بسرعة، و كذلك الأمر بالنسبة للأطفال. هناك أيضا تجارب تجرى في أوروبا بخصوص تلقيح الأطفال الأصغر سنا ضد كوفيد 19 منذ الولادة و حتى عمر 6 سنوات، و في حال كانت نتائجها إيجابية فيمكن أن يبدأ العالم في تطعيم هذه الفئة أيضا.
ماذا عن الجرعة الثالثة؟
الجرعة الثالثة مفيدة، و هناك دراسة حديثة جدا صدرت منذ ثلاثة أيام، برهنت أن مناعة الشخص ضد كوفيد 19 تتناقص بعد 6 أشهر من اكتسابها، حيث أظهرت أن الملقحين الأوائل أصيبوا بالعدوى مرة أخرى خاصة بمتحور “دلتا” بينما لم يلاحظ نفس الأثر على من لقِّحوا حديثا، و هذا ما يبيّن أهمية التطعيم بصورة استعجالية.
متحور “دلتا بلوس» غير موجود لحد الآن بالجزائر
هل يجب أخذ نفس نوع اللقاح في الجرعة الثالثة؟
هذا الأمر ليس مهما و لا يعد مشكلة، حيث يمكن المزج بين اللقاحات طالما أنها تضم نفس العنصر الفعال لفيروس كوفيد 19 حتى و إن استخدِمت فيها تكنولوجيا مختلفة.
أخذ العديد من الأشخاص جرعتي اللقاح كما أصيبوا بكوفيد 19، لذلك فهم يتساءلون إن كان عليهم التطعيم مجددا. ما العمل في هذه الحالة؟
كما أسلفت الذكر، أظهرت الدراسات أن المناعة تبدأ في الانخفاض بعد 6 أشهر من اكتسابها، إذن فمن المستحسن التطعيم بعد هذه المدة.
سادت حالة من التهاون في الالتزام بإجراءات الوقاية خلال الفترة الأخيرة، حتى من طرف غير الملقحين حيث يظن البعض أن الخطر لم يعد قائما. ما تعليقك؟
أرى أنه من الغباء عدم أخذ اللقاح و التخلي في الوقت ذاته عن إجراءات الوقاية، بعدم وضع الكمامة وغير ذلك. ما أؤكده اليوم هو أنه على المواطنين الذهاب بسرعة للتطعيم ضد كوفيد 19، و عليهم أن يعلموا أن دولا وصلت فيها نسبة تطعيم إلى مستويات عالية بلغت 80 بالمئة، تعيش اليوم الموجة الخامسة من الوباء.
على المواطنين الذهاب بسرعة للتطعيم ضد كوفيد 19
اللقاح متوفر في الجزائر و هناك حاليا 13 مليون جرعة، بعدما كان المواطنون يبحثون عن اللقاحات في الفترة التي شهدت اشتداد الوباء.
هل يوجد احتمال بأن يُمضي الجزائريون شتاء آمنا؟
لا أعلم، لكن ما أعرفه هو أن الأمن الصحي يتطلب اللقاح، في حين أن اللقاح ليس دواء، إذ أن فعاليته ليست فورية و يجب على الأقل انتظار 6 أسابيع، أي لشهر ونصف و حتى إلى غاية شهرين، ليرتفع عدد الأجسام المضادة في جسم الشخص المطعَّم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يجب الاستفادة من جرعتين، في حين أنه بقي شهر ونصف تقريبا على دخول فصل الشتاء. رغم ذلك لم يفت الأوان، لكن ينبغي أن نتحرك الآن.
ما هي الإجراءات التي ستنفذها أو ربما تقترحها الوكالة الوطنية للأمن الصحي بهذا الخصوص؟
كنا ندعو دائما إلى التطعيم ضد فيروس كوفيد 19، و خلال هذه الأيام سأصرح بقوة حول هذا الموضوع، لأؤكد بأن الحل الوحيد هو الاتجاه بسرعة إلى التلقيح.
سنقترح إلزامية استظهار بطاقات التلقيح لدخول الأماكن العمومية
هل هناك احتمال بالتوجه إلى إجبارية التلقيح؟
قانونا لا يمكننا إجبار الأشخاص على التلقيح، لأن الدستور الجزائري يمنح الحرية للأفراد، لكن هناك حلول و طرق أخرى تسمح بتوسيع أخذ اللقاح بصفة ذكية و موسعة.
كيف ذلك؟
سنقترح إلزام المواطنين الراغبين في دخول المرافق العمومية و المستقبِلة للجمهور كالإدارات، البلديات، الملاعب، قاعات الحفلات، دور السينما، المسارح وغيرها، باستظهار بطاقة أو وثيقة تحمل رمزا خاصا و تؤكد أخذهم التلقيح ضد كوفيد 19. الجميع أحرار في ألّا يلقّحوا لكن ليس لديهم الحق في نقل العدوى للأشخاص الآخرين.
لم يفت الأوان لكن ينبغي أن نتحرك فورا
هدفنا هو رفع نسبة التطعيم و تأمين المواطنين و الحفاظ على صحتهم، والأمر متعلق بالصحة أولا و أخيرا، و لا يمكن أن يكون إجباريا أو أن يتعارض مع حرية الآخرين.
من يرفضون التطعيم يمكنهم ذلك، لكن عليهم أن يلزموا منازلهم حتى لا يتسببوا في نقل العدوى للآخرين. أظن أن هذه هي المنهجية المناسبة لتأمين صحة المواطنين.
ي.ب