عائلتي و التحاقي مبكرا بالزوايا رسخا عشقي للمالوف
* أصدرت خمسة البومات دفعة واحدة
كشف الفنان القسنطيني مالك شلوق عن تحضيره أغنية عن الوالدين سيؤديها بقالب أندلسي، فيما سيباشر تصوير فيديو كليب عن مدينة قسنطينة و سيصدرهما قريبا، مؤكدا بأنه استغل فترة الجائحة و الركود الثقافي، لإعادة بعث مشاريعه الفنية، حيث طرح مؤخرا خمسة ألبومات، ضمن مجموعة غنائية تراثية.
كما تحدث الفنان في حوار للنصر عن شغفه بالفن، قائلا بأن انتمائه لعائلة فنية رسخ عشقه للموسيقى، و التحاقه بالزاوية العيساوية و الرحمانية مبكرا، مكنه من تعلم أصول و أبجديات الفن القسنطيني، على يد كبار المشايخ، فتمكن من الالتحاق بالجوق الجهوي، ثم الوطني، و نيل عديد الجوائز الوطنية.
* حاورته / أسماء بوقرن
. النصر: أصدرت الأسبوع الماضي خمسة ألبومات غنائية بالطابع القسنطيني، لما اخترت طرحها دفعة واحدة؟
ـ مالك شلوق: نعم.. أطلقت منذ أيام قليلة في السوق خمسة ألبومات غنائية، في شكل أقراص مضغوطة، ضمن مجموعة غنائية تراثية، تحتوي على ألوان المالوف الموسيقية الأربعة، و هي النوبة و المحجوز و الزجل و الحوزي. اخترت للألبوم الأول لون الزجل و يضم « فاح الزهر فالبستان» و «أمر قلبي و راسي شاب» و «الفجر حين يشرق»، و «الروض عطر»، و الثاني محجوز، و الثالث حوزي يضم « الحب ما عطاني فترة»، «طال لعذاب بيا» ،»رجلي مشات بيا» و طقطوقة «جيبو لعروسة» التي كتبها و لحنها الفنان سمير بوكريديرة.
أما الألبوم الرابع فيضم نوبة « المجنبة» و « يا بديع الجمال» و «فقم حبيبي» و «كم و كم يا عيني» ، إلى جانب ألبوم آخر متنوع يضم المحجوز و الحوزي و يحتوي على أغاني «العشق ضمني و ذبلني» و «بقاو على خير»، «نرتب في ذا الظلام» و طقطوقة «جاني ماجاني»، و هناك ألبوم عبارة عن مزيج مغاربي.
. بإصداراتك الأخيرة، ما هو عدد الألبومات التي توجد برصيد الفنان مالك شلوق؟
ـ أطلقت منذ بداية مسيرتي الفنية ثمانية ألبومات غنائية، أول ألبوم كان بعنوان «نساية» في سنة 2010 ، و طرحت بعده ألبوم «لريام» ، ثم ألبوم «السمرة البيضا» و غيرها من الألبومات الغنائية.
طرحت جديدي في مواقع موسيقية رسمية لأضمن حقوقي
. تخلى الكثير من الفنانين عن إصدار الأغاني بالطريقة الكلاسيكية أي في ألبومات تطرح في السوق، و توجهوا إلى المواقع الموسيقية و الفضاء الافتراضي، لماذا فضلت الطريقة الكلاسيكية في أعمالك الأخيرة؟
ـ أفضل أن تكون ألبوماتي ممولة و غير قابلة للتحميل، لهذا جمعت بين الطريقة الكلاسيكية و العصرية في طرح مجموعتي التراثية، بشكل يضمن حقوقي، و يلبي رغبات كل الفئات من جمهوري، فطرحتها في شكل أقراص مضغوطة، و كذا عبر مواقع موسيقية، تضمن الملكية الموسيقية، و هي مواقع رسمية مقننة أعتبرها بمثابة عالم خاص بالفنانين، فهناك نحو 300 موقع تحفظ حقوق الفنان، كموقع سبوتيفاي، و هي تخدم الفنان و تضمن كل حقوقه، عكس مواقع التواصل الاجتماعي، فبالرغم من أنها فضاء واسع، يسمح بالوصول إلى جمهور عريض، غير أنها غير مؤمنة، فقد ضاعت مني صفحتي الرسمية التي تضم 29 ألف متابع، و أعدت فتح صفحة جديدة، و وجدت صعوبة في إعادة بعثها و تفعيلها من جديد، خاصة و أن ذلك تزامن و انشغالي بتسجيل ألبوماتي الجديدة، التي أخذت مني الكثير من الوقت.. حاليا سأتفرغ لصفحاتي على مواقع التواصل.
. ما مدى مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في تحقيق الشهرة للفنان و الترويج للموروث الغنائي؟
ـ في ظل العصر الذي نعيشه، تساعد مواقع التواصل لا محالة في إبراز الإمكانات الفنية الحقيقية للفنان، و أعتبرها بمثابة فضاء إشهاري مجاني للتعريف به، و تقريبه من الجمهور، و كذا من وسائل الإعلام، و قد لمست ذلك خلال الجائحة، عندما خصصت فيديوهات مباشرة ، لأول مرة، لجمهوري، تضم أغان تراثية متنوعة، و من خلال هذه الفقرات الموسيقية، أخذت المشاهد في رحلة موسيقية تخلصه من القلق و الخوف الذي كان يعيشه ، و تمكنت من الوصول إلى جاليتنا في عدة دول أجنبية، و هناك من اكتشفني من خلال هذه الفيديوهات المباشرة.
الفن يسري في دمي منذ الصغر..
. هل ترى أن انتماءك لعائلة فنية غذى شغفك بالغناء و الموسيقى؟
ـ أنتمي إلى عائلة فنية بنسبة مئة بالمئة، فوالدي فنان و أخي رضا عازف على آلة القيثار، و أخي الثاني و خالي يعزفان على آلة الموندولين، وابن خالتي منتصر، رحمه الله، عازف على آلة الطار، وخال والدتي عازف أيضا و هو عضو بجمعية محبي الفن، التي كانت تضم الشيخ التومي رحمه الله، فالفن رضعته منذ الصغر، و هو يسري في دمي.
أول آلة أثارت اهتمامي هي آلة القيثار، فتعلمت العزف عليها و أنا في السادسة من عمري، و عندما بلغت سن 13 ، تعلقت بالطريقة العيساوية، فالتحقت بالزاوية العيساوية و الزاوية الرحمانية، و أول من لقنني أبجديات الفن الشيخ بلقاسم عبيد شارف، ثم الشيخ زين الدين بن عبد الله رحمهما الله، و عبد الرحمن الحصروري و الفنان القرعيشي، و الشيخ سليم مزهود، و عمي العربي بوشلطة، فنهلت منهم الكثير.
أحييت بمفردي أول عرس و أنا في ربيعي 17
.بدأت إحياء المناسبات و المشاركة في التظاهرات في سن مبكرة ، كيف كان ذلك؟
ـ قمت بإحياء أول عرس بمفردي و أنا في ربيعي 17، و في سنة 2004 كونت فرقة غنائية للعيساوة و المالوف و الهدوة ، أغلب أعضائها من أفراد أسرتي، كنت آنذاك في 23 من عمري، و تلقيت كل الدعم و التشجيع، ما حفزني على الانطلاق بقوة في مساري الفني، بعد ذلك أصبحت أتلقى دعوات من قطاع الثقافة، للمشاركة في إحياء المهرجانات و المناسبات.
و في سنة 2007 التحقت بالجوق الجهوي لمدينة قسنطينة، تحت قيادة الفنان سمير بوكريديرة، فكانت فرصة ثمينة و محطة مميزة في مسيرتي، بعد سنة، أسست جمعية دنيا الثقافية و المواهب الشبانية، التي تعنى بالترويج للطبوع الموسيقية الثلاثة الوصفان و العيساوة و المالوف و تلقينها.
. انتقلت من الجوق الجهوي لمدينة قسنطينة إلى الجوق الوطني، كيف كان ذلك؟
ـ كان ذلك خلال أول مشاركة لي مع الجوق الجهوي لمدينة قسنطينة في المهرجان الدولي للموسيقى العتيقة بالجزائر العاصمة سنة 2009، و أعتبرها فرصة ثمينة، مكنتني من التعرف على رئيس الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية آنذاك السيد رشيد قرباز، الذي عبر عن انبهاره بأدائي، واقترح علي الانضمام لى الجوق الوطني، فالتحقت به في 26 ديسمبر 2009، و اعتبرها محطة فاصلة في مسيرتي، و بمثابة حلم تحقق.
بعد ذلك تم تكوين جوق مغاربي، أو أوركسترا ، يضم ثلاثة أجواق من البلدان المغاربية الثلاثة، تمثل مدرسة المالوف و مدرسة الصنعة و المدرسة الغرناطية، و شاركت من خلال الأوركسترا في عدة مهرجانات دولية، كالمهرجان الدولي للإنشاد، المهرجان الوطني للأغنية الملتزمة بتيارت، المهرجان الدولي لمتحف سوسة بتونس، و غيرها من التظاهرات بفرنسا و إيطاليا و بلجيكا و إسبانيا.
2014 ..سنة التتويجات
. هل مالك شلوق من محبي العيساوة أو المالوف؟
ـ أفضل المالوف على العيساوة، فقد اكتشفت موهبتي في أداء المالوف و مهارتي في العزف على آلة العود، و حصلت على عدة جوائز، خاصة في سنة 2014 ، حيث فزت بجائزة أحسن صوت رجالي في المهرجان الوطني للمالوف في طبعته الثامنة، و حصلت فرقتي على المرتبة الثالثة، و حصلت على جائزة أحسن عزف على آلة العود العربي و القيثارة في المسابقة الولائية رشيد القسنطيني، لهذا أعتبر سنة 2014 سنة التتويجات.
. هل تحب التجديد في الطابع الذي تؤديه، أم تفضل الحفاظ على كل ما هو قديم؟
ـ أفضل المحافظة على التراث و كل ما هو قديم، و أؤديه كما هو، أما التجديد فيكمن في الإصدارات الجديدة التي تكون من تأليف و تلحين الفنان، صاحب الأغنية، فأنا لست ضد التجديد، لكن بشرط الالتزام بأسس موسيقية صحيحة.
و أريد أن أشير هنا إلى تصنيف كل من يؤدي الفن القسنطيني بشكليه العصري و القديم، على أنه فنان مالوف، في حين لا يمكن أن نطلق هذه الصفة، إلا على من حصلوا على تكوين قاعدي في المجال، في الزوايا أو الجمعيات على يد كبار المشايخ، فاكتساب صفة فنان مالوف مسؤولية.
لقد تكونت على يد شيوخ الزوايا الرحمانية و العيساوية، و في صفوف عديد الجمعيات، إلى أن اكتسبت قاعدة متينة في هذا الفن، و أشير إلى أنه يجب على كل من يؤدي الفن، التفريق بين الحوزي و الزجل و الحوزي و المحجوز ، و المالوف، لكي يؤدي رسالة فنية صحيحة.
. هل أشرفت من خلال جمعيتك على تكوين أجيال في الفن القسنطيني ؟
ـ جمعيتي تعنى بالمالوف عيساوة و الوصفان و المسرح، و كوننا فرقا في كل هذه الأنواع الفنية، و شاركت جمعيتنا في عدة مهرجانات دولية، للترويج للموروث القسنطيني، بما فيه الترويج للحلي و الألبسة و الحلويات التقليدية و غيرها.
. هل تسعى لتوريث فن المالوف لأبنائك و نقل خبرتك إليهم؟
ـ سأترك الحرية لأبنائي الثلاثة، لممارسة هواياتهم و تحقيق طموحاتهم، و سأشجعهم كثيرا، لمست حب ابني يانيس للفن و أنا متأكد بأنه سيكون فنانا في المستقبل، كما أتوقع أن تلتحق ابنتي الصغرى بالركب.
. بعض الفنانين القسنطينيين فضلوا الهجرة و ممارسة فنهم خارج الوطن، هل الفنان مالك شلوق يفكر في الهجرة؟
ـ أنا ضد ممارسة الفن المحلي في دولة أجنبية، فأصل المالوف قسنطيني ـ جزائري، و ازدهاره يكون محليا، لهذا أسعى للحفاظ على الموروث الثقافي في بلدي، و التعريف به هنا، كما أن ممارسة خارج الوطن، لا يضمن دخلا قارا، لأن العمل مع الجالية ظرفي، و حتى الدعوات التي تصلني من دول أجنبية، لا ألبيها، لأنها تحمل الفنان تكاليف المبيت والنقل و حتى دفع ثمن تذاكر السفر، ما باستثناء إذا كان الحفل منظما في إطار رسمي، بالتنسيق مع وزارة الثقافة و مركز الإشعاع الثقافي.
. ماذا عن جديدك الفني؟
ـ حاليا أنا بصدد تأليف أغنية عن الوالدين، من كلماتي و تلحيني، في قالب أندلسي، ستطرح خلال العام الجاري في شكل فيديو كليب، و الثانية أغنية حول قسنطينة و هي جاهزة، فقد تم تسجيلها، فيما لم أباشر بعد، عملية تصوير مشاهد الكليب، التي ستشمل أبرز مواقع المدينة و جسورها و أحيائها القديمة.
أ ب