المتطفلـــــون على الفــن لــن يصمــدوا طويــــلا
أكد الممثل مصطفى لعريبي، الذي برز في عديد الأعمال التلفزيونية ، خاصة المسلسلات الدرامية، بأن الحكم الأول و الأخير على ما يقدمه الفنان هو الجمهور، و بأن المتطفلين على الفن، سينكشفون لا محالة أمام الجمهور، لأن للفن أهله و»ما يبقى في الواد غير حجارو»، كما عبر الفنان في حواره مع النصر، على هامش فعاليات الطبعة الثانية من مهرجان إمدغاسن السينمائي للفيلم القصير، وعن ظاهرة اقتحام المؤثرين للساحة الفنية، دعا إلى تأطيرهم قبل مشاركتهم في أي عمل، و اعتبر من الخطأ، رفضهم، لأننا نعيش مرحلة جديدة فرضها استخدام الإنترنت، و اعتبر لعريبي أن اللغة لا يمكن أن تقف عائقا أمام متابعة الأعمال التلفزيونية أو السينمائية، مبرزا أن الدراما التركية أصبحت سببا في جذب الشباب لتعلم اللغة التركية.
حاوره: يـاسين عبوبو
. النصر: بداية، ما هو انطباعك حول الطبعة الثانية لمهرجان إمدغاسن السينمائي، و نزولك ضيفا بولاية باتنة؟
ـ مصطفى لعريبي: أظن أن تنظيم الطبعة الثانية على التوالي من المهرجان من طرف شباب مبدع و طموح، عبارة عن تحدي لظروف صعبة، و إنجاز كبير لا يمكن إنكاره أو التغافل عنه، و لا أخفي عليك أنني انبهرت كثيرا بأشياء إيجابية، كالتنظيم، الإقامة، و التقنيات المتبعة في عرض الأفلام السينمائية، فضلا عن ذلك، حظيت إلى جانب فنانين من داخل وخارج الوطن، بكرم استضافة، لم أكن أتوقعه، سواء من طرف منظمي المهرجان، أو سكان ولاية باتنة الذين التقيناهم خلال فعاليات المهرجان، سواء في قاعات العروض أو في الشارع.
شعرت بتقدير الفنانين و التعطش للفن في نفس الوقت، و أتيحت لي فرصة سعيدة لأعود إلى ولاية باتنة، التي كنت قد زرتها آخر مرة سنة 2012 و التقي بفنانين من الجزائر و بلدان عربية، كما اكتشفت هذه المرة عديد المواقع التاريخية والطبيعية التي تزخر بها منطقة الأوراس، على غرار الغوفي و تيمقاد والضريح النوميدي إمدغاسن.
الأفلام التي عرضت في مهرجان أمدغاسن ذات مقاييس عالمية
. ما هو تقييمك لتظاهرة مهرجان إمدغاسن و مستوى الأفلام المشاركة في المنافسة؟
ـ قبل أن أجيبك عن سؤالك، أصارحك أنه يحز في نفسي عدم التفات الجهات المسؤولة عن السينما، كما ينبغي للمهرجان، رغم ذلك فإن المؤشر الإيجابي الذي برز في هذا المهرجان، هو تجند أعيان و رجال أعمال من باتنة، لتمويل المهرجان، و السهر على إنجاحه، و كذا احتضان الجمهور له.
أظن أن ذلك سيحفز السلطات و الهيئات الوصية لمد يد العون و كذا رجال المال و الأعمال للاستثمار في الأعمال الفنية التلفزيونية و السينمائية، حتى لا تظل مرهونة بالإعانات التي تقدمها الدولة.
أما في ما يتعلق بالأفلام المشاركة المقدر عددها بـ 29 فيلما من 24 دولة، فقد شارك فيها فنانون معروفون، لهذا لن أبالغ إذا قلت لك بأن الأفلام أنتجت وفق مقاييس عالمية.
. على ذكر التمويل، كيف يمكن الاستثمار في أعمال فنية دون انتظار الإعانات من الدولة؟
ـ المهرجان السينمائي إمدغاسن خير دليل على إمكانية تحفيز إنتاج أعمال تلفزيونية و سينمائية، من طرف الخواص، دون انتظار الإعانات، حتى و إن دعمت وزارة الثقافة والسلطات الولائية أيضا المهرجان، وهنا أود أن أقول بأنه من واجب الجهات المعنية تذليل العقبات أمام رجال المال والأعمال للاستثمار في المجال الفني، لكن لا يمكن ذلك وعقد الفنان غير معترف به أمام مصالح الضرائب، حتى يبرر منتج العمل التلفزيوني أو السينمائي، مصاريف و تكاليف عمله، و هذه عينة من عراقيل عديدة لا تزال تطرح.
. ما المنتظر من إقامة المهرجانات الفنية؟
ـ لو نقارن عدد المهرجانات الفنية المنظمة بالجزائر، بدول أخرى، سواء عربية أو أجنبية، ستلاحظ وجود فروق، فهناك دول تتفوق علينا، نظرا لما توليه للمهرجانات من أهمية، في تشجيع الإبداع وبروز الفنانين، الذين ربما لم تتح لهم الفرصة لتفجير طاقاتهم الكامنة، فتتيح لهم المهرجانات ذلك، فضلا عن الدور الذي تلعبه في الترويج السياحي، فالجزائر بلد ـ قارة، تكتنز ثقافات متنوعة و طبيعة خلابة ومواقع ضاربة في أعماق التاريخ، و لك أن تتصور إقامة مهرجانات عبر 58 ولاية للتعريف بها، وعندما أتحدث عن عدد المهرجانات، فهذا وحده لا يكفي، فلابد من عوامل أخرى، و في مقدمتها الإرادة السياسية، لتشجيع الفن وتقنين مهنة الفنان، للوصول لصناعة النجوم، وصناعة سينمائية، بما تحمله الكلمة من معنى.
. ما هو السبيل لتقنين النشاط الفني و إبراز الفنانين الحقيقيين، برأيك؟
ـ إن المتطفلين على المهن والنشاطات باختلافها موجودون، وباعتقادي أن الميدان دائما هو الفيصل، كما أن الجمهور هو الحكم الأول و الأخير على العمل الفني وما يقدمه الفنان، لهذا فإن المتطفل لن يصمد طويلا، و ينكشف أمره، «وما يبقى في الواد غير حجارو»، و في هذا الباب الذي فتحته، أشير إلى ما بات يعرف بالمؤثرين الذين حسب رأيي من الخطأ رفضهم، أو غلق الباب أمامهم، لكي لا يشاركوا في الأعمال الفنية، بل يجب تأطير المؤثرين الذين برزوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن المؤثر ليس منافسا للفنان، بل أصبح المنافس الذي فرضه الوقت الراهن عبر منصات التواصل و الهاتف والتلفزيون، على غرار «نيتفليكس».
. التقيتم بفنانين عرب خلال مهرجان إمدغاسن، فإلى أي مدى يمكن أن تشكل اللغة أو اللهجة عائقا أمام الأعمال الفنية المشتركة؟
ـ برأيي الخاص، أن اللهجة أو اللغة، لم ولن تكون عائقا، لأننا عندما نسمع بعض المصطلحات من فنانين من دول عربية، على غرار مصر أو بلدان الخليج العربي، أو الشام، فإنها لا تندرج ضمن اللغة العربية، ومع ذلك تجدنا نحن الجزائريين نفهمها، لهذا وجب علينا نحن أيضا التحدث بلهجاتنا الجزائرية، وجعل المتلقي من مختلف البلدان العربية يفهمها، كما نفهم نحن اللهجة التي يتحدثون بها، وأعطيك مثالا عن الدراما التركية التي برزت في السنوات العشر الأخيرة وسط المشاهدين العرب، واستطاعت أن تجذب المتابعين، لدرجة توجه الشباب حاليا، لتعلم و إتقان التحدث بالتركية.
. ماهي الأدوار التي تفضل أداءها؟ و ما هو جديدك الفني؟
ـ بالنسبة للجديد، فأنا أشتغل على مسرحية، وبخصوص الأدوار التي أفضلها، فأنا لست ممن يفاضل بين الأدوار، فلا توجد أدوار رئيسية أو ثانوية، و ما يهم بالنسبة إلي أن يلهمني الدور الذي أؤديه، فإذا كان السيناريو يستحق التصوير فكل الأدوار مهمة، شريطة أن تحرك العاطفة.
ي. ع