حققت حلمي وحلم والدي بالتربع على عرش إفريقيا
خص البطل محمود منغور النصر، بحوار تحدث فيه عن تتويجه الأخير بالبطولة الإفريقية في رياضة كمال الأجسام، معربا عن سعادته بهذا الإنجاز الذي أهداه لوالده رحمه الله، الذي كان وراء ولوجه هذا العالم، كما تطرق ابن مدينة عين سمارة بقسنطينة لآماله في البطولة العالمية المقبلة، وعدة أمور أخرى تخص رياضة كمال الأجسام التي باتت في المرتبة الثانية بعد كرة القدم من حيث عدد ممارسيها.
حاوره: سمير. ك
تُوّجت قبل أيام قليلة بطلا لإفريقيا في رياضة كمال الأجسام خلال الدورة التي احتضنت فعالياتها قاعة أحمد باي بقسنطينة، بماذا تشعر ؟
الأبطال يولدون من رحم المعاناة، وهذه المقولة الشهيرة تنطبق على شخصي مئة بالمئة، جراء ما صادفني من «مطبات»، قبل الوصول إلى هذا المجد، الحمد لله حققت حلمي وحلم والدي بالتتويج بطلا لإفريقيا في رياضة كمال الأجسام، وأهدي هذا الإنجاز إلى كل من وثق فيّ وظل خلفي رغم كل ما تعرضت له.
متمسك بجزائريتي ورفضت عرضا لتمثيل بلجيكا
بصراحة، هل كنت تنتظر هذا التتويج ؟
حضرت لهذه المنافسة القوية لمدة سنة كاملة، وكنت أتطلع لعدم تضييع هذه الفرصة، خاصة وأنها قد لا تتكرر مع تقدمي في السن، لقد آمنت بمؤهلاتي، خاصة بعد أن فزت بلقب بطل الأبطال بحضور ألمع الأسماء على المستوى المحلي، وهو ما ساعدني في التحضير الجدي الذي باشرته في الفاتح من شهر أوت الماضي، حيث وضعت في ذهني الصعود فوق «البوديوم» ولا شيء غير ذلك، وأنا الذي سبق لي الفوز بالمرتبة الرابعة والثانية على المستوى القاري.
تأثرت كثيرا بوفاة والدك، وهناك من توقع نهاية مشوارك، ماذا تقول ؟
لكي أضعكم في الصورة، لقد ابتعدت عن أجواء المنافسة قاريا وعالميا منذ جائحة كورونا، كما أن وفاة والدي رحمه الله أثرت في نفسيتي كثيرا، وجعلتني أتوقف عن ممارسة رياضتي المفضلة لعدة أشهر، دون نسيان غياب مصادر للتمويل، وكلها أمور أثرت على مدى استعداداتي، وجعلت البعض يتحدث عن نهاية مشواري الاحترافي في رياضة كمال الأجسام، ولكن بفضل العزيمة الكبيرة التي كانت تحدوني نجحت في رفع التحدي، بعد افتكاك لقب بطل القارة عن جدارة واستحقاق في وزن 100 كلغ، وهو من أصعب الاختصاصات على الإطلاق.
إنجازي رد على من توقعوا نهاية مشواري
هذا الإنجاز الأول من نوعه ثمرة مجهودات استمرت لقرابة 25 سنة، أليس كذلك ؟
أجل، هذا التتويج هو ثمرة عمل ومجهودات عدة سنوات، كيف لا وأنا بدأت ممارسة هذه الرياضة منذ سن 14، بعد أن وجدت والدي مختصا فيها، لقد كنت أحلم بالسير على خطاه، وهو الذي كانت ميدالياته وكؤوسه تملأ رفوف خزائن منزلنا، لقد تعلمت حب رياضة كمال الأجسام من الوالد رحمه الله، وتمنيت أن يكون بجانبي لحظة تربعي على عرش القارة ولكن قدر الله ما شاء فعل، أنا أهدي هذا الإنجاز لعائلتي ولسكان قسنطينة وبلدية عين اسمارة بالتحديد، وأؤكد على أن الفوز في مثل هكذا ظروف على الأبطال المصريين والتونسيين والليبيين هو إنجاز فريد من نوعه، خاصة وأنهم يفوقوننا من حيث الدعم والتشجيع، في وقت دخلت فيه غمار المنافسة دون امتلاكي لمدرب خاص وفي غياب كلي للسبونسور الذي يعتبر حلقة مهمة جدا في رياضة بناء العضلات، كما يحلو للبعض تسميتها.
لم تكتف بذهبية 100 كلغ فقط، بل أنهيت البطولة كثاني أفضل مشارك في كل الأصناف، ما تعليقك ؟
البطولة كما تعلمون عرفت مشاركة سبع بلدان، بمجموع 120 رياضيا موزعين على ثمان اختصاصات، والحمد لله كان لي شرف إنهاء المنافسة كثاني أفضل رياضي متواجد في المسابقة، وإن كنت قد نلت كل الأصوات المتعلقة بالمختصين الأجانب، لقد كانت المنافسة محتدمة والحمد لله أنهتها الجزائر في المرتبة الأولى، متفوقة على مصر الأولى على مستوى القارة في ظل امتلاكها لأبطال أقوياء.
ميداليات وكؤوس والدي وراء اختياري لهذه الرياضة
تأهلت إلى البطولة العالمية المقررة الشهر المقبل، كيف ترى استعداداتك لها ؟
الفائز بالمرتبة الأولى قاريا يتأهل مباشرة إلى البطولة العالمية المقررة بإسبانيا الشهر المقبل، وإن كانت مشاركتنا لم تتأكد بعد، في ظل بعض العراقيل الإدارية التي نأمل حلها من طرف اتحادية كمال الأجسام، كوننا لا نود تضييع مثل هكذا مناسبات، سيما وأن الفرصة مواتية للاحتكاك ببعض الأبطال العالميين، بالموازاة مع مشاركة 74 دولة، وفي وجود 70 رياضيا في فئة 100 كلغ فقط، وبالتالي المنافسة ستكون أقوى بكثير من تلك التي شهدناها على المستوى الإفريقي.
لماذا لا نرى أبطالا جزائريين ينافسون على المستوى العالمي، في شاكلة المصري «بيغ رامي» بطل «سوبر أولمبيا» في مناسبتين متتاليتين ؟
في الجزائر لا يوجد إيمان كبير بهذه الرياضة، رغم أن آخر الإحصائيات تؤكد أنها تتواجد في المرتبة الثانية بعد كرة القدم من حيث عدد الممارسين لها، فالأبطال الجزائريون لا يحظون بالاهتمام الكافي ويفتقدون للدعم وعقود السبونسور، وبالتالي لا يمكن أن تكون استعداداتهم للمحافل الدولية في شاكلة ما هو موجود في بلدان أخرى، وعن البطل المصري وفخر العرب «بيغ رامي»، فلا تنسوا أن الأخير حظي بمتابعة خاصة في بداية مشواره من طرف مليونير كويتي، كان وراء ولوجه عالم الاحتراف، في انتظار أن يسلك الجزائريون دربه مستقبلا.
تلقيت وعودا من السلطات المحلية بقسنطينة وانتظر تجسيدها
يقال إنك تلقيت عرضا مغريا من الاتحادية البلجيكية لتمثيل ألوانها ؟
أجل، والعرض يعود إلى فترة كورونا، عندما كنت أحاول علاج ابنتي في بلجيكا، أين تلقيت مقترحا من منتخب هذا البلد من أجل الدفاع عن ألوانه، ولكن ردي كان صريحا من البداية، حيث اعتذرت منهم بلباقة، كوني لا أستطيع المنافسة تحت ألوان بلد آخر غير الجزائر، حتى وإن كانت وضعيتي آنذاك سيئة للغاية، عقب خلافي مع مسؤولي الاتحادية الجزائرية لرياضة كمال الأجسام، بسبب مشكل المنح الذي كان بعدها سببا في سحب الثقة من الرئيس السابق لهذه الهيئة.
لا للمكملات الغذائية دون استشارة مختص في وجود منتجات مغشوشة
هناك من يعيب على هذه الرياضة بعض الأمور الجانبية كتناول الرياضيين للمكملات الغذائية دون استشارة، كمختص ماذا تقول في هذا الشأن ؟
كمال الأجسام، رياضة تتطلبها كل الاختصاصات الأخرى تقريبا، وبدونها لا يمكن للاعبي كرة القدم أو كرة اليد أو غيرها من الاختصاصات الأخرى الرفع من لياقتهم البدنية، ولئن كانت ممارستها تستلزم تواجد مختصين لتفادي الوقوع في المحظور، خاصة في حالة تطبيق برنامج لا يليق بالرياضي أو تناول مكملات لا تناسب جسم معين، ولذلك أنصح ممارسيها بالعمل تحت إشراف خبراء، وفي هذا الصدد أود العودة إلى التحضيرات التي سطرتها للاعب كرة القدم منيب بن مرزوق على مدار ثلاث مواسم كاملة، حيث وضعت له برنامجا خاصا رفع من لياقته البدنية، وجنبه التعرض للإصابات، وكلها أمور مرتبطة بإتباع برنامج غذائي صحي، مع التدرب على أسس صحيحة وفي وجود متابعة دقيقة.
هكذا يمكن صناعة أبطال عالميين في شاكلة «بيغ رامي»
هل من رسالة خاصة توجهها للمقبلين على هذه الرياضة ؟
رياضة كمال الأجسام تستهوي الشباب كثيرا، وهناك إقبال كبير عليها في السنوات الأخيرة، رغبة من الجميع في بناء جسم رياضي وعضلات قوية، ولكن هناك من يحاول استباق الأحداث، ويلجأ لتناول مكملات ومواد خطيرة قد تتسبب بعدها في متاعب صحية خطيرة، ولهذا على المقبلين على المكملات الغذائية استشارة المختصين، لأن هناك سلع مغشوشة، كما أنصح بإجراء التحاليل قبل اقتناء أي منتوج، فهناك من يعاني من أمراض مزمنة ولكنه يجهل ذلك، والمبالغة في تناول مواد كالكرياتين مثلا قد يتسبب في القصور الكلوي، أو يرفع من الضغط الدموي ويسبب أيضا المرض بداء السكري لا قدر الله، كما يتوجب علي كمختص في هذا المجال، تحذير النساء من تناول مثل هكذا مواد، كونهن الأكثر ضررا.
أتناول 8 وجبات في اليوم بتكلفة تصل مليون سنتيم
كم تحتاج لتغطية حاجياتك الغذائية في اليوم الواحد وكم تنفق على نفسك شهريا؟
هناك فرق بين ممارسة هذه الرياضة كهاو ومن يبحث عن التحول إلى محترف، وعن نفسي أنفق كثيرا في سبيل توفير احتياجاتي، فللحفاظ على لياقتي يتوجب عليّ تناول سبع إلى ثمان وجبات يوميا، حيث أحتاج إلى 1 كلغ من اللحم و500 غ من لحم الدجاج و15 بيضة، ناهيك عن المكسرات والتمور وزيت الزيتون والأرز والبطاطا وغيرها من المأكولات الصحية، التي تساعدني على بناء عضلات جسمي والحفاظ عليها، هي أمور مكلفة، ولهذا فالرياضي بحاجة إلى سبونسور لتغطية كل هذه النفقات التي قد تصل إلى 10 آلاف دينار جزائري يوميا.
أنهيت البطولة القارية كأفضل ثاني مشارك في كل الأصناف
هل تلقيت وعودا بالمرافقة من طرف السلطات المحلية ؟
أشكر بالمناسبة أعضاء المجلس الشعبي لبلدية عين سمارة على تواجدهم بجانبي خلال فعاليات البطولة الإفريقية الأخيرة، وانتظر دعمهم دون شك، كوني الممثل الوحيد لهذه البلدية، كما أتمنى وقوف والي الولاية إلى جانبي، كونه وعدني بالتشجيع، بدليل أنه قد برمج جلسة معي في قادم الأيام، بعد لقائي بالأمين العام للولاية، أنا واثق من مقدرتي على تشريف ولاية قسنطينة في الملتقيات الدولية، وأحتاج بعض الدعم فقط لتطبيق برامجي التدريبية ولا أعتقد أن الوقوف إلى جانبي، سيكون مكلفا مقارنة برياضات أخرى تحظى بتدعيمات نوعية.
س. ك