الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

رئيسة الهيئة الإدارية للجنة "إيكوموس" فلسطين شرين علان للنصر

القصف الصهيوني استهدف مواقع أثرية لطمس الهوية الفلسطينية

وصفت رئيسة الهيئة الإدارية للجمعية الفلسطينية للمعالم و المواقع التاريخية "إيكوموس" التي تعمل تحت غطاء اليونيسكو، السيدة شرين علان، الوضع في قطاع غزة بالخطير جدا، و كشفت في حوار للنصر أن الحرب الإسرائيلية تسببت في خراب كبير للمنشآت الثقافية الفلسطينية التي تعود لحقب تاريخية جد قديمة، كما نددت بالقصف العشوائي الذي حذرت من أنه سيطال مواقع أكبر في غزة التاريخية، داعية المجتمع الدولي للتدخل العاجل من أجل وقف العدوان الغاصب على القطاع و حماية الأرواح و التاريخ معا في ظل السياسة الصهيونية لطمس الهوية التاريخية للفلسطينيين.

حاورتها: إيمان زياري

النصر: ما تقييمكم لحجم الدمار الذي لحق الآثار والمواقع التاريخية منذ بداية الحرب الأخيرة على قطاع غزة؟
كما لم يرحم القصف الجوي الإنسان، فعائلات بكاملها أبيدت، استهدف أيضا مربعات بالكامل، فلم يراع فيه مواقع تراثية أو غير تراثية، ولم يأخذ بأدنى معايير الإنسانية، فالقصف العشوائي والعنيف يتركز في كل أرجاء قطاع غزة خاصة في الوسط والشمال.
القصف استهدف أيضا مؤسسات إنسانية في قلب مدينة غزة القديمة ومن هذه المواقع المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) الذي يعتبر مؤسسة محلية تقدم خدمات صحية هامة إضافة إلى الخدمات الاجتماعية، فهو يقع في حي الزيتون التاريخي جنوب مدينة غزة، و التي تديرها الكنيسة الأسقفية في القدس، و يعتبر من أقدم المستشفيات بالمدينة، حيث تأسس عام 1882، مساء يوم 17 أكتوبر هزت العالم أجمع مجزرة بشعة، قصفت فيها إسرائيل ساحة المستشفى العربي الأهلي المعمداني والذي كان يأوي النازحين، مما أسفر عن استشهاد حوالي 500 شخص بينهم أطباء وعمال في المستشفى إضافة إلى مرضى ونازحين لاجئين للحماية من القصف العشوائي، إضافة إلى المئات من الإصابات التي خلفها هذا القصف.
وفي يوم 19 أكتوبر تعرضت أيضا كنيسة القديس "برفيريوس" الأثرية، إلى قصف جوي أدى إلى استشهاد 16 شخصا على الأقل من النازحين من العائلات المسيحية وهذه الكنيسة ملاصقة لمسجد "كاتب ولاية" التاريخي والذي يعود للفترة المملوكية، تضرر بشكل كبير ويقع المبنيان في حي الزيتون في البلدة القديمة من مدينة غزة، هذان المبنيان من الشواهد على النسيج الاجتماعي وعمق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين واليوم جميعهم مستهدفين بالقصف الإسرائيلي في مشروع إبادة جماعية لأهالي وعائلات غزة.
هناك أيضا أنباء عن قصف العديد من المساجد منها المسجد العمري في مدينة جباليا شمال القطاع، المسجد تاريخي يعود للفترة المملوكية يتكون من جزء قديم بُني على الطراز الهندسي الإسلامي القديم، وآخر حديث، قصف المسجد في 20 أكتوبر الماضي.
كما تصلنا أخبار عن أضرار جسيمة في المتاحف ومن هذه المتاحف، متحف "رفح"، متحف "القرارة" ولدينا قلق كبير على متحف "قصر الباشا" الذي يقع في منطقة قصف عنيف يضمّ هذا المتحف حالياً مئات القطع الأثرية، يعود تاريخها إلى عدة عصور، منها العصر اليوناني، الروماني، البيزنطي، والإسلامي بما يحتويه من العصر الأيوبي والأموي والمملوكي والعثماني.
هناك موقع كنيسة مهمة في جباليا لدينا قلق كبير حولها أيضا، كنيسة "جباليا البيزنطية"، هي عبارة عن بقايا كنيسة مسيحية، تضم قبورًا وأرضيات فسيفساء وحولها أعمدة رخامية على مساحة 850 مترا مربعا من بينها 400 متر مرصوفة بالفسيفساء، يزيد عمرها على 1700 عام، وعاصرت منذ نشأتها 24 إمبراطورًا بيزنطيًّا و14 خليفة مسلمًا من الدولتَين العباسية والأموية.
تقع الكنيسة شمال شرق مدينة غزة ضمن الحدود البلدية لمدينة جباليا ويرجع تاريخ بنائها إلى سنة 444م، زمن الإمبراطور البيزنطي (ثيودوسيوس الثاني) الذي حكم ما بين سنة (408م ـ 450م)، وتعتبر الكنيسة البيزنطية في جباليا من أهم الكنائس في بلاد الشام.
النصر: في ظل استمرار الحرب والقصف، كيف تقومون  بالمعاينات وإعداد التقارير بشأن وضعية المنشآت الثقافية والأثرية في غزة و نحن نعلم أن اللجنة الدولية للإيكوموس قد أصدرت أمس الأول بيانا تطالب فيه بوقف العدوان على غزة و حماية البشر و التراث؟
أطلقت لجنة "إيكوموس" فلسطين نداء في 13 أكتوبر تطلب فيه إيقاف القصف وتأمين ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية العاجلة، وعبرت اللجنة عن خوف شديد في مواقع أثرية هامة، فلغزة موروث تاريخي وأثري وحضاري مستمر ونابض، وقد جاء في النداء ما يلي:
"ونعرب عن تخوفنا من أن يطال القصف العشوائي كنيسة القديس برفيريوس والكنيسة البيزنطية في جباليا، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي تحتضن معمل ترميم الوثائق والمخطوطات التاريخية التي تم تجميعها من المسجد العمري التاريخي الكبير، آثار ميناء غزة في منطقة البلاخية، الذي يحمل عناصر تاريخية مهمة تعود إلى العصر الروماني، وهو يشكل جزءاً حيوياً لاستمرارية الحياة في قطاع غزة".
على لائحة التراث العالمي (اللائحة التمهيدية) موقعان هناك، وهما: منطقة البلاخية ميناء الأنثيدون القديم شمال غرب مدينة غزة القديمة، وموقع تل أم عامر، ويعرف أيضاً باسم دير القديس هيلاريون، هو دير مسيحي أثري يقع جنوب مدينة غزة في فلسطين، لا نعرف إذا كان لحقهما الضرر أم لا. لا يمكن إجراء تقييم شامل ومفصل للأضرار، الوضع خطير جدًا في قطاع غزة، لا يمكننا إعداد تقارير في ظل هذه الحرب المسعورة، نعتمد على صور المواقع في الأخبار والإعلام التي تصور الأحداث بشكل يومي أكثر من مرة في اليوم، نجمع المعلومات من عدة مصادر، و لكنها مصادر غير رسمية و نقوم على تحليلها و تقدير الأخطار،  فمثلا كنيسة "بريفيروس" كما يظهر بالصورة التي وصلت إلينا يتبين أن المبنى الإداري للكنيسة وهو مبنى حديث وقد كان يأوي النازحين، قد انهار جراء القصف ولكن نتوقع أضرارا ارتدادية للمبنى التاريخي الأصلي و وجود تصدعات أو شقوق، لا يمكن التقدير الآن دون إجراء مسح للموقع وجميع المواقع التي تعرضت للقصف لتقدير حجم الأضرار، ونؤكد على أنه لا يمكن عمل مسح للأضرار دون إيقاف القصف والحرب.


النصر: إلى أي مدى سيؤثر القصف المتواصل على التراث المادي في غزة وأي نقطة يطالها التخريب بدرجة أكبر جراء الحرب بفلسطين؟
يشكل التراث الثقافي لغزة جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية الفلسطينية، وحيث أن القصف عشوائي ومركز في مواقع تاريخية دون مراعاة لأهمية الموروث الحضاري، وفي الأساس لا يوجد مراعاة للكثافة السكانية في هذه المواقع، لا نستطيع تقدير حجم الضرر و من المتوقع أن تكون الأضرار هائلة، نسمع مثلكم في الإعلام عن إزالة مواقع بالكامل، لكننا لسنا متأكدين من حجم الأضرار، الأكيد أنه يوجد أضرار، لا يمكن تحديد نسبة ذلك، فلا يوجد حاليا بعثات لمسح الأضرار في التراث الثقافي و توثيقها، الوضع خطير جدا، فحتى المساعدات الإنسانية تواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى هناك.
المساكن التقليدية المتبقية في الأحياء الواقعة خارج مركز البلدة القديمة، مثل حي الشجاعية والمناطق الريفية، وفي حي التفاح توجد المقبرة الإنجليزية وهي مقبرة عسكرية بمساحة 4 دونمات منذ فترة الانتداب البريطاني، إن هذه المواقع حساسة جدا، وطبيعة البناء والحصار الذي استمر لأكثر من 17 عاما في قطاع غزة أدى إلى إلحاق الأضرار بها و جعلها أكثر هشاشة لمواجهة مثل هذا الخطر الحالي من قصف عشوائي مدمر. إننا نخشى من حدوث اعتداءات على مواقع التراث الثقافي البارزة في قطاع غزة في ظل القصف العشوائي المركز على الأحياء التاريخية المهمة مثل حي الزيتون، والتفاح، والشجاعية التي تعود أجزاء منها إلى الفترات المملوكية و العثمانية.
النصر: شاهدنا عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي خرابا كبيرا ومدنا بأكملها مسحت عن الخارطة، أي نوع من الآثار والمواقع تضرر أكثـر علما أن القصف لم يفرق بين مسجد أو كنيسة؟
إن ما يجري هو مشروع صهيوني لإبادة أهل القطاع و تهجير متعمد لأكثر من نصف مليون فلسطيني، والدعوة إلى ترحيل مليون آخر من شمال القطاع، تم تدمير آلاف الوحدات السكنية، إضافة إلى استهداف المستشفيات والمدارس والجامعات، بغض النظر موقع تراث ثقافي أو موقع بنية تحتية حديثة.
يجب أن يتوقف القصف وأن تتوقف الحرب كليا لرحمة الناس، هناك من ما زال تحت الركام والأنقاض، وقد يوجد بينهم أحياء، القصف كما ذكرت عشوائي و يستهدف مواقع التراث والتجمعات السكنية، غزة بلدة كثافتها السكانية عالية جدا تعدادها بحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، حوالي 2.23 مليون نسمة، مساحة القطاع: 365كلم.
النصر: نعرف أن الاتصال شبه مستحيل مع المتواجدين بغزة، أنتم كلجان مراقبة وحفظ التراث الثقافي، كيف يجري الاتصال بينكم وبين زملائكم في الأماكن المتضررة؟
فعلا، وبعد مرور كل هذه الأيام والأسابيع وانقطاع الإنترنت والكهرباء، يكون همنا الأول الاطمئنان على سلامة زملائنا وسلامة ذويهم، في بداية الحرب كان الاتصال محدود بيننا و نحن في رام الله، الأصدقاء والعاملون في الدوائر الرسمية في قطاع غزة بشكل خاص أيضا محدود وحذر، والآن انقطع الاتصال مع معظمهم، خسرنا مصورين، ونشطاء في مجال التراث الثقافي، و لاحقا أصبح التواصل أكثر صعوبة بسبب قطع الكهرباء والإنترنت إلى أن انعدم كليا، بعض مؤسسات حفظ التراث في الضفة الغربية، كل حسب موقعه لديها اتصال بشكل أيضا محدود، وأحيانا ينقطع كليا لأيام متواصلة، ونبقى ننتظر أن نطمئن على سلامة زملائنا أولا.
نتبادل بعض المعلومات مع الزملاء في الضفة الغربية أو في القطاع رغم صعوبة التواصل حاليا، بشأن المواقع الثقافية وبشكل عام الوضع هناك، مع ما ينشر في الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي يمكننا تصور بعض الأضرار، وحسب مواقع القصف بناء على معرفتنا السابقة لهذه المواقع.
النصر: ما الذي تطالبون به لحماية هذا التراث؟ وما هو حجم الخسائر المتوقعة في حال استمرت الحرب أطول من هذا أو اتسعت رقعتها إلى مناطق أخرى من فلسطين؟
وحيث إن الموروث الثقافي والإنسانية جزأين متكاملين لا يمكن فصلهما، الإنسان هو الذاكرة الحاملة للموروث الثقافي وناقلها للأجيال القادمة، فإن إيقاف القصف والحرب أول المطالب وأهمها، كما ندعو لتأمين المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية ونقل الجرحى لمشافي الضفة الغربية، ودعم المستشفيات في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، ثم إرسال لجان علمية لتوثيق الجرائم و المجازر بحق الإنسان والتراث. العدوان العسكري على غزة يشكل انتهاكا واضحا لإعلان اليونسكو ضد التدمير المتعمد للتراث الثقافي والطبيعي، اليونسكو لم يصدر أي قرار إدانة ولغاية اليوم لم يزودونا بسجلات توثيق التراث هناك لإعداد خارطة أولية بناء على ما لديهم من مسوحات أو سجلات تراث ثقافي.إن التدمير المتعمد لهذا التراث سيكون له عواقب سلبية على الكرامة الإنسانية والحقوق الثقافية للشعب الفلسطيني، وتدميره يشكل خسارة كبيرة للإنسانية.يجب على المجتمع الدولي، وخاصة منظمة اليونسكو، لجنة التراث العالمي، ICOMOS، ICCROM، IUCN، ICOM،WACوغيرها من المنظمات الدولية إدانة الهجمات الإسرائيلية العشوائية ضد المدنيين وانتهاكاتها المستمرة للقانون الإنساني الدولي، والتدمير المتعمد للتراث الثقافي والطبيعي في غزة، كما نطالب الجهات الدولية المعنية بالعمل التراثي بوضع خطة إنقاذ و صون هذا التراث الإنساني.
إن الحصانة التي يمنحها المجتمع الدولي لقوات الاحتلال الإسرائيلية والتي تمكنه من الاستمرار في الإفلات من العقاب يجب أن تتوقف فوراً، وإلا فعلا ستتوسع رقعة الحرب لتشمل مواقع أخرى من فلسطين وربما دول مجاورة و هذا أكبر ما يخيف.                  إ.ي

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com