مضمون الأغنية العربية ضاع مع الصخب الغربي
لا تزال الأغنية الطربية بخير ،حسب المطرب محمد الحلو ،الذي اعتبر لجوء المواهب الفنية الجديدة إلى اختيار ألحان عمالقة الطرب لإبراز مهاراتهم و رغبة في إبهار لجان التحكيم ببرامج اكتشاف المواهب، شكل من أشكال الحفاظ على التراث الفني الأصيل و توريثه للأجيال الصاعدة، و التصدي لموجة الأغاني السريعة التي أساءت للذوق العام كلمة و لحنا.
حاورته مريم بحشاشي
المطرب المصري الذي حلّ مؤخرا ضيفا على قسنطينة في إطار فعاليات المهرجان الدولي للمالوف، تحدث للنصر عن المشاكل التي واجهها في مشواره الفني و التي اضطرته للاعتزال، إلى جانب الإشاعات الكثيرة التي تحوم حوله من حين إلى آخر مرة بخصوص القضايا التي جرته إلى أروقة العدالة كحيازة أسلحة دون ترخيص وأمور أخرى تطالعونها في هذا الحوار.
النصر:بداية نريد أن نعرف شعورك و أنت تشارك في مهرجان خاص بالموسيقى الأندلسية «المالوف»و أنت وريث عمالقة الأغنية الطربية؟
- محمد الحلو:أنا محظوظ لأنني أشارك في المهرجان الدولي للمالوف الذي صادف هذه السنة عيد الثورة الجزائرية، و بالمناسبة قررت تقديم طبق متنوّع فيه نغم طربي نضالي «عيد الكرامة» للراحلة وردة و أيضا لحن في طبع الموسيقى الأندلسية و هي قصيدة معروفة و محبوبة»الفياشية» لأنني أحب المشاركة في مثل هذه المهرجانات الثقافية و الفنية التي أتعلّم و أكتشف خلالها الكثير من الموسيقى و الطبوع الجميلة.
أخذ المشعل بعد جيل العمالقة، بمثابة رهان في مجال الأغنية الطربية في ظل موجة الموسيقى السريعة و الصاخبة؟
- المفروض أن يسلم الجيل المشعل لمن بعده، و نحن كنا محظوظين لأننا استلمناه من جيل طربي قوي جدا، فكان الحمل ثقيل نوعا ما، لكننا كنا قدر ذلك الرهان و وصلنا إلى بر الآمان، و استمرارنا دليل على ذلك و نحن بدورنا نحاول تسليمه إلى الأجيال من بعدنا.
هناك من يقول بأن جيل الأغنية الطربية اختفى، لكن بعض برامج المواهب الفنية أظهرت اهتماما و حافظ الشباب على أغاني العمالقة، فهل بإمكان مثل هذه البرامج الإسهام في إعادة مكانة الطرب في الساحة الفنية التي تشهد تدن رهيب في المستوى و في الذوق أيضا؟
- من الطبيعي أن المترشح عندما يقدم على امتحان، يحاول أداء أغنية، يبيّن من خلالها مهاراته، و لا يجد ذلك إلا في الألحان الطربية، من أغانينا و أغاني من سبقونا، و هم بذلك يعودون بالجمهور إلى الزمن الجميل و يؤثروا أيضا على الشباب لأن مثل هذه البرامج يتابعها بشكل كبير هذه الفئة، لذا فلا أحد استطاعته التخلي عن الأغنية الطربية، حتى لو فرض أصحاب المال و المنطق التجاري أنواعا تجارية لا تخدم الفن، و لا الذائقة الفنية، و لا الثقافة، لكن رغم كل ما يحدث من أمور رهيبة، يبقى الطرب الأصيل السلطان الذي لا يقهر.
لكن الأغنية الخفيفة هي الرائجة الآن؟
- رغم ذلك، يظهر كل جيل جديد عشاق و أوفياء للطرب الأصيل، و هنا يأتي دور الفنان، الذي عليه اعتماد معادلة خاصة لكسب الجمهور يعتمد من خلالها على أداء أغان طربية لكن في وقت قصير، حتى يستقطب سمع و اهتمام جمهور الشباب أيضا، لأنه لا يحتمل متابعة أغنية واحدة طيلة ساعة تقريبا..لكن لا زال هناك عشاق الأغنية الطربية الذين يستمتعون بألحان طويلة و ثقيلة و يطلبونها كثيرا، و أنا لدي حفلات في دار الأوبرا بين 5 و6 نوفمبر بكل من القاهرة و الإسكندرية و دمنهور تم الحجز لها منذ عدة شهور، وهو ما يعكس مكانة الطرب بوطننا العربي.
غنيت تيترات الكثير من المسلسلات التي عرفت نسبة مشاهدة عالية بمختلف الدول العربية، فأي هذه الأعمال خدم مسيرتك الفنية أكثر؟
-الحقيقة أغلب التيترات كانت موّفقة، لأنها كانت لأعمال درامية ناجحة، و لا يمكنني تذكر كل عناوين المسلسلات التي شاركت فيها بصوتي، و لعل أهمها «ليالي الحلمية»، «زيزينيا»، «الوصية»، «خالتي صفية و الدير» ..و غيرها من الأعمال التي ساهمت بشكل أو بآخر في إثراء رصيدي الفني و توسيع شعبيتي، فثمة من الجمهور من يحفظ أغاني تلك المسلسلات أكثر ما يحفظ باقي ألحاني حتى التي حققت شهرة كبيرة، لأن المسلسل يجعلني ضيفا على الجمهور طيلة ثلاثين يوم و هذا شرف اعتز به، خاصة إذا كان المسلسل جميل و الأغنية أيضا فهذا يخدمني كثيرا.
*ما أكثر أغاني التيترات التي يطلبها منك الجمهور باستمرار؟
-لا يوجد حفل لا تطلب فيه أغنية «ليالي الحلمية» أو «أعمار يا إسكندرية»التي أديتها في مسلسل «زيزينيا».
رأيك في التسجيل الريتمي الالكتروني الذي بات يطبع أغلب الأغاني الجديدة؟
-أظن أن الكثير من مضمون الأغنية العربية، ضاع مع هذا الصخب الغربي الذي يعتمدونه، لأن الأولين كانوا يتعبون في التأليف و التلحين، لكن في يومنا هذا بات بإمكان أي كان تركيب أغنية في لحظات دون تعب، غير أن هناك شباب يبشروا بالخير و أنا مقتنع بأن البلاد العربية كالمرأة الولود لا تكف عن إعطائنا المواهب و الأصوات الجميلة و المبدعة.. و مثلما يقال العمل الجيّد يخلد.
تكرر سيناريو اعتزالك الفن مرات كثيرة، هلا أخبرتنا عن أسباب ذلك؟
- بالفعل اعتزلت من قبل لأسباب يعرفها الكثيرون، و هي عدم تحملي للمتطفلين على الفن الطربي، لكن الأصدقاء و شخصيات مهمة في الدولة عملوا كل ما في وسعهم لإقناعي على العودة و كان الرئيس حسني مبارك من بين هؤلاء، فلبيت الطلب.
لكنك صرّحت مجددا بنيتك في الاعتزال بعد تسجيل القرآن الكريم، فهل اقترب موعد ذلك؟
-لا زال بعيدا نوعا ما، لكن بالفعل بدأت تجسيد مشروعي في تسجيل القرآن الكريم، ببعض السور القصيرة.
هل جرّبت مجالات أخرى غير الغناء؟
-نعم فتحت مطعما لكنني فشلت، فأنا لا أجيد شيئا آخر غير الغناء(يضحك).
ما قصتك مع حيازة الأسلحة دون ترخيص التي حملتك إلى أروقة العدالة؟
- كان لدي مسدس واحد، مع ترخيص بحيازته و ذلك منذ سنوات طويلة و كل ما تناقلته الصحف كان مجرّد إشاعة، لأنني تخلصت من ذلك المسدس أيضا.
ما أهم المحطات في حياتك الفنية ؟
-أول محطة كانت المعهد العالي للموسيقى العربية، أين التقيت صدفة بالملحن و الموسيقي الجزائري الصديق نوبلي فاضل الذي أهديت له أغنية «الدنيا» بالمهرجان الدولي للمالوف، و هو لحن منحني إياه شقيقه صلاح الدين نوبلي، المحطة الثانية كانت مع الأستاذ محمد عبد الوهاب الذي استفدت منه كثيرا، و ثمة محطة لا يمكنني تذكر مسيرتي الفنية دون استرجاع صور جميلة منها، لما عشته من فرح و افتخار بنجاح أغنية»عرّاف»..و هناك تجارب مهمة أخرى لي بالمسرح.
من خذلك في المجال الفني؟
- الحياة ليست كلها أحزان و لا كلها أفراح، مرة حلو و مرة مر و نفس الشيء في المجال الفني، الذي لا يمكن الاستمرار فيه دون كفاح.