تخليت عن الطب بسبب المنتخب و نادم على كل ما قدمته لقسنطينة!
فتح الدولي السابق نورالدين بونعاس قلبه للنصر في حوار عاد من خلاله إلى فترة حمله القميص الوطني وكيف غيبته الإصابة عن كان 1990، التي توج بلقبها منتخبنا تحت قيادة الناخب الوطني عبد الحميد كرمالي، الذي وصفه بالأب، كما تأسف محدثنا للوضعية التي آلت إليها كرة القدم الجزائرية، نتيجة دخول أصحاب المصالح وفق تشخيصه.
ابتعدت في الآونة الأخيرة عن عالم التدريب، ما هي الأسباب؟
سبب ابتعادي عن الساحة الرياضية، نقص العروض وعدم حيازتي على شهادة «كاف أ»، التي تسمح لي بالعمل على رأس أندية الرابطتين الأولى و الثانية، والحمد لله أنا بصدد إتمام دوراتي التكوينية و سأتحصل على الشهادة «كاف أ» في الأيام القليلة المقبلة، و كما تعلم عندما تبتعد عن ساحة التدريب لسنة أو سنتين تختفي العروض.
يكفيني فخرا تتويجي بالكان وبطولتين مع السنافر و الموك
سبق لك العمل مع عدة مدربين معروفين في صورة روجي لومير و دييغو غارزيتو، رغم ذلك لم تستطع أن تكون مدربا رئيسيا، لماذا؟
سؤال في محله، لقد عملت في شباب قسنطينة كمساعد و لم أتحصل على الفرصة من طرف المسيرين، مثلما يحدث مع أندية أخرى، في صورة مضوي و شريف الوزاني و بلعطوي و الأمثلة كثيرة، ولكن في قسنطينة لم يمنحوني الثقة الكاملة.
نفهم من كلامك بأنك قادر على قيادة فريق بحجم شباب قسنطينة كمدرب رئيسي؟
عملت في شباب قسنطينة كمساعد من 2010 إلى غاية 2015، كما أنني كنت مدربا رئيسيا خلال مراحل انتقالية، بعد رحيل المدربين، حيث قدت الشباب حوالي 14 إلى 15 مباراة، ولم أنهزم إلا في مباراة واحدة أمام جمعية الشلف على ملعب هذا الأخير، وهو ما يؤكد بأن المدرب عندما تمنحه الثقة قادر على صنع العجب.
ومن هو المدرب الذي استفدت من العمل معه؟
أحسن مدرب عملت معه واستفدت من العمل إلى جانبه هو المدرب العالمي روجي لومير، الذي يجعلك تنسى في بعض الأوقات بأنه متوج بكأس العالم وبطولة أوروبا و كأس أمم إفريقيا، بالنظر إلى تواضعه الكبير، صراحة لقد تعلمت الكثير من التقني الفرنسي، الذي كان يتشاور معنا في كل كبيرة وصغيرة، وفي بعض الأحيان يأخذ بنصائحنا، خاصة بخصوص التشكيلة الأساسية التي كنا نعتمد عليها.
كرمالي كان بمثابة أب لنا وهذا ما صنع الفارق في 1990
ماذا تقصد بالضبط؟
لومير كان يطلب من جميع أعضاء الطاقم الفني اقتراح تشكيلة، وفي الأخير يستقر على التشكيلة الأساسية بعد استشارة الجميع، عكس المدرب دييغو غارزيتو، الذي لم يكن يستشيرنا في تحديد التشكيلة الأساسية، حيث كنا نتعرف عليها مثل بقية اللاعبين في غرف تغيير الملابس.
وما هي نقاط قوة المدرب روجي لومير؟
قوة لومير حسب اعتقادي كانت في طريقة تعامله مع اللاعبين وشخصيته القوية، وهو من المدربين، الذين لا يتكلمون كثيرا، و لكنه يعتمد على الملاحظة، وكان يترك لنا الحرية في العمل، وعندما يريد قيادة الحصة بمفرده يخطرنا من قبل.
حدث سوء تفاهم بينك وبين المدرب غارزيتو، ولكنك رفضت الحديث عنه في وقتها، هل لك أن توضح لنا ما حدث بالضبط؟
سوء التفاهم الذي حدث بيني و بين غارزيتو، كان بسبب اعتقاده بأنني أميل نوعا ما إلى الإدارة، وهو مخطئ في ذلك، حيث أنني أبحث دوما عن مصلحة الفريق و أعمل بنية خالصة، و ليس لدي أي حسابات أخرى.
نعود بك قليلا إلى الوراء، وبالضبط إلى حادثة توقفك عن الدراسة في كلية الطب، ما السبب في ذلك، خاصة وأن هناك عدة أقاويل عن سبب اتخاذك هذا القرار؟
سأوضح لك كل شيء، كنت أدرس في السنة الثالثة طب بمعهد باستور، وأحرص دوما على التوفيق بين الدراسة و كرة القدم، ولكن الظروف كانت صعبة، سيما وأنني كنت مرتبطا مع المنتخب الوطني منذ سنة 1989 إلى غاية 1992، حيث كنا نجري تربصات كل شهر لمدة ما بين ثلاثة أيام إلى أربعة أيام، و هو ما يجبرني على الغياب عن الدراسة، رغم أنني كنت أحضر شهادة من الوزارة تبرر الغياب، ولكنني وجدت صعوبات من طرف القائمين على معهد الطب، الذين كانوا يمنحوني صفر في الاختبارات.
لم أمنح الثقة في شباب قسنطينة مثلما يحدث مع مضوي وشريف الوزاني وبلعطوي
هل نفهم من كلامك بأن تربصات المنتخب الوطني أجبرتك على ترك مقاعد الدراسة ؟
لم أجد المساعدة من طرف القائمين على معهد كلية الطب بقسنطينة، حيث رفضوا تأجيل إجرائي الاختبارات، رغم أنني لم أكن أطلب المساعدة بمنحي النقاط، وأعتقد بأنني كنت مستهدفا في تلك الفترة.
بصراحة، ألم تندم على هذا القرار؟
لا أخفي عليك لقد ندمت كثيرا على هذا القرار، خاصة أنني ضيعت مستقبلا في هذا المجال، و أكثر ما يجعلني أشعر بالندم هو أنني قدمت كثيرا لهذه المدينة، ولكنني في الجهة المقابلة لم أنل أي شيء، بل خسرت الكثير، سواء من الناحية العلمية و التكوينية، أو من الناحية الرياضية، أين فوت على نفسي فرصة الاحتراف في تونس، سواء عندما كنت لاعبا في مولودية قسنطينة أو في شباب قسنطينة، وهو ما يجعلك تستنتج أن هذه المدينة لا تكرم من يخدمونها و يهدونها كل شيء، بل العكس تماما.
ماذا تقصد؟
نحن نعرقل و لا نمنح الفرصة، بل أكثر من ذلك «يمسحوا فينا الموس»، وسيناريو ما حدث لي مع غارزيتو تكرر مع براتشي في مباراة نصر حسين داي، أين اعتبروا بأنني أنا من قمت بالتغيير، فبعدما كان الفريق متأخرا في النتيجة بهدف دون رد، كنت أنا من يسير المباراة، وبعد تسجيلنا هدفين ظهر براتشي، و لا أريد العودة إلى تلك الحادثة التي طلب فيها قيرابيس التغيير، بعد أن تعرض إلى الإصابة، لكنهم قاموا بتأليف قصة أخرى، وما عساي أن أقول سوى حسبي الله و نعم الوكيل.
قوة لومير في تواضعه و شخصيته
نتحدث الآن عن مشوارك الكروي، ما هي أهم محطاتك؟
مشواري الكروي، انطلق سنة 1985، قليل من يعرف بأنني بدأت اللعب مباشرة في صنف الأكابر مع فريق بناء قسنطينة، أين لعبت موسمين و بعدها انتقلت في سنة 1987 إلى نادي مولودية قسنطينة، وهو الفريق الذي فتح لي أبواب المنتخب الوطني الجامعي، وبعدها المنتخب المغاربي، الذي كان مشكلا من لاعبين من تونس و المغرب و موريتانيا، ليتم بعدها استدعائي إلى المنتخب الوطني الأول، وبعدها انتقلت إلى شباب قسنطينة.
وهل تتويجك مع المنتخب الوطني يعتبر الأهم؟
تتويجي مع المنتخب الوطني له نكهة خاصة، كما أن الحصول على البطولة الوطنية مع فريقي شباب قسنطينة ومولودية قسنطينة أيضا لديهما نكهة خاصة، الحمد لله أنني شاركت في 14 ديربيا، وربما الوحيد الذي سجل ثلاثة أهداف مع الفريقين.
وبماذا تحتفظ عن تتويجك بالكان، رغم أنك غبت في آخر لحظة عن اللقاءات الرسمية بسبب الإصابة؟
لو أخبرك بشيء لن تصدقني، لقد كنت أنا الظهير الأيسر الأساسي في تلك الدورة، وقبل أسبوع فقط عن انطلاق الكان، كنا نقوم بعمل تكتيكي في التدريبات عصماني في حراسة المرمى، بن حليمة على اليمين وأنا على الجهة اليسرى و أدغيغ و مغارية في المحور، نعمل على كيفية إخراج الكرات، ولكنني تعرضت إلى إصابة كانت تبدو خفيفة، و لكن مع مرور الوقت اتضح بأنني لا استطيع المشاركة في الكان، ورغم ذلك كرمالي كان يقترب مني ويؤكد لي بأنه يريدني في الدور نصف النهائي و بعدها في النهائي، قبل أن يتأكد من استحالة الاعتماد علي.
كرة القدم أصبحت تستقطب أصحاب المصالح
ما هو سر تألقكم في تلك الدورة والتتويج باللقب؟
أعتقد بأن روح المجموعة هي من صنعت الفارق، زيادة عن المستوى الفني، الذي كنا نتمتع به، لقد كان المنتخب مشكلا من عدة نجوم، في صورة ماجر و مناد وعماني، الذين كانوا ينشطون في أندية أوروبية إلا أنهم كانوا قمة في التواضع، ضف إلى ذلك دخولنا في تربص لمدة شهر كامل في فندق 5 جويلية، وهناك تجسدت روح المجموعة، أين كنا نعيش كأسرة واحدة، نتقاسم كل شيء ولا يوجد أي فرق بين اللاعبين.
وما هي الصورة التي تحتفظ بها عن المدرب كرمالي رحمه الله؟
كرمالي كان أكثر من أب بالنسبة لنا، لقد كان قريبا جدا من اللاعبين، ويعرف كيف يتعامل معهم، كما أنه يملك نظرة واسعة عن كرة القدم، ضف إلى ذلك الطاقم الفني المساعد له، لقد كان مشكلا من عدة تقنيين لا بأس بهم في صورة فرقاني والمرحوم عبد الوهاب وسعدي، أين كانوا يتشاورون كثيرا، وأعتقد بأن كرمالي رحمه الله من خيرة ما أنجبت الكرة الجزائرية و لولا حادثة «زيغينشور» ربما كان سيعمر أكثر مع المنتخب الوطني.
وكيف ترى مستوى كرة القدم الجزائرية حاليا مقارنة بفترتكم؟
أعتقد أن سبب تراجع مستوى الكرة الجزائرية على المستوى المحلي، يعود إلى غياب العمل القاعدي بالدرجة الأولى، حيث تفتقد جل الأندية إلى سياسة التكوين، وبالنظر إلى عملي على مستوى الفئات الشبانية، وقفت على غياب الإمكانيات، كيف تنتظر تكوين لاعب المستقبل من خلال تدرب ثلاث فئات شبانية على نصف ملعب، وأكثر من ذلك في بعض الأحيان، لا توجد الكرات، أين يتقاسم ثلاثة لاعبين كرة واحدة، أما على مستوى فئة الأكابر، فإن اللاعبين أصبحوا يهتمون بالأموال أكثر من أي شيء آخر، كما أنهم يفتقدون إلى الجدية في العمل، وكرة القدم حاليا أصبحت تستقطب أصحاب المصالح، وفي وقت سابق كرة القدم كانت تجلب أهل الاختصاص وفقط.
حاوره: بورصاص.ر