لم أغب بل غيّبوني و حالتي الإجتماعية مزرية
أعرب الفنان الجزائري أحمد قادري المعروف فنيا باسم قريقش الذي يُعتبر من أبرز نجوم الكوميديا الجزائرية، عن استيائه من التهميش الذي طاله رغم ما قدمه للكوميديا و للثقافة الجزائرية من أعمال فنية طيلة 58 سنة.
وقال قريقش الذي يبلغ حاليا 81 عاما، و لم تجف عيناه من الدموع طيلة دردشتنا معه على هامش حفل تكريمه بتيزي وزو في نهاية الأسبوع ،بأنّه يعاني من وضعية اجتماعية مزرية و لم يغب عن الساحة الفنية، بل غيّبوه و هو على أهبة الاستعداد لتقديم مختلف الأدوار و ليس الكوميدية فقط التي اشتهر بها سواء في المسرح أو التليفزيون أو السينما ،مشيرا إلى أنه كتب 66 سكاتشا و مسرحية لا تزال حبيسة الأدراج .
ـ أنا لم أغب، ولا يوجد أي فنان يغيب بعد قضائه سنوات عمره في التمثيل، بل يغيّب، وأنا غيبت، ولا أدري لماذا؟ ولمصلحة من؟، و لا أدري ماذا جنوا من غيابي ومن غياب كثيرين غيري؟، لا أدري حقا لماذا.
في الأساس، يصرون على تغييب وجوه لها بصماتها على الساحة الفنية الجزائرية خاصة القديمة منها ، لا أدري هل هذا مقصود؟ صحيح أن الجمهور استغرب من غيابي ، وسأقول لهم أن الأمر يعود إلى المنتجين والمخرجين الذين غيّبوا وجوها أحبها الناس وتعلقوا بها طيلة سنوات.هذا الواقع جعلني أعزف عن الكتابة. نعم توقفت عن الكتابة منذ فترة ،
أريد أن ألفت انتباه جمهوري أن لدي 5 كتب خاصة بالنكت أنجزتها بين 2001 و 2011 و هي متوفرة في المكتبات، وأتمنى أن يكتب جميع الفنانين القدامى أعمالهم و يطبعونها حتى يتركوا أثرهم للجيل القادم.
ـ بالتأكيد سأعود فأنا جاهز في أي لحظة، سواء للعمل بالمسرح أو التلفزيون أو السينما ويمكنني تقمص جميع الشخصيات والأدوار في مختلف المجالات ،وليس فقط الكوميديا والفكاهة، الفنان لا يمكنه أن ينحصر في دور واحد فقط وشخصية معينة، كما أنه لا يمكنه أن يتقاعد عن الفن ،مهما تقدم به السن. عمري الآن 81 عاما ، وتجربتي الفنية تفوق 58 سنة ولن أتخلى عن التمثيل حتى يغيبني الموت أو حينما أعجز عن تقديم أي شيء.
ـ تأثرت بمحمد التوري الذي أعتبره مثلي الأعلى و كنت تلميذا عنده في سنة 1957 ، كما تأثرت أيضا بقامات الفن الجزائري أمثال محي الدين بشطارزي، جلول باش جراح، مصطفى قصدلي علال المحب وغيرهم.
ـ عرفت المرحوم قاسي تيزي وزو رحمة الله عليه، في الستينيات من القرن الماضي عن طريق الفنان كمال حمادي الذي قدّمه لي رفقة الممثل أرزقي نابتي، المعروف باسم موح باب الواد، للمشاركة في إحدى مسرحياتي في فرقة نجمة الصباح التي أسستها سنة 1959 وقد قمنا بذلك العمل مع ثلة من الممثلين المحترفين من بينهم الفنانة القبائلية أنيسة ميزاقير، قضيت مع قاسي تيزي وزو مدة 16 سنة، كانت كلها مرحا و ابتساما ولم نختلف يوما، وبعدها واصل التمثيل مع المرحوم بوبقرة أو حسان الحساني.
عندما كرمته إدارة مسرح كاتب ياسين بتيزي وزو، يوم 27 أفريل 2013 تأسفت لعدم حضوري بسبب سوء حالتي الصحية ، كنت يومها مريضا ولم أقو على السفر ، لكنني حضرت رفقة ابنته وشقيقته في حفل تكريمه بعد وفاته بمسقط رأسه في بني ورتيلان بولاية سطيف،كان نعم الصديق والأخ والزميل .
كلمتي الأخيرة عبارة عن نداء للدولة الجزائرية و السلطات العليا في البلاد، خاصة وزارة الثقافة أن تلتفت إلى حالتي الاجتماعية المزرية،فأنا أعاني من مشكل السكن الذي أرّقني منذ سنوات، كرست حياتي للفن، ومارست الفن لأجل الفن ولم أفكر يوما في مصلحتي.
واليوم أعاني من النسيان و تجاهل المسؤولون لطلبي الخاص بالسكن ،وسلبوا حقي في الحصول عليه رغم أنني أودعت عدة طلبات ، أعيش حاليا رفقة عائلتي الكبيرة وعائلة ابني الذي اغتالته أيادي الإرهاب في سكن ضيق، وأمنيتي اليوم أن أستفيد من سكن مثل أي مواطن، حتى لا أتشرد في الطرقات والفنادق رفقة زوجتي. الحمد لله لدي منحة التقاعد، ولكن لا يمكنني شراء منزل لأن إمكانياتي محدودة.أتمنى أن تجد صرختي هذه آذانا صاغية قبل أن أغيب عن هذه الحياة.