السبت 21 سبتمبر 2024 الموافق لـ 17 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

اللاعب الدولي السابق فارس جاب الخير للنصر: لمســت إرادة سيـاسيـــة في تطهيــر عالـم المستديــرة


أكد المهاجم الدولي السابق فارس جاب الخير، بأن نشاط «الكواليس» ليس حديث العهد في المنظومة الكروية الجزائرية، بل أنه ـ كما قال ـ يعود إلى عشريات طويلة من الزمن، لكن الافتقار للجرأة والشجاعة من أجل الضرب بيد من حديد، أدى إلى تفشي الظاهرة، وأخذها أبعادا أخرى، بامتداد الفساد إلى أغلب الأطراف الفاعلة.

حاوره: صالح فرطاس
ابن مدينة مسكيانة، وفي حوار خص به النصر، أوضح بأن تدخل الوزارة في قضية التسجيل الصوتي، يعد بمثابة الخطوة الميدانية التي تكشف عن وجود إرادة سياسية لتطهير المحيط الكروي بالجزائر، تماشيا مع الإستراتيجية المنتهجة لبناء جزائر جديدة على أسس صحيحة، كما تحدث عن مشواره مع المنتخب، وأكد بأنه كان ضحية «الجهوية» التي اعتمدها ماجر، وعرج أيضا على مغامرته الاحترافية في تونس، وكذا مشواره المميز مع كل من اتحاد عنابة وشباب قسنطينة.
- ما تعليقك على قضية التسجيل الصوتي، التي طفت مؤخرا على السطح والإجراءات المتخذة من طرف العدالة؟
الحقيقة أن الخطوة التي قامت بها وزارة الشباب والرياضة، تبقى نقطة التحول في مسار المنظومة الكروية الوطنية، لأن الجميع على دراية بالوضع المتعفن الذي تعيشه الكرة الجزائرية على الصعيد المحلي، وهذه السلوكات ليست جديدة، لأن الواقع الميداني لا يمكن أن يحجب الرؤية عن الفساد، الذي نخر جسد المنظومة منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن التزام مسؤولي الاتحادية وكل الهيئات الكروية الصمت، زاد في تفاقم الأوضاع، دون تحرك أي طرف، رغم وجود نصوص قانونية، تعاقب كل من يتورط في قضايا الفساد، إلا أن هذه القوانين بقت مجرد حبر على ورق، وعدم اللجوء إلى تطبيقها كان دوما بحجج واهية، تتمثل في المطالبة بضرورة توفير الدليل المادي، الذي يكفي لإثبات التهمة على المتورطين، وهذا المبرر فسح المجال أمام «المافيا»، التي أحكمت سيطرتها على المشهد الكروي، خاصة على مستوى النوادي، حيث كانت الإستراتيجية واضحة، باستقدام لاعبين بأموال خيالية، وبرمجة تربصات خارج الوطن، وهذا لفسح المجال أمام التحايل على القوانين، سواء باقتطاع شطر من مستحقات أي لاعب، أو حتى في الشق المتعلق بتكاليف التربصات، بينما تبقى الميزة الأبرز للمنافسة الكروية في البطولة، الحديث قبل كل مقابلة عن شراء ذمم الحكام، مع دخول اللاعبين في قضايا بيع وشراء المباريات وتسهيل مهمة المنافسين، وهي أمور يعلمها الجميع منذ سنوات طويلة، غير أن العمل على التصدي لها كان شكليا، فكانت خرجة الوزارة هذه المرة صارمة، باللجوء إلى العدالة، مما قد يزعزع «إمبراطورية الفساد الكروي»، لأن النموذج الحي موجود، وكل من يتجرأ مستقبلا على ممارسة أساليب التلاعب، بالمباريات سيلقي نفس المصير.
- كلامك اتهام مباشر لرؤساء الأندية في قضايا الفساد، فما سبب ذلك؟
أنا لم أتهم رؤساء الفرق فقط، بل أن الفساد عشعش في أوساط جميع الأطراف الفاعلة في الساحة الكروية، مادام الفضاء ظل مفتوحا للدخلاء الذين فرضوا تواجدهم بقوة، كما هو الحال بالنسبة للشريحة التي أصبحت الحلقة الأبرز في السلسلة، ويتعلق الأمر بـ«الوسطاء»، لأن هذه الفئة تمتهن «السمسرة»، سواء في سوق انتقالات اللاعبين والمدربين، أو حتى في مجال التحكيم، إلى درجة أن هناك من شكّل «لوبيات» كبيرة لتسيير البطولة، بالتعامل مع مجموعة محسوبة على سلك التحكيم، ورؤساء الأندية أو المسيرين بصفة عامة، لم يبادروا إلى نفض الغبار عن أنفسهم، بل أن معطيات الفساد، ساعدتهم على تحقيق أغراضهم الشخصية على حساب مصلحة كرة القدم الجزائرية، والأوضاع ازدادت تأزما بعد قرار اعتماد مشروع الاحتراف في الجزائر، لأن هذه التجربة أعطت الفرصة للرؤساء من أجل انتهاج سياسة جديدة، بالرفع من أجور اللاعبين، وتجاوزها حدود المعقول، لكن دون البحث عن مصادر تمويل أخرى، إذ يبقى المال العام المصدر الوحيد، لتكون عواقب ذلك غرق كل الأندية في إرث ثقيل من الديون، مع بقاء الشركات الرياضية مفلسة، دون القدرة على تمكين البطولة الوطنية من التقدم خطوة إلى الأمام، في غياب أي سياسة تراعي التكوين والعمل القاعدي، بدليل أن الفئات الشبانية تعاني الإهمال والتهميش على مستوى كل الأندية.


- برأيك، كيف يمكن للكرة الجزائرية التخلص من  «الكولسة»؟
كما سبق وأن قلت، فإن دخول وزارة الشباب والرياضة على الخط، بإحالة ملف التسجيل الصوتي المسّرب على العدالة، كفيل بالتخفيف من حدة هذه الظاهرة، لأن ما عشناه في السنوات الماضية تجاوز الخطوط الحمراء، سيما وأن التباهي ببيع وشراء المباريات أصبح علنيا، وفي «بلاطوهات» القنوات التلفزيونية، ولو أن الانفتاح الإعلامي وكثرة المنابر، ساهمت بشكل مباشر في تحريك الوزارة، بعدما شكلت قضية التسجيل مادة دسمة لكل وسائل الإعلام، مع معالجتها من جميع الجوانب، وعلى مدار أسابيع متتالية، بينما كانت الفترات السابقة تعرف غياب التعامل الصحفي مع قضايا ترتيب المباريات، وهذا العامل قابله التزام الهيئات الكرة الصمت، مما أدى إلى تفشي الفساد، وامتداده من رؤساء الفرق والمسيرين إلى اللاعبين والحكام، بينما تبقى الحلقة الدخيلة والأخطر هي تلك الخاصة كما قلت آنفا «الوسطاء» وعليه فإن خلاص كرتنا من هذه الأساليب، يمر عبر إلزام الاتحادية على تطبيق القوانين بصرامة، مع اللجوء مباشرة إلى العدالة والتأسس كطرف مدني، لأن هذا الإجراء لم يكن معمولا به، الأمر الذي أبقى الكثير من الملفات رهينة الأدراج ودون مفعول ميداني، رغم أنها أخطر من القضية المطروحة حاليا.
- تتحدث بحرقة عن جذور الفساد، فهل عشت حادثة مماثلة في مشوارك الكروي؟
كلا.. فأخلاقي لا تسمح لي بالخوض في القضايا التي تمس بنزاهة كرة القدم، بل على العكس من ذلك، يمكن القول بأنني كنت من ضحايا قضايا الفساد، لأن مثل هذه الأساليب لا تنحصر في ترتيب نتائج المباريات، بل تشمل أيضا التسيير، وهذا الجانب الذي عانيت منه كثيرا، على اعتبار أن بدايتي مع الكرة كانت في اتحاد مسكيانة، ثم انتقلت إلى أواسط مولودية قسنطينة، حيث أعجب بي الرئيس دميغة في الاختبارات الانتقائية، فقرر إلحاقي مباشرة بتشكيلة الأكابر، التي كانت في تربص بعين سمارة، لكن تلك الترقية أبقتني على الهامش على مدار موسم كامل، فطلب مني المدرب التحول إلى فريق آخر على سبيل الإعارة، لكنني قررت الانتقال إلى اتحاد تبسة حرا، أين قضيت 3 مواسم، كانت بمثابة نقطة الانطلاق الفعلية لمسيرتي الكروية.
- لكن بروزك كان بألوان إتحاد عنابة، مما عبّد أمامك الطريق للالتحاق بالمنتخب الوطني؟
أنا لا أنكر ذلك،، فموسمي الأول مع اتحاد عنابة كان استثنائيا، وبرزت فيه رفقة جيل مميز من اللاعبين، الأمر الذي جعل الناخب الوطني جداوي يضمني إلى تعداد المنتخب، وكان أول ظهور لي بالألوان الوطنية ناجحا، بتسجيل هدفا في ودية رومانيا، و«السيناريو» نفسه تكرر في المباراة الثانية أمام ذات المنافس، وأعجبت حينها مدرب المنتخب الروماني، الذي أصر بعد انتقاله إلى نادي سبورتينغ لشبونة البرتغالي على الظفر بخدماتي لتدعيم خط الهجوم، لكن «المكتوب» حال دون تجسيد هذه الصفقة، ومشواري في المنتخب، تواصل تحت قيادة جداوي إلى غاية الهزيمة الثقيلة التي تلقيناها بمصر في تصفيات مونديال 2002، ولو أن التغيير الذي حصل على مستوى العارضة الفنية لم ينعكس بالسلب على مكانتي، على اعتبار أن كرمالي أبقاني ضمن القائمة، وشاركت في باقي المباريات من تصفيات المونديال و«الكان»، بما فيها المقابلة الشهيرة أمام مصر بعنابة، والتي أكدت على نزاهة الجزائريين، بعدما رفضنا التنازل عن شرف بلادنا، وقد شاءت الصدف أن تكون تلك المواجهة، هي الأخيرة لي مع الخضر.
- وما السبب الذي أدى إلى شطبك من تعداد المنتخب الوطني؟
لا يوجد أي سبب منطقي، وكل ما في الأمر أن ماجر وبمجرد توليه قيادة المنتخب اعتمد «الجهوية»، كمعيار لاختيار اللاعبين، وبحكم أنني من مسيكانة فقد قرر تهميشي، رغم أن كل المتتبعين كانوا مقتنعين بأن مكانتي في المنتخب مستحقة، سيما وأنني احترفت في تلك الصائفة في الملعب التونسي، وشاركت مع الفريق في تربصين بإيطاليا وألمانيا، وكنت في أوج العطاء، غير أنه لم يدرجني ضمن القائمة المعنية بالتحضير لدورة «كان 2002»، والتحاقي بتونس كان بناء على عقد أبرمه رئيس اتحاد عنابة ميريبوط مع نظيره للملعب التونسي، لكن الحظ لم يحالفني في هذه المغامرة، إذ تعرضت لإصابة خطيرة في الجولة الخامسة، أبعدتني عن الملاعب لمدة 3 أشهر، وبعد نهاية الموسم قررت العودة إلى عنابة.
- وماذا عن مسيرتك مع الأندية، والدوافع التي كانت وراء كثـرة التنقلات؟
اللاعب يبحث دوما عن مصلحته من الناحية المادية، لأن كرة القدم تبقى مصدر رزق، كما أن الظروف لم كانت مواتية في العديد من الأندية، وانتقالي من عنابة إلى مولودية الجزائر، كان بنية استعادة مكانتي في المنتخب، لكن ماجر أبقاني خارج خياراته، بسبب النظرة المسبقة التي أخذها عني، وبعدها كانت لي تجربة مع شباب قسنطينة، كانت مميزة، كواحدة من أحسن الذكريات في مشواري الكروي، غير أن المشاكل العويصة التي كان يتخبط فيها الفريق انعكست علينا بالسلب، والإدارة لم تتصل بي بعد نهاية الموسم، مما جعلني أقرر العودة مرة أخرى إلى اتحاد عنابة، حيث قضيت موسمين وحققت الصعود مع الفريق، لتكون عودتي ثانية إلى السنافر، وشاءت الصدف أن تكون مرة أخرى لموسم واحد، لأن مشكل المال كان مطروحا بحدة في الشباب، فغيّرت بعدها الوجهة إلى اتحاد بلعباس، ليكون الصعود الذي حققته مع اتحاد عين البيضاء إلى الوطني الثاني، محطة الختام لمسيرتي، حيث اعتزلت وأنا أبلغ من العمر 34 سنة.
- وكيف تنظر إلى مستقبل الكرة الجزائرية بهذا الجيل، خاصة بعد التتويج باللقب القاري؟
كنت من بين المتفائلين بنجاح المنتخب الوطني، في تأدية مشوار مميز في «الكان»، لأنني أعرف بلماضي جيدا، والفترة التي قضيتها في المنتخب مكنتني من الاقتراب منه أكثر، وما اكشتفناه في بلماضي اللاعب من ميزات تجسدت في الجيل الحالي، خاصة الروح الانتصارية وتعلقه الكبير بالألوان الوطنية، لأنه كان يسعى دوما إلى تحفيزنا ومحاولة إعطاء المجموعة المزيد من الثقة في النفس والإمكانيات، رغم أن المنتخب كان في تلك الفترة لا يتوفر على الإمكانيات المادية، ومع ذلك فإنه رفقة بن عربية وضعا خبرتهما في خدمة المجموعة، وما ساعد بلماضي في مهمته كمدرب الشخصية القوية التي يمتلكها، لأن مشكل الكرة الجزائرية في السابق، يكمن في تجرأ بعض المسيرين على التدخل في مهام الطاقم الفني، خاصة عند ضبط التشكيلة، والأكيد أن بلماضي قطع الطريق أمام هذه الأساليب، فكان النجاح حليفه، بإحراز اللقب القاري، وبناء منتخب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال، لأن الدرس الذي قدمه للعالم برمته أمام كولومبيا، يبقى الدليل الميداني على الهيبة التي اكتسبتها التشكيلة الحالية.
ص. ف

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com