سريع برج غدير.. بداية بطيئة ونهاية سعيدة
حمل تتويج سريع برج غدير بلقب بطولة الجهوي الأول لرابطة باتنة واقتطاع تأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الرابطات الكثير من الدلالات، وتأكيدا على طموح هذا الفريق للعودة إلى قسم ما بين الجهات الذي غادره موسم 2018 ـ 2019، ومن ثمة التخلص من رواسب الماضي، رغم المشاكل والصعوبات التي واجهته طوال الموسم، والمزاحمة الكبيرة من أندية، كانت تسعى لتحقيق نفس المكسب، أبرزها ترجي آريس ونجم البرج وأمل مروانة.
روبورتاج: محمد مداني
وما يجسد هذا الطرح، دخول السريع المنافسة باحتشام ودون تحضيرات، بسبب غياب إدارة شرعية ومنتخبة والحجز على الرصيد، ما أدى إلى تشكيل لجنة تسيير مؤقتة برئاسة بولعواد مروان، الذي حمل المشعل في فترة صعبة ومضطربة، ليستعيد الفريق تدريجيا توازنه واستقراره، متحديا غياب الإمكانات المادية والدعم المالي الضروري.
ورغم هذه الانطلاقة المتعثرة وانعدام أبسط المتطلبات، تمكن ممثل ولاية البرج من تخطي الكثير من العقبات بخزائن تكاد تكون خاوية، وضمان الصعود إلى قسم ما بين الجهات، قبل جولتين من اختتام البطولة وحصد كل الألقاب، منها أحسن قاطرة أمامية وقعت 57 هدفا، وأفضل خط دفاع تلقى 20 هدفا، مع تسجيله 19 انتصارا و8 تعادلات، و3 هزائم.
توقيع أبناء «الغدير» لشهادة الارتقاء لم يكن سهلا، بقدر ما استوجب الكثير من التضحية والتجنيد وتضافر جهود كل الأطراف الفاعلة، الأمر الذي جعل مدينة برج غدير، تعيش على وقع الحدث لأزيد من أسبوع، بعد أن استطاع «الديركتوار» كسب الرهان، فيما تمكن المدرب سليم حداد من ترويض آلة فريقه، وضبط حركاته على النتائج الجيدة خاصة في مرحلة الإياب، التي كبرت فيها طموحاته.
ويجمع المحيط العام للنادي، على أن هذا الإنجاز تحقق بفضل التجنيد الواسع وسواعد الرجال، الذين حملوا مشعل التحدي وسارعوا إلى تدارك التأخر في وضع ملف الانخراط على طاولة الرابطة، ناهيك عن مساندة الأنصار الذين لعبوا دورا بارزا في خطف الأضواء وتعويض خيبة أمل الموسم الماضي، أين ضيع الفريق الصعود في المحطة الأخيرة وبفارق الأهداف لصالح أمل بريكة.
ووسط هذه الظروف، يخشى مسؤولو الفريق كثيرا على مستقبل السريع، من منطلق تجربة هذا الموسم وانعدام مصادر تمويل، الأمر الذي يستدعي الإسراع في تحضير متطلبات الموسم الجديد، وتفادي ركوب المصعد.
صناع الإنجاز
الحراس: مروش ـ زياني ـ بوسام
المدافعون: بن خليفة ـ بوبكر ـ زواوي ـ دراجة ـ مروش ـ فراحتية ـ بن عبيد ـ دهيمات.
وسط الميدان: بعلي حسام ـ بوسام شعيب ـ بوسام يعقوب ـ شردود ـ بلمومن ـ زياني إسحاق ـ بعلي صهيب ـ لعرابة ـ شحمي.
المهاجمون: تريرات إسحاق ـ بن درميع ـ بركات ـ بن مهني ـ بن روان.
المدرب: سليم حداد
المدرب المساعد: بورنان شريف عثمان
مدرب الحراس: بن نية صلاح
مدرب الفريق سليم حداد
انخرطنا في الوقت البديل وما تحقق معجزة
*بداية نهنئكم على الصعود، كلمة عن هذا الإنجاز ؟
شكرا لكم وعلى دعمكم، بكل تأكيد اعتبره إضافة لرصيدي الشخصي، وتحديا كبيرا كونه تحقق بإمكانيات شبه منعدمة، وهو في اعتقادي ثمرة عمل جماعي وتضحية ومساهمة كل الأطراف، خاصة وأن الفريق كان على مشارف الانسحاب قبل انطلاق البطولة، حيث انخرط خارج الآجال، وبعد إعادة فتح المنصة الإلكترونية على مستوى الرابطة، بسبب غياب الأموال.
*وهل كنت متفائلا بخطف تذكرة ما بين الرابطات، في ظل تراكم المشاكل؟
الانطلاقة المتعثرة في البطولة، جعلتني أشعر بحالة من التشاؤم وسط مشاكل متعددة الجوانب وإحباط نفسي كبير، بدليل أن اللاعبين لم يتلقوا في مرحلة الذهاب سوى منحة واحدة بقيمة 4500 دج، تتعلق بلقاء نجم أولاد دراج، لكن إيماني بقدرات الفريق وإرادة اللاعبين على تجاوز هذه المرحلة، أعطانا شحنة بسيكولوجية وفتح لنا باب الأمل في التنافس، إلى درجة أننا تمكنا تدريجيا من العودة إلى رواق الصراع على الصعود. ولا أبالغ إن قلت بأن طموحاتنا بدأت تكبر مع انطلاق مرحلة الإياب، حيث عاد الفريق بقوة محافظا على مكانته في «البوديوم» إلى غاية الجولة ال28، التي حسمنا فيها الصعود بشكل نهائي.
*كيف تقيم مشوار فريقك؟
بالطبع الرحلة كانت شاقة ومعقدة، بفعل تعدد الفرق الطموحة، والمزاحمة الكبيرة من طرف نجم البرج وترجي آريس، بغض النظر عن نقص الإمكانيات عدا إرادة اللاعبين، وتضحيات الإدارة التي عملت على توفير المتطلبات وتخطي المشاكل الداخلية، خاصة المتعلقة بالجانب المالي ومن ورائه مستحقات اللاعبين. كما أن لعنة الإصابات كثيرا ما لاحقت اللاعبين لا سيما في المقابلات الأولى، وهذا بسبب نقص التحضير، ناهيك عن ظروف قاسية أخرى، ومنها عدم تناول اللاعبين لوجبة الغذاء في بعض التنقلات، سوى عند العودة لمدينة برج الغدير.
*ما دام الأمر كذلك، من أين استمد السريع قوته؟
نقطة قوة فريقي تكمن في روحه الجماعية والثقة بالنفس، وإيمان اللاعبين بقدراتهم، دون أن ننسى الجدية والانضباط في العمل، بصرف النظر عن الدعم اللامشروط للأنصار.
*وكيف تتصور مستقبل الفريق؟
شخصيا، أخشى أن تتحول نعمة الصعود إلى نقمة، إن لم تسارع الجهات الوصية في التكفل باحتياجات الفريق، لأنني أتوقع مرحلة على قدر كبير من الصعوبة في بطولة ما بين الجهات، التي تتطلب إمكانيات مضاعفة ماديا ومن الجانب البشرية، على اعتبار أن التعداد الحالي لا يمكن له مجابهة بطولة الموسم القادم. بالنسبة لبقائي، فإني لا أعارض مواصلة مهامي كوني عملت سنتين متتاليتين، لكن في هذه المرة بشروط مغايرة. وهنا لا أقصد الجانب المالي، بقدر ما أطالب بتدعيمات نوعية في التركيبة البشرية، ومصادر تمويل فعالة وناجعة.
*برأيك كيف كان المستوى العام للبطولة؟
المستوى لم يتعد حاجز المتوسط وأحيانا ضعيف، نظرا لتواجد أندية طموحة، وأخرى ظلت تعاني منذ الانطلاقة، وهي بصدد البحث عن نفسها، ولا تتوفر على أبسط المتطلبات، منها اتحاد عين الخضراء وأولمبي مجانة. وقد خلق ذلك حالة من عدم التوازن، ومعها البحث عن النتيجة بأي طريقة كانت.
رئيس لجنة التسيير المؤقت مروان بولعواد
نجحنا في الرهان من دون إمكانيات
اعتبر رئيس لجنة التسيير المؤقتة مروان بولعواد، بأن صعود فريقه يعد معجزة في ظل غياب الإمكانيات والدعم المالي، والتكفل الفعلي باحتياجات الفريق، حيث كلف الخزينة قرابة مليار سنتيم، كلها من ماله الخاص ومساهمات بعض الأطراف والأنصار، وكذا مساعدة رئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي قام بجمع مبلغ 48 مليونا في بداية الموسم من لدن بعض الخيرين، ورئيس الدائرة الذي وقف إلى جانب الفريق في المباريات الأخيرة من خلال تحفيز اللاعبين.
وأكد بولعواد أن الإدارة وضعت الصعود كمطلب أساسي منذ البداية، رغم المتاعب التي واجهها السريع مبكرا، حتى أن اللاعبين وصل بهم الأمر إلى تسديد المصاريف الطبية والعلاج من مالهم الخاص على حد قوله:« أعتقد بأن مهمتنا انتهت بانتهاء البطولة، وصعود الفريق إلى قسم ما بين الجهات، تحقق بفضل تضحيات جميع الأطراف وروح التحدي التي أبداها اللاعبون وحرص الطاقم الفني على العمل دون هوادة، بغية بلوغ الهدف المسطر، حتى وإن كلفنا هذا المكسب مبلغ 1 مليار، مع تسجيل ديون بقيمة 600 مليون».
وحسب نفس المتحدث، فإن قيادته الفريق للخروج من دائرة الظل واسترجاع مكانته، يبقى منقوشا في ذاكرة النادي عبر تاريخه الممتد عبر ستة عقود من الزمن، ومنذ تأسيسه سنة 1957، وأردف قائلا:« الصعود كان ثمرة عمل جماعي من لاعبين ومدربين وطاقم طبي والأنصار ورجال الأعمال على مستوى برج الغدير، ولو أن المساعدات جاءت متأخرة. ومع ذلك، أعطتنا دفعا كبيرا في مرحلة العودة، نظرا للغياب التام للإعانات والتحفيز، ناهيك عن تجميد الرصيد منذ الصائفة الماضية».
وفي سياق حديثه، أعرب رئيس السريع عن أمله في أن تكون التفاتة من طرف السلطات المحلية للفريق، من خلال تكريم اللاعبين على الصعود من باب التشجيع والاعتراف بالمجهودات المبذولة:« شخصيا، أنتظر مبادرة من الجهات الوصية تعكس اهتمامها بالفريق وقيمة المكسب المحقق وتضحيات اللاعبين والإدارة التي عملت في صمت وبإمكانيات شبه منعدمة. كما آمل في تخصيص منحة الصعود، في شكل مكافأة، حتى لا يمر الصعود مرور الكرام».
إلى ذلك، شدد بولعواد على ضرورة التفكير في الموسم القادم من الآن، داعيا إلى الإسراع في ترتيب البيت والشروع في الترتيبات لعقد جمعية عامة انتخابية، لاختيار رئيس يملك الشرعية المطلوبة، بالنظر لقيمة الرهانات المنتظرة:« على أسرة السريع توحيد الجهود والصفوف، مع توفير كل وسائل النجاح، خاصة وأن الصعود لم يكن هدية، بل تضحيات جسام».
قالوا عن الصعود
متوسط الميدان بوسام يعقوب
أنا جد مسرور بهذا الصعود
هو في الواقع صعود صعب وشاق، لكنه مستحق، وأنا شخصيا جد سعيد بهذا الإنجاز، الذي لم يكن بمثابة هدية، لأننا أكدنا قوتنا وأثبتنا جدارتنا بالتتويج، بفضل العمل والمثابرة والتضحية. وعلينا تعزيز هذا المكسب وتثمينه».
هداف الفريق تريرات إسحاق
الفضل لرفاقي في تسجيلي 17 هدفا
أرى بأن حلاوة الصعود تكمن في صعوبته، نظرا للمزاحمة الكبيرة من طرف نجم البرج وترجي آريس. سعادتي لا توصف، كوني ساهمت في تحقيق النتائج الإيجابية من خلال تسجيلي 17 هدفا، بفضل مساعدة زملائي الذين أشكرهم. وها نحن اليوم نجني ثمار جهود الجميع.
المهاجم بركات وليد
خطوة مميزة تشرف المنطقة
اعتبر بأن هذا الإنجاز وعلى قدر صعوبته يشكل في مضمونه رسالة للمعنيين بالأمر للالتفاف أكثـر حول الفريق، والتفكير من الآن في الموسم القادم. لكن، قبل ذلك، علينا التلذذ بفرحة الصعود، الذي يحمل في نظري دلالات خاصة، بغض النظر عن تأثيره الإيجابي على المحيط العام للفريق».
قائد التشكيلة رياض بن خليفة
آمنا بقدراتنا فنلنا الصعود
صراحة وجدنا الكثير من الصعوبات والعراقيل، فضلا عن منافسة قوية من بعض الفرق. لكن إيماننا بقدراتنا جعلنا نرفع التحدي، ونهدي الصعود للأنصار وسكان برج غدير.
جمهور من ذهب ومثال في المناصرة
يقف المتتبع لمشوار سريع برج غدير على ظاهرة تستدعي الوقوف عندها، حيث إن هذا الفريق يتمتع بقاعدة جماهيرية يحسد عليها، ولا تتوفر لأندية تفوقه إمكانات، فهو يملك أنصارا من ذهب، ساهموا بقسط كبير في الصعود من خلال دعمهم اللامشروط، ومساندتهم المطلقة لكتيبة حداد، في حلها وترحالها دون كلل أو ملل.
ولعّل ما يجسد هذا الطرح، تنقل الأنصار بأعداد غفيرة وبوسائل مختلفة إلى كل من آريس ومروانة والبرج والمسيلة وخنشلة وأولاد دراج، وهي المدن التي احتضنت مباريات قوية وحاسمة أمام منافسين مباشرين على الصعود، وعاد منها السريع بنتائج جيدة، بفضل مؤازرة المشجعين الذين شكلوا السند القوي لرفقاء الهداف تريرات، إلى درجة أنهم صنفوا ضمن القائمة التي ضبطتها رابطة باتنة، لاختيار أحسن جمهور في بطولة الجهوي الأول لهذا الموسم.
كما أن تحلي أنصار السريع بالروح الرياضية في جميع الخرجات وصناعتهم طقوس احتفالية وبشهادة الأندية المنافسة، رغم قيمة الرهان وحجم التحديات، يعكس ثقافة المناصرة لدى جمهور «لايسبيجي» وحرصه على إعطاء صورة مشرفة للفريق، عبر تاريخه الطويل الممتد منذ عام 1957، تاريخ تأسيسه.