في خطوة تعكس انتصارا دبلوماسيا وقانونيا جديدا للجزائر، أقرّ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم رسميا بتنفيذ قرار محكمة التحكيم الرياضي الدولية، القاضي بمنع الأندية والمنتخبات من استخدام أي شعارات أو رموز ذات طابع سياسي على قمصانها أو معداتها الرياضية.
وجاء هذا القرار، بعد نزاع قانوني أثارته الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، وفريق اتحاد الجزائر ضد الكونفدرالية الإفريقية، والجامعة المغربية لكرة القدم، ونادي نهضة بركان، بسبب محاولة الأخير ارتداء قمصان تحمل خريطة «مزيفة ووهمية»، خلال نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لموسم 2023/2024.
ووجه الاتحاد الإفريقي سهرة أمس الأول، في مراسلة رسمية إلى كافة الاتحادات الأعضاء، تأكيدا صارما على ضرورة الامتثال لهذا القرار، مشددا على أن أي معدات رياضية، تتضمن «رسائل أو خرائط أو شعارات أو رموز ذات طابع سياسي» ستكون عرضة للمنع، وأن مسؤولية التحقق من الامتثال لهذا الإجراء تقع على عاتق الاتحادات الأعضاء، تحت إشراف القسم المختص داخل الكاف.
وأشار البيان إلى أن المادة 48 الفقرة 6 من لوائح الكاف، تجعل قرارات «التاس» ملزمة وقابلة للتنفيذ من قبل جميع الاتحادات والأندية المنضوية تحت لواء الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي يضع حدا نهائيا لمثل هذه الممارسات التي تخلط بين الرياضة والسياسة.
ولم يكن هذا القرار سوى نتيجة مباشرة للضغوط القانونية التي مارستها الجزائر، بعد أن لجأت إلى محكمة التحكيم الرياضي للطعن في شرعية السماح، باستخدام قمصان تحمل رموزا سياسية، وقد أصدرت المحكمة حكمها في 26 فيفري 2025، مؤكدة أن قمصان نادي نهضة بركان تتضمن خريطة غير معترف بها دوليا، مما يجعلها مخالفة للوائح الكاف التي تفرض الحياد الرياضي.
وبهذا القرار، يجد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم نفسه مجبرا على اتخاذ موقف الحياد، بعدما كان يُتهم بالتساهل والتواطؤ مع المغرب، ما يعزز من قيمة الانتصار الجزائري في هذه القضية التي أخذت بعدا قانونيا وسياسيا ودبلوماسيا.
ويُكرّس قرار الكاف مبدأ أساسيا في الرياضة، وهو أنها يجب أن تظل بعيدة عن السياسية. فمنذ سنوات، سعت عدة أطراف إلى توظيف الملاعب كساحة لتمرير رسائل سياسية، وهو ما يتناقض مع المواثيق الرياضية الدولية التي تحظر إدخال أي رموز أو شعارات ذات دلالات سياسية إلى المسابقات الرياضية.
ونجحت الجزائر مرة أخرى في إثبات التزامها بمبادئ الشفافية والعدالة، مما أجبر الهيئات الكروية الإفريقية على الامتثال لما أقرته محكمة التحكيم الرياضي، بعيدا عن أي انحيازات أو اعتبارات أخرى.
وبهذا القرار، تكون الجزائر قد حققت نصرا كبيرا، أجبر الكاف على التراجع عن ممارسات كانت تثير الجدل، وأثبت أن احترام القوانين هو السبيل الوحيد للحفاظ على نزاهة المنافسات الرياضية، كما أن هذا الانتصار يُعد رسالة قوية لكل الأندية والمنتخبات الإفريقية بضرورة الالتزام باللوائح، وتجنب أي محاولات لخلط الرياضة بالسياسة.
سمير. ك
