اختلالات في المناهج وأسعار تصل إلى 16 مليون سنتيم سنويا
• أكثر من 5 آلاف طفل مسجل و عدد كبير غير مصرح بهم
دخلت مؤخرا رياض الأطفال بقسنطينة في سباق قوي و منافسة شرسة في ما بينها لاستقطاب الزبائن، معتمدة في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي لعرض خدماتها و الترويج لها و تحقيق الانتشار على أوسع مدى، في ظل تزايد أعدادها بشكل ملفت للانتباه، و الفوضى التي تميز هذا القطاع. كما أضحت دور استقبال الأطفال، تعرض برامج بيداغوجية و تربوية مميزة و مغرية، تتضمن تعليم اللغات و الحساب الذهني و آليات تنمية قدرات الأطفال الفكرية و الذهنية ، ما أشعل منافسة قوية لاستدراج الأولياء ، خاصة العاملين منهم الذين يجدون أنفسهم بين إلزامية وضع أبنائهم بالروضة بسبب الالتزامات العملية لكلا الزوجين و الأسعار الملتهبة .
تحقيـــق: هيبة عزيون
إستثمار مربح يسيل لعاب الكثيرين
أصبح فتح روضة للأطفال بقسنطينة بمثابة المشروع المربح الذي يدر الكثير من المال ، ما دفع بالكثيرين من أصحاب الأموال للاستثمار بهذا المجال، لتحقيق الربح بالدرجة الأولى ، حيث تزايدت أعداد هذه الدور بشكل ملفت و منها ما هو قانوني و أخرى تنشط في الخفاء ، الأمر الذي أقرته مديرة النشاط الاجتماعي خلال حديثها للنصر، و كذا بعض مسيري الروضات التي زرناها خلال هذا الاستطلاع ، و رغم الشروط الصارمة المفروضة على الراغبين في فتح مؤسسة الاستقبال الطفولة الصغيرة ، سواء ما تعلق بصاحب المشروع إلى نوعية البناية و ضرورة توفر شروط الأمان، وصولا إلى البرنامج البيداغوجي و المربين ، إلا أن الكثير من الروضات اليوم لا تؤدي الدور المنوط بها، باعتبارها مؤسسات حاضنة للأطفال الصغار و يفترض أن تسير من قبل كفاءات لها القدرة و الرغبة في تربية و احتضان الأطفال في هذه السن الحرجة ، لكن طغيان الجانب المادي من استثمار في العامل البشري إلى استثمار مادي محض ، و هو ما أكده أصحاب بعض الروضات، على غرار روضة الفردوس و ماما عائشة، حيث اشتكى مسيروها من الفوضى و المنافسة غير الشريفة.
90 روضة معتمدة و أخرى تنشط بطرق ملتوية
أحصت مديرية النشاط الاجتماعي مؤخرا 90 روضة معتمدة تحصل أصحابها على اعتمادات منذ سنة 2017، منها 12 ترخيصا تم منحه خلال فصل الصيف فيما بلغ عدد الطلبات المقدمة لفتح روضة خلال شهر أوت فقط 05 طلبات ، و بهذا الخصوص كشفت سامية قواح مديرة النشاط الاجتماعي أن مهمة الإدارة هو مراقبة الروضات المعتمدة التي حصل أصحابها على اعتماد بعد تقديمهم لملفات إدارية و الموافقة عليها من قبل المديرية بإجماع عديد الهيئات الأخرى ، و رغم التحسن المسجل خلال السنوات الأخيرة بهذا المجال، خاصة ما تعلق بتنوع الخدمات المقدمة و تحسينها و الهياكل المجهزة على أعلى مستوى، غير أن المسؤولة لم تنف وجود فوضى في التسيير، خصوصا بسبب الفراغ القانوني.
كما أقرت بوجود روضات غير معتمدة تنشط في إطار جمعيات ثقافية أو خيرية و عموما هي غير قانونية، حسبها، و لا يحترم أصحابها المعايير المعمول بها، تحديدا في ما يتعلق بالمقر، فهي تتواجد داخل شقق صغيرة ، خاصة بالمدينة الجديدة علي منجلي ، أما الظروف العامة لاستقبال الأطفال، فتبقى خارج مجال المراقبة، بسبب غياب الإطار القانوني الذي يخول لمديريات النشاط الاجتماعي المتابعة و الردع .
و محاولة منا لعرفة طريقة عمل هذا الروضات غير القانونية ، توجهت النصر إلى المدينة الجديدة علي منجلي، و تحديدا إلى الوحدة الجوارية رقم 2 ، أين تنشط حضانة مقرها عبارة عن شقة بعمارة، التقينا هناك بسيدة تهم بمغادرة الروضة رفقة ابنتيها، و سألناها كيف يمكنها أن تنشط بهذه الطريقة، فردت أنها تعمل تحت غطاء إحدى الجمعيات، كما أن زبائنها على علم بالأمر، و هناك اتفاق مسبق مع المديرة ، هذه الأخيرة رفضت طلبنا لتسجيل طفل، مؤكدة أن الأماكن محدودة و محجوزة مسبقا من قبل زبونات معينات من سكان الحي، و هن عموما معلمات و طبيبات و إداريات.
الفضاء الأزرق لاصطياد الزبائن
أضحت مواقع التواصل الاجتماعي السبيل الوحيد لرياض الأطفال للترويج لخدماتها و استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، في ظل المنافسة الشرسة التي يعرفها السوق، بعد تزايد أعداد هذه الدور بقسنطنية .
عشية الدخول الاجتماعي تحول فايسبوك إلى فضاء ترويجي بامتياز للبرامج البيداغوجية لرياض الأطفال و الخدمات المغرية التي يقدمها كالنقل و الرحلات الاستكشافية المنظمة على مدار السنة، دون نسيان برامج تنمية الذكاء الرائجة مؤخرا ، إلى جانب الصور و الفيديوهات الجذابة للمقرات التي تزينت بحلة جميلة و عصرية للفت انتباه الأولياء .
و في خضم هذه الحملة الدعائية و المنافسة الشرسة يجد المواطن نفسه في حيرة من أمره ، عندما يختار الروضة الأنسب لابنه ، في ظل ارتفاع عددها، و المخاوف مما تخفيه الجماليات من جانب مظلم، قد يكون الطفل ضحيته.
و خلال قيامنا بهذا لاستطلاع، حاولنا التقرب من هذه المؤسسات الموجهة لاحتضان البراءة، و اتصلنا بأكثر من روضة تنشط على مستوى ولاية قسنطينة، حيث لاحظنا أنها ترحب بالزبائن في أول اتصال هاتفي، كما تقترح زيارة المقر للتعرف عليه عن كثب، مع إلزامية التسجيل في أقرب الآجال لمحدودية الأماكن. كانت وجهتنا الأولى روضة تقع بشارع المحاربين أطلقت عبر صفحتها في فايسبوك حملة دعائية كبيرة و مغرية ، و بعد دق جرس الباب، فتحت لنا مديرة الروضة الباب، و رحبت بنا كزبائن يرغبون في تسجيل أحد أبنائهم، كما اقترحت علينا القيام بجولة بين أرجاء المقر ، ففوجئنا عندئذ بالفرق الكبير بين ما عرض في فايسبوك ، و ما هو موجود على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق بضيق المقر. فرغم أنه مجهز بشكل لائق، لكن المتجول به يدرك حقيقة أن المكان غير مناسب لاحتضان الأطفال.
تتكون الروضة من ثلاث غرف علوية، كل واحدة هي عبارة عن قسم لأحد الأفواج الثلاثة التي يضم كل فوج منها غالبا 15 طفلا ، حسب الفئات العمرية ، لكن ما يمكن استنتاجه أن مساحة الغرف لا تستوعب أكثر من خمسة أطفال ليس أكثر.
أما القاعة المتواجدة بالطابق السفلي، فمساحتها كبيرة، مقارنة بباقي الأقسام و هي مخصصة لإطعام الأطفال ، لتتحول بعدها إلى مرقد كبير، إضافة إلى التلاميذ النظاميين الذين يتم تجميعهم بعد انتهاء الدوام .
أما ساحة اللعب فهي عبارة عن فناء ضيق ، تمت تغطية أرضيته بالقليل من العشب الاصطناعي و بعض الألعاب ، الغريب في الأمر أن مديرة الروضة كانت تكرر عبارة أن الأماكن محدودة ، مع ضرورة التسجيل في أقرب وقت كأنها في مهمة اصطياد الزبائن.
أقسام تحضيرية ببرامج غير موحدة
أصبحت الأقسام التحضيرية بمثابة الحتمية التي يفرضها الواقع داخل رياض الأطفال، التي تستقبل الفئات العمرية من سن 3 أشهر إلى 5 سنوات ، فأصبح فتح أقسام تحضرية للأطفال المقبلين على التمدرس مباشرة بعد مغادرة الروضة، أمرا ضروريا، و تقدم لهم في هذه الأقسام دروسا بيداغوجية و تربوية و نشاطات تتماشى و خصائص نموهم ، و إعدادهم للتكيف الاجتماعي و الاندماج داخل المحيط المدرسي بشكل سلس ، غير أن الملاحظ خلال هذا الاستطلاع ، أن البرامج التي يعتمد عليها داخل هذه الأقسام، ليست موحدة و تبقى عبارة عن اجتهادات شخصية .
قالت لنا مسيرة روضة الفردوس هاجر بطاز ، أنها تعتمد على برامج تعليمية تحصل عليها من وزارة التربية التي تضع برنامجا خاصا للأقسام التمهيدية ، و عموما ينحصر هذا البرنامج في تلقين الطفل الحروف باللغتين العربية و الفرنسية مع بعض الآيات القرآنية و الأناشيد، مع منح الطفل شهادة في نهاية السنة.
أما نبيلة زرطال، مسيرة روضة ماما عائشة بعلي منجلي، فاعترفت أن البرامج التي يتم تطبيقها بالأقسام التحضيرية عبر الروضات، غير موحدة ، و هي عبارة عن اجتهادات شخصية يراعى فيها عامل السن و عدم الضغط على الطفل الذي يحتاج للعب كثيرا ، غير أن بعض الروضات تستخدم الحزم في تدريس الأطفال و تخضعهم لامتحانات تحت طلب الأولياء، اعتقادا منهم أن ذلك هو السبيل الوحيد للاندماج بالمدرسة مستقبلا.
سامية قواح مديرة النشاط الاجتماعي بقسنطينة
إعداد نص جديد لتوحيد البرامج البيداغوجية
أقرت مديرة النشاط الاجتماعي بقسنطينة سامية قواح بوجود خلل في المناهج التربوية الموجهة للأقسام التحضيرية الموجودة بالروضات، في ظل غياب برامج موحدة ، حيث يقتصر الأمر على اجتهادات شخصية أو بعض الاقتباسات من برنامج وزارة التربية التي تخصص مناهج خاصة للأقسام التحضيرية بالمدارس التي تستقي منها بعض الروضات دروسها ، ما انعكس سلبا على آليات المتابعة الدورية لهذه الأقسام من قبل المديرية التي تبقى غير كافية، في انتظار توحيدها.
و كشفت مديرة النشاط الاجتماعي أن العمل منصب حاليا على مستوى الوصاية من أجل إعداد نص قانوني لتوحيد البرامج البيداغوجية التربوية الموجهة للأقسام التربوية الموجودة بالروضات ، و من المقرر أن يصدر هذا المقرر السنة المقبلة بعد المصادقة عليه ، ما من شأنه تسهيل عمل لجان المراقبة و التقييم، كما سيحدد القانون الجديد طبيعة المشرفين على هذه الأقسام الذين يشترط حصولهم على بعض المؤهلات من الشهادة ، إلى مدة و طبيعة التكوين.
أولياء يتخذون من الروضة «مدرسة»
يفضل الكثير من الأولياء دور الحضانة التي تقترح على أبنائهم برامج تعليمية مميزة ، خاصة بالأقسام التحضيرية، لتكوين قاعدة صغيرة لدى أطفالهم قبل الالتحاق بمقاعد الدراسة ، مثل اللغات و الحساب الذهني و حفظ القرآن، فهي أولى اهتماماتهم ، حسبما أكدته السيدة هاجر بطاز ، مسيرة روضة الفردوس التي قالت للنصر أن الآباء و الأمهات يلحون على تعليم أبنائهم الحروف و الأرقام و بعض أبجديات اللغة الإنجليزية و الفرنسية، و كذا الحساب الذهني، و في حال عدم توفر أحد هذه البرامج بالروضة، فإن الأولياء يرفضون تسجيل أبنائهم .
إن السؤال عن البرامج من أبرز الأسئلة التي تطرح من قبلهم في أول لقاء و بناء على الرد يتم قبول أو رفض التحاق الطفل بالحضانة ، أما بخصوص الأطفال المتمدرسين المسجلين ضمن برنامج التجميع، فإن أولياءهم يطلبون من المربين أو إدارة الروضة ، تخصيص دروس تدعيمية لهم خلال وقت فراغهم، مع ضمان المراجعة أيام الامتحانات .
حسب هاجر فإن الكثير من الأولياء أصبحوا يتهربون من مسؤولياتهم التعليمية بسبب ارتباطاتهم المهنية، بعدما جعلوا من الروضة البديل التعليمي لأطفالهم، مقابل المال.
أمينة ، عاملة بإحدى الإدارات ، قالت لنا أنها تفضل الروضة التي تخصص برامج بيداغوجية و تربوية تعمل على تنمية القدرات الفكرية لطفلها و تساعده على الالتحاق بالمدرسة مستقبلا ، ما يسهل عليها الكثير من الأمور، خاصة و أنها أم و ربة بيت عاملة و ليس لها متسعا من الوقت لتدريس ابنها .
أمهات يدفعن نصف راتبهن لوضع طفل واحد في روضة
اللافت أن أسعار روضات الأطفال بقسنطينة، بها مغالاة كبيرة ، بسبب غياب سياسة موحدة من قبل الوزارة ، حيث تتراوح ما بين 8آلاف إلى 15 ألف دينار جزائري للطفل الواحد شهريا أي ما بين 88 ألف دج إلى 165 ألف دج كل سنة دون احتساب شهر أوت ، حيث تضاف تكاليف بعض الخدمات الأخرى كالنقل ، السباحة ، الخرجات الاستكشافية و غيرها ، و هي الأعباء المادية التي تثقل كاهل الكثيرين، خاصة الأمهات العاملات اللائي يجبرن على دفع هذه المستحقات بسبب ارتباطهن بالعمل .
و تضطر الكثيرات لدفع نصف راتبهن كل شهر للروضة ، و بهذا الشأن قالت مديرة النشاط الاجتماعي، أن السوق هو الذي يضبط هذه الأسعار و المديرية ليس لها أي صلاحية لتحديدها أو مراقبتها ، كما أن السيدة زرطال نبيهة مسيرة روضة ماما عائشة ، فأكدت أن السعر المرجعي يحكمه السوق ، و تضاف إليه مصاريف باقي الخدمات .
أما مسيرة روضة الفردوس هاجر بطاز ، فأكدت أن الأولياء غالبا ما يبحثون عن سعر الروضة قبل تسجيل أبنائهم و هناك من يطلب مراعاته في القسط الشهري، حيث تلجأ الروضة إلى تقليصه بالنسبة للأشخاص الذين لديهم طفلين فما فوق ، فيما توجد فئة أخرى من الأولياء لا يهمها السعر بقدر ما تهتم بنوعية الخدمات التي يستفيد منها طفلها داخل الروضة و تبحث دوما عن الأفضل له ،مهما كلفها الأمر.
الاكتظاظ و انعدام النظافة و الأمراض ثالوث يرعب الأولياء
تحدثنا إلى عدد من الأولياء ، فاستخلصنا أن أكثر الأمور التي تثير مخاوفهم داخل الروضة، مشكل الاكتظاظ و الظروف العامة التي تحيط بأطفالهم ، حيث أكد السيد جمال و هو أب لطفلين، أن هذا الهاجس أصبح يؤرقه بعدما تفاجأ السنة الماضية أن ابنيه يتقاسمان مع أطفال آخرين نفس السرير عند النوم، بسبب اكتظاظ الروضة .
حاولنا التأكد من الأمر، فتوجهنا صوب الروضة المتواجدة بحي الزيادية ، بعدما ساعدنا السيد جمال على الوصول إليها، دخلنا الروضة المتواجدة في طابق أرضي بحجة البحث عن مكان لتسجيل طفل، فلاحظنا أن لا شيء يدل بأنها روضة ، باستثناء اللوح المعلق بالمدخل، إنها متكونة من ثلاث غرف و مرحاض صغير بمدخل البناية .
الغرفة الأولى تضم عددا من الطاولات المخصصة للدراسة و الأكل ، و الثانية مغطاة بسجاد كبير و ألعاب متناثرة هنا و هناك ، أما الغرفة الداخلية و المخصصة لنوم الأطفال، فتضم 10 مرتبات
«مطارح» مخصصة لنوم الأطفال.
الغريب في الأمر أن المكان كان يعج بالأطفال بشكل لا يتناسب تماما مع مساحة الروضة، غادرنا المكان ، و سألنا مديرة النشاط الاجتماعي سامية قواح و عن عدد الأطفال المسموح استقبالهم في كل روضة، فأكدت لنا أن القانون يمنح لكل طفل مساحة 1.4 متر مربع، بناء على المساحة الإجمالية للروضة، حيث يتم احتساب العدد الإجمالي للأطفال، مضيفة أنه في حال عدم التزام الروضة بهذه الشرط، يتم غلقها مباشرة.
كما أعرب الكثير من الأولياء عن مخاوفهم بسبب غياب أو نقص النظافة داخل محيط الروضة ما ينعكس سلبا على سلامة و صحة أبنائهم ، و قالت لنا السيدة نبيهة زرطال مديرة روضة ماما عائشة ، بهذا الشأن ، أن هوس الأولياء بالجانب الوقائي كبير، حيث يصرون في كل مرة على رؤية مطبخ الروضة و كذا مكان نوم و لعب أطفالهم .
أما مسيرة روضة الفردوس هاجر بطاز ، فأكدت أن النظافة أهم شرط لنجاح مشروع الروضة ، كما أن القانون المنظم لهذا المجال ، به بنود صارمة في شق النظافة داخل مؤسسات استقبال الطفولة ، مع توفير محيط صحي و نقي للطفل الصغير، انطلاقا من نظافة المكان، إلى شروط إعداد الوجبات الغذائية، و في هذا الجانب قالت محدثتنا أن القانون المسير للروضات يحتم على الإدارة الاحتفاظ يوميا بعينات من الأكل المحضر للأطفال لمدة 72 ساعة داخل المبرد، لتحليله في حال وقوع تسممات غذائية للأطفال ، أو في حال تقديم شكوى من قبل بعض الأولياء و هو إجراء إلزامي.
من جهتها أكدت مديرة النشاط الاجتماعي أن لجان المراقبة خلال زياراتها للروضات المعتمدة من قبل الدولة، تركز على هذا الجانب ، كأهم عنصر قد يؤدي الإخلال به إلى الغلق المباشر، خاصة ما يتعلق بالمطبخ و الأواني التي تشترط نوعية معينة من البلاستيك ، إضافة إلى شروط الحفظ و التخزين، و كذا نوعية و حجم المراحيض و الأفرشة، لتجنب انتشار الأمراض بين الأطفال، خاصة المعدية منها.
غلق ثلاث روضات أخلّت بالشروط
حسب الأرقام التي تحصلنا عليها من مديرية النشاط الاجتماعي، فإن 5214 طفلا مسجلا عبر 90 روضة للأطفال ، و هي آخر الإحصائيات المسجلة لسنة 2019 ، من بينهم 2520 ذكورا و 2694 إناثا تتراوح أعمارهم بين 3 أشهر و 5 سنوات ، و حسب السيدة سامية قواح، فإن هذه الأرقام مستقاة من التصريحات التي يقدمها أصحاب الروضات و هي غير واقعية، في ظل وجود هامش من التلاعب بين العدد المصرح به و العدد الحقيقي الذي قد يصل إلى الضعف، خاصة و أن هناك روضات تستقبل أعدادا تفوق قدراتها الاستيعابية بكثير.
و غالبا ما يتم اكتشاف هذه الحالات، خلال خرجات المراقبة التي تنظمها المديرية من فترة إلى أخرى ، و في هذا الشأن تقرر غلق 03 دور حضانة أخلت بأحد الشروط العامة من بينها عدد الأطفال المرخص به ، و الذي يتغير من روضة لأخرى، حسب المساحة و طبيعة المكان.
موسيقى وحلويات تقليدية لخلق جو عائلي
خلال هذا الاستطلاع حاولنا قضاء بعض الوقت داخل إحدى الروضات و مقاسمة الأطفال ساعات من الزمن ، فاتصلنا بعدة مؤسسات، فتردد مسيرو بعضها في استقبالنا ، و البعض الآخر رفض ذلك، رحبت بالفكرة كل من مسيرتي روضة ماما عائشة المتواجدة بمدخل المدينة الجديدة علي منجلي، و كذا روضة الفردوس بحي الأمير عبد القادر .توجهنا إلى هذه الأخيرة في تمام منتصف النهار و هو موعد وجبة الغذاء ، حيث اصطف أطفال القسم التحضيري و البالغ عددهم ثمانية ، أمام مقاعد الجلوس لتناول الأكل ، و بعد الانتهاء منه، توجهوا صوب الباحة الخارجية للعب قليلا، ثم توجهوا إلى المرحاض ، بمساعدة المربية سارة و غسلوا أيديهم ، ثم خلدوا إلى النوم .
و وجدنا بالغرفة المخصصة للرضع، المربية كريمة و هي منهمكة في تغيير الحفاضات للصغار الخمسة، بعدما انتهت من إطعامهم، لتقوم بعدها ببث بعض الموسيقى الهادئة، لتساعدهم على النوم ، أما بالجهة المقابلة، فكانت المربية نورة قد شرعت في سرد قصة قصيرة على أطفال الفوج الثالث البالغ عددهم ستة و الذين تترواح أعمارهم بين سنة و سنتين.
غادرنا الروضة التي عمها الهدوء بعد أن غط الأطفال في نوم عميق تحت أنظار مربياتهم ، لنتجه صوب المدينة الجديدة علي منجلي ، تحديدا إلى روضة ماما عائشة، فالتقينا بالأختين زرطال المشرفتين على تسيير الروضة ، و وجدناهما بصدد تحضير الحليب و بعض الحلويات التقليدية لتقديمها للصغار بعد القيلولة .
قالت لنا نبيهة إنها تعد يوميا ، بمساعدة شقيقتها و بقية المربيات، أكلات و حلويات تقليدية ، تلبية لرغبات و طلبات الأطفال، و هي العادة التي استحسنها الأهل و الأبناء على مدار ثلاث سنوات من افتتاح الروضة ، مشيرة أنها تراعي بالدرجة الأولى رغبات الطفل الصغير، ليشعر كأنه داخل محيطه الأسري، مع المحافظة على عادات و تقاليد الاحتفال ببعض المناسبات الدينية ، من أجل خلق جو مميز داخل الروضة، و كسر حاجز الخوف لدى الطفل ، و هو الأمر الذي استحسنه الأولياء كثيرا، كما أكدت.
هـ/ ع