عاد نبض الحياة إلى الخفقان بمنطقة قمرة الواقعة في بلدية عين الريش جنوب ولاية المسيلة، بعد أن ظلت لسنوات طويلة تحت الظل محاصرة بمشاكل العزلة و وعورة التضاريس و مخلفات سنين الجمر، قبل أن يزيح بزوغ شمس المشاريع التنموية الظلام و تعود عشرات العائلات في رحلة عكسية إلى بيوت هجرتها سنوات التسعينيات مرغمة، آملة أن تتوفر ظروف عيش أحسن تساعد على الاستقرار بشكل نهائي.
منطقة قمرة تبعد عن عاصمة الولاية المسيلة بحوالي 180 كلم و تجاور جبال بوكحيل التي عانى سكانها ويلات الإرهاب الهمجي، حيث سجلت مجزرة مرعبة خسرت على إثرها 54 فردا منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وها هي اليوم تستعيد عافيتها و تفتح صفحة تلوى الأخرى، بعد أن تمكن أفراد الجيش الوطني الشعبي من استعادة الاستقرار و الأمن بها.
أول التفاتة للمنطقة كانت سنة 2005 عند زيارة السلطات لها ، والتي أثمرت تجسيد مشروعين حيويين، تمثلا في شق طريق يربط المنطقة ببلدية عين الريش على مسافة 40 كلم و الذي أنهى معاناة سنوات طويلة فكت العزلة عن سكان قمرة و قللت من احتمالات نصب الكمائن التي كثيرا ما أدت إلى سقوط شهداء من أفراد الجيش ، إلى جانب توصيل السكان بمشروع الكهرباء، ما ضاعف من فرص عودة العشرات من العائلات إلى جانب منح عدد من السكنات الريفية زادت عن 90 إعانة، سمحت بعودة عدد محتشم من النازحين إلى مسقط رأسهم على استحياء.
وتحسنت الأوضاع مؤخرا بمنطقة قمرة بعد أن عاشت، مؤخرا، عهدا جديدا من الانجازات أشرفت سلطات الولاية المدنية و العسكرية على تدشينها، و هي مشاريع خصص لها غلاف مالي قدره حوالي 30 مليار سنتيم، جعلت السكان يقيمون الأفراح بعد أن تحققت بعضا من مطالبهم التي رفعوها خلال زيارة الوالي شهر فيفري من العام الجاري و شهدوا على انطلاقها نهاية الأسبوع المنصرم، و من بينها مشروع إعادة تأهيل الطريق البلدي الرابط بين قمرة و مقر البلدية على مسافة 39 كلم، إضافة إلى انطلاق أشغال التهيئة الحضرية بالشارع الرئيسي، في حين سيتم الشروع قريبا في انجاز مشروع التهيئة الحضرية بالمنطقة.
حركية تنموية تعيد الحياة لمنطقة عاث فيها الإرهاب فسادا
الوالي الشيخ العرجا و خلال إشرافه على منح سيارة إسعاف بقاعة العلاج التي تم تجهيزها مؤخرا و تنصيب طبيب مناوب و ممرض و تسليم مقررات استفادة فلاحين من سكنات ريفية و رخص حفر الآبار الفلاحية، أعلن عن مواصلة تحفيز سكان المنطقة أكثر و تشجيعهم على الاستقرار بها خصوصا و أن المستقبل يحمل معه الكثير من المفاجآت السارة، لاسيما من خلال الشروع في انجاز بعض المشاريع التنموية بقطاعات لها علاقة بإنعاش القطاع السياحي بهذه الجهة من العالم، على اعتبار أنها تحتوي على شلالات و مساحات غابية و جبلية خلابة تدهش الناظرين و هي مشاريع يضيف من شأنها تنشيط الفعل السياحي.
و ينتظر أن يتم تجسيد مشروع بيت شباب بطاقة استيعاب تقدر بـ 50 سريرا، مع إمكانية توسعتها مستقبلا و هذا قصد استقبال الوافدين على المنطقة التي يزداد زوارها صيفا، خصوصا من السكان الأصليين الذين اضطرتهم ظروف تمدرس أبنائهم في الطورين المتوسط و الثانوي، لهجر بيوتهم باتجاه بلديات عين الريش و عين الملح، حيث يفضلون استئجار منازل بهذه البلديات شتاء و الحج إلى قمرة صيفا.
القطاع التربوي الذي يحصي حوالي 160 تلميذا في الطور الابتدائي، كان له نصيب من مشاريع التنمية كذلك، حيث أعطيت إشارة انطلاق عملية انجاز مجمع مدرسي جديد و ربط مدرسة الشهيد معلمي الحفناوي بالطاقة الشمسية، إلى جانب الشروع في انجاز قسمين دراسيين لاستعمالهما كملحقة للمتوسطة، بينما شكل اختيار موقع انجاز المجمع المدرسي، وضعا طارئا بمعارضة العديد من المواطنين تجسيد مشروع المؤسسة التربوية بمدخل القرية و هذا بسبب بعده عن التلاميذ الذين سيكون عليهم، يقول هؤلاء، قطع مسافات طويلة يوميا في رحلة الذهاب و العودة.
و تطرح مشكلة برودة الطقس في فصل الشتاء نفسها بحدة، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات شديدة البرودة، الأمر الذي جعل السلطات المحلية تعتمد على نشاط مستودع لبيع قارورات غاز البوتان، الذي تم الإشراف على افتتاحه بمناسبة زيارة سلطات الولاية، مؤخرا.
كما يرى العديد من سكان منطقة قمرة، الذين تحدثوا للنصر، أن الفضل في صمودهم رغم ما عانوه في فترة العشرية السوداء، يعود إلى قوات الجيش التي نجحت في استئصال الجماعات الإرهابية و فتح قاعة علاجها بمقر الكتيبة لفائدة الأهالي في الحالات المرضية.
فارس قريشي