عرف شاطئا المسيدة و المرجان بمدينة القالة الساحلية ولاية الطارف، نهاية الأسبوع الماضي، إقبالا قياسيا للمصطافين من مختلف أنحاء الوطن، أعاد إلى الأذهان صورة الشاطئين العريقين اللذين كانا يعجان بجحافل المصطافين في المواسم الصيفية خلال سنوات التسعينيات، في حين سجل عدم التزام هؤلاء المصطافين بالإجراءات الوقائية الغائبة بالشواطئ حسب ما تنص عليه بنود البروتوكول الصحي لتفادي الإصابة بفيروس كورونا.
نوري.ح
و ذكرت مصادرنا من الحماية المدنية، أنه تم تسجيل توافد أكثر من نصف مليون مصطاف على الشاطئين المذكورين خلال 48 ساعة و اللذين شهدا إنزالا بشريا ضخما من مختلف الفئات و الأعمار مع الساعات الأولى لأخذ أماكنهم، حيث لم تستوعب رمال الشاطئين الأعداد الهائلة من المصطافين و لا حظائر التوقف لركن آلاف السيارات للعائلات المتوافدة، ما دفعهم لركن مركباتهم بعيدا على حافة الطريق على مسافة طويلة، ما تسبب في عرقلة حركة السير و ضغطا رهيبا على حركة تنقل المصطافين و المركبات.
عدمُ احترامِ الوقاية يثير المخاوف
فيما اضطر البعض للعودة من حيث أتوا، بعد أن تعذر عليهم إيجاد مكان لنصب شمسياتهم، بعد أن تفاجؤوا بامتلاء الشاطئين عن آخرهما في ساعة مبكرة قبل منتصف النهار و هو ما أثار حالة طوارئ في أوساط الأعوان المكلفين بحراس الشواطئ و توفير الأمن و تنظيم حركة تنقل المصطافين و ركن مركباتهم، في حين أبدت فيه مصادر طبية قلقها إزاء الإقبال الكبير على الشواطئ المحلية و خاصة بالمسيدة و المرجان، ما قد يتسبب في حدوث كارثة صحية نتيجة انتشار وباء فيروس كورونا، خاصة أمام عدم احترام مسافة التباعد و احتكاك المصطافين ببعضهم البعض، لاسيما الوافدين من الولايات الموبوءة، في ظل عدم الالتزام بتطبيق البروتوكول الصحي الذي ينص عليه القرار الولائي بفتح الشواطئ و المتضمن التقيد ببعض الشروط للحد من الإصابة بالوباء، كإجبارية وضع الكمامات و قياس درجة الحرارة قبل الدخول للشاطئ و التباعد الاجتماعي و غيرها و هو ما دفع بعض العائلات إلى العزوف عن الشواطئ التي تعرف ضغطا رهيبا بالمصطافين و التي لا يحترم فيها التدابير الوقائية و الصحية و ذلك بتحويل وجهاتهم نحو الشواطئ المغلقة و الأخرى الصخرية غير المرخص لها، من أجل الاستجمام و السباحة و هروبا من عدوى فيروس كوفيد19.
ابتزاز للمصطافين و احتلال للمساحات
و اشتكى بعض المصطافين من الابتزاز الذي أضحوا عرضة له كل موسم صيفي، بسبب فرض أصحاب مواقف السيارات بشاطئي المرجان و المسيدة و باقي الشواطئ الأخرى، مبالغ مالية تصل إلى 200 دينار من أجل ركن مركباتهم و تعرض المعترضين عن دفع هذه الأتاوى للتهديد و الوعيد من قبل محتلي المواقف على مرأى من الجميع، ما جعلهم يدخلون معهم في مناوشات و ملاسنات لرفضهم الانصياع لابتزازهم، حتى أن الأمور وصلت إلى محاولة الاعتداء عليهم و تحطيم مركباتهم، خاصة بالشواطئ المعزولة، كذلك الحال بالنسبة للمافيا التي تحتل الشواطئ و مازالت تفرض منطقها كل موسم بحرمان العائلات من حقهم من السباحة و إرغامهم على كراء شمسياتهم التي يتم نصبها على طول الشاطئ بمبالغ تصل إلى 500 دينار و كل من يعترض على قرارهم يكون مصيره التهديد و الاعتداء و منعه من السباحة.
يحدث ذلك في غياب تحرك أي جهة لوضع حد لهذه الممارسات الإجرامية على حد تعبيرهم، الأمر الذي دفع بعض العائلات إلى مقاطعة الشواطئ المحروسة تحت سيطرة البلطجية و المافيا من ذوي السوابق و توجهم نحو الفضاءات الغابية للاستمتاع بنسيمها و كذا الشواطئ غير المحروسة التي تشكل خطرا على حياتهم و ذويهم، في والوقت الذي يسجل فيه حسب المصطافين، غياب كلي للمسؤولين في الميدان لمتابعة وضعية الشواطئ و مدى احترام إجراءات الوقاية و الصحة و التصدي و محاربة مافيا احتلال الشواطئ التي ضربت بكل القوانين عرض الحائط، في غياب الإجراءات الردعية و القيام بحملات مداهمة لتطهيرها من المستغلين غير الشرعيين.
أزمةُ نقل و نقائص تُفسدُ عطلة المصطافين
عبر مصطافون عن امتعاضهم للحالة المزرية التي تعرفها الشواطئ المحلية التي أعيد فتحها و منها شاطئا المسيدة و المرجان، بسبب جملة من النقائص المسجلة، من ذلك غياب التهيئة و نقص التجهيزات على غرار غرف خلع الملابس، انعدام المرشات و المراحيض، مياه الشرب، الكهرباء و تراكم الأوساخ و النفايات في كل صوب، حيث تحولت إلى مرتع لقطعان المواشي من دون القيام بحملات تنظيف مسبقة للشواطئ لتخليصها من المظاهر المشينة التي توجد عليها خاصة تلك التي تبقى قبلة للمصطافين و تستقطب أعدادا كبيرة من العائلات و السياح، علاوة على انعدام وسائل النقل باتجاه الشواطئ المعزولة و الحضرية، ما يضطرهم لقطع المسافات على الأقدام في ظروف مناخية صعبة تحت الحرارة الشديدة، ما شكل معاناة حقيقية للمصطافين القاصدين لهذه الشواطئ و استنجادهم بسيارات الفرود التي فرض أصحابها هم الآخرون منطقهم، بإلزامهم بدفع أسعار خيالية تصل إلى 1500 دينار مقابل إيصالهم للشواطئ و هذا من دون قيام المصالح المختصة بتحيين مخطط النقل بفتح خطوط نحو الشواطئ، كما يطرح المصطافون غياب أبسط المرافق و الخدمات على مستوى الشواطئ، مثل نقاط الإطعام و عدم تقيد بعض الطفيليين ممن يزاولون بعض الأنشطة، بشروط النظافة و الصحة.
تراجع أسعار تأجير الشقق و فنادق تشكو الخيبة
و رغم مرور أسبوع على قرار إعادة فتح الشواطئ المحلية، إلا أن الملاحظ هو التراجع الكبير لظاهرة تأجير شقق الخواص للمصطافين و العائلات القادمة من خارج الولاية، خلافا للسنوات السابقة، حينما كانت تعرض كل صيف أزيد من 5 آلاف شقة و في الوقت الذي لم يتعد فيه عدد الشقق المؤجرة هذه السنة 800 شقة و هذا أمام تخوف المواطنين من مغبة انتشار عدوى فيروس كورونا، حيث فضلت العائلات و رغم حاجياتها لمداخيل من أجل إعانة ذويها عدم تأجير شققها خوفا من نقل العائلات الوافدة من الولايات الموبوءة الفيروس و كذا نزولا عند رغبة جيرانهم الذين التمسوا من أصحاب هذه الشقق تأجيل كراء شققهم هذه السنة للمصطافين، تفاديا للإصابة بعدوى فيروس كوفيد19 و هو ما اضطر بعض المصطافين لتأجير شقق بمناطق شبه حضرية و حتى ريفية بعيدة عن المدن الساحلية لقضاء عطلتهم، تفاديا لأي متاعب و مشاكل مع الجيران بالأحياء الحضرية.
و قد أدى عزوف كراء الخواص لشققهم، إلى انهيار أسعار الإيجار التي وصلت إلى 3 آلاف دينار لليلة الواحدة، مقارنة بـ7 آلاف دينار العام الماضي، عكس كل التوقعات التي كانت تشير إلى أن مقاطعة تأجير شقق الخواص، سوف تلهب الأسعار.
كما عانى أصحاب الفنادق الخيبة أمام تراجع الإقبال عليها من قبل المصطافين، رغم قيامهم بكل التحضيرات و توفير كل شروط الراحة لاستقبال المصطافين في ظروف لائقة بعد قرار إعادة فتح الفنادق التي يقول البعض بأنها تحولت إلى ما يشبه الأطلال و سكنها الركود، ما ألحق بهم خسائر فادحة و هم الذين كانوا يعلقون آمالا كبيرة بإعادة فتحها في هذا الشهر لتعويض و لو جزء قليل من الخسائر أمام حجم الأعباء و المصاريف.
300 عون شُرطة لتأمين المصطافين
مع استئناف الفتح التدريجي للشواطئ، خصصت مصالح أمن ولاية الطارف، 300 عون شرطي من مختلف الرتب لتأمين الشواطئ، من خلال السهر على مدى تطبيق تدابير البروتوكول الصحي للوقاية من انتشار فيروس الجائحة و ذلك بالقيام بالدوريات الراجلة و المتنقلة على مستوى الشطوط و عند مداخل الشواطئ، إضافة إلى توزيع تشكيلات أمنية عبر المواقع السياحية و بالأحياء و الشوارع و تنظيم حركة المرور أمام الضغط الرهيب الذي تشهده الولاية و الشواطئ في هذا الوقت، خصوصا القالة عروس المرجان و القلب النابض للسياحة بالولاية.
علاوة على تأمين نقاط تجمع العائلات لقضاء سهراتهم الصيفية رغم تدابير الحجر المنزلي، بالإضافة إلى القيام بحملات مداهمة و تفتيش لأوكار الفساد و الرذيلة و الأحياء، لملاحقة عصابات الإجرام و ردع الجريمة بأشكالها، ناهيك عن القيام بحملات مداهمة لتطهير الشواطئ من المنحرفين و محتليها غير الشرعيين و تنظيم حملات توعية و تحسيس في أوساط المواطنين و المصطافين و مستعملي الطريق، للوقاية من مخاطر تفشي عدوى الفيروس.
نحو فتح شواطئ جديدة و تقليص فترة الحجر الصيفي
أكدت مصادر مسؤولة، على قرار اللجنة الولائية للأمن في اجتماعها، نهاية الأسبوع، بإعادة فتح شواطئ جديدة و منها شواطئ العوينات، الرمال الذهبية و قمة رورة، لفك الضغط عن الشواطئ التسعة المفتوحة التي اختنقت عن آخرها بجحافل المصطافين الوافدين من مختلف الولايات، خاصة الشرقية و الذين يعمدون للتوافد على شواطئ الولاية و مغادرتها مساء من دون المكوث بعد رفض الخواص تأجير الشقق لهم خوفا من عدوى كورونا.
كما تقرر كذلك، تخفيف مدة الحجر الصحي على مدينة القالة من السابعة مساء إلى العاشرة ليلا، و حتى الخامسة صباحا و هذا للتخفيف عن المصطافين و المواطنين، مع الالتزام بالتدابير الوقائية و كذا مواصلة البرنامج المسطر المتعلق بحملات التوعية و التحسيس و التعقيم، للحد من انتشار الجائحة و هذا بالتنسيق مع الجمعيات و الهيئات و المصالح المعنية.
ن/ح