قضت محكمة الجنايات بالمسيلة بحكم الإعدام في حق الشرطي الذي ارتكب جريمة قتل جماعية في حق زوجته ووالديها وشقيقها الأصغر رميا بالرصاص ، في حادثة مروعة كان حي لاروكاد مسرحا لها.
وقائع هذه الجريمة المأساوية تعود إلى صبيحة الجمعة من يوم 24 جويلية من العام الماضي، حينما استيقظ سكان حي لاوركاد بالمخرج الشرقي لمدينة المسيلة، على خبر جريمة مروعة راح ضحيتها 4 أشخاص من عائلة واحدة رميا بالرصاص، ليتبين فيما بعد أن الجاني «ح.ر»، ليس سوى شرطيا يشتغل بأمن ولاية عنابة و هو زوج إحدى الضحايا و هي «ب.ا» التي لقيت حتفها بطلقات نارية أطلقها من مسدس الخدمة رفقة أمها و والدها و شقيقها الأصغر البالغ من العمر 15 سنة و الذين توفوا بعدما تلقوا 25 طلقة.
المتهم أقر بارتكابه للجريمة بداعي المشاكل العائلية التي كانت قائمة بينه و بين زوجته، بعدما عبرت عن رفضها مرافقته إلى مسكنه العائلي بولاية عنابة، و هو ما أثار غضبه و جعله يدخل في حالة غضب و هستيريا، دفعته إلى سحب مسدسه و إطلاق عيارات نارية اتجاه حماته و صهره و زوجته و شقيقها الأصغر، ما تسبب في مأساة حقيقية للابن الأكبر الذي نجا بأعجوبة بعدما غادر المسكن العائلي قبل ذلك في ساعة مبكرة من صبيحة اليوم المشؤوم.
و واصل المتهم القول أمام هيئة المحكمة، بأنه في تلك الفترة كان يشعر بأنه فقد الأمل في الحياة منذ أن اقترن بالضحية، نافيا أن يكون هددها في مراحل سابقة بالقتل بواسطة السلاح الناري، مضيفا بأنه حاول الانتحار من مسدسه فور ذلك، بعدما بقيت له رصاصة واحدة لكنه عاد إلى وعيه في آخر لحظة بإلحاح و طلب من جد الضحايا «ب.ب»، مضيفا بأن الأخير احتضنه و هدأ من روعه و لحظتها فقط.. استرجع وعيه ليستيقظ على جريمة في حق حبيبته التي كرر أنه يحبها و لم يكن يريد أن تفارقه و تبتعد عنه.
الشاهد «ب.ب» جد الزوجة من جهة أبيها و الناجي من المجزرة، كان شاهدا بمسرح الجريمة يومها، حيث قال أنه و بتاريخ الوقائع و قبل وقوعها بلحظات، شاهد زوجة ابنه الضحية أي أم زوجة الشرطي في آخر أنفاسها بعدما أصيبت بطلقات في أنحاء من جسمها، تشير بيديها غارقة في دمائها، ليعود إليها الجاني و يمسك ذراعيها و يمددهما على الأرض، قبل أن يطلق عليها آخر طلقة نارية بقيت في مسدسه من بين 25 طلقة أطلقها على الضحايا الأربعة، حيث وضع المسدس على جبينها و أطلق عليها النار دون أن يرف له جفن.
و أضاف قائلا، بأنه و قبل وقوع الجريمة بلحظات، كان يجلس بالقرب من مدخل السكن الذي هو عبارة عن مسكن عائلي كبير بحي لاروكاد، يجاوره سكن إحدى بناته و قال إنه ما إن سمع إطلاق النار بكثافة داخل مسكن ابنه الضحية، حتى صعد مسرعا ليرى ما يحصل، أين وجد حفيده و أمه غارقين في دمائهما و أثار الرصاص مرمية في البهو، و حينها التقى مباشرة بالجاني الذي توجه نحوه و قال له « أنت أحبك و لن أقتلك « ، مضيفا بأن كل هذا الفعل حدث في غضون 5 دقائق كانت كافية لإبادة 4 أشخاص في زمن قصير.
مؤكدا على أن الجاني و قبل أن يطلق آخر رصاصة على حماته، اتصل بوالدته ليقول لها بأنه أكمل المهمة و أنه قتل جميع أفراد أسرة زوجته و غادر بعدها الموقع إلى وجهة مجهولة.
و سألت القاضية، إن كانت قد بدت على المتهم علامات التوتر أم أنه ارتكب فعلته بدم بارد ليرد الشاهد، أنه لم تكن تبدو عليه أثار التأثر إطلاقا و خاصة لما أطلق العيار الأخير من مسدسه على أم زوجته و هي تئن تحت وقع الإصابة و هو يتمتم مرددا عبارات « لقد أضعت عملي و حياتي «، مضيفا بأن هناك مشاكل كانت بين الجاني و زوجته، لكنه لم يكن يريد أن يعرف حيثياتها على اعتبار أن المشاكل من هذا النوع تحل على الضيق بين الزوجين.
الشاهد الآخر و هو الابن الأكبر و الفرد الوحيد الذي نجا من الموت بعدما غادر البيت قبل مجيء المتهم إلى مسرح الجريمة، قال بأن شقيقته كانت في كل مرة تغضب مع زوجها إثر حدوث مشاكل بينهما، لكن الوالدين كانا يطالبانها بالصبر و عدم التسرع في اتخاذ قرار الانفصال، مؤكدا على أنه و، ليلة الخميس، اتصل به الجاني هاتفيا و لكنه وقتها كان متعبا و لم يأخذ الأمر بجدية، لأنه كان لا يبحث عن التدخل في أمور تحدث بين شقيقته و زوجها.
فيما أكد دفاع الطرف المدني، على أن الجريمة بتلك البشاعة، لم يسبق و أن عاشتها محكمة الجنايات بالمسيلة، بفعل برودة الدم التي بدا عليها المتهم طيلة أطوار الجلسة.
ممثل النائب العام التمس تسليط عقوبة الإعدام ضد المتهم، مستعرضا جميع أركان الجريمة التي توفرت في القضية و من ذلك الاعتراف و الشهود و تقرير الخبرة الباليستية و ما جرى في الجلسة من البداية إلى النهاية، بما لا يدع مجالا للشك عن كون المتهم ارتكب الجريمة عن سبق إصرار و تلذذ بقتل الزوجة و الحماة و الشقيق الأصغر الذي قال بأنه ليس له أي ذنب في ما أصابه.
فارس قريشي