كشفت مجريات جلسة محاكمة المتهمين في قضية الصندوق الوطني للتوفير و الاحتياط، التي جرت، أمس، بمحكمة الجنح في سكيكدة، عن فضائح و تجاوزات خطيرة و سوء تسيير من طرف المتهم الرئيسي الذي يشغل رئيس مصلحة القروض و الذي تمكّن من تحويل أزيد من مليار و نصف سنتيم في شكل قروض لخمسة زبائن بملفات مزورة و بمساعدة شريكه الذي يشغل مساعدا تربويا في إحدى الثانويات، كان مكلفا بمهمة تزوير كشوف الرواتب و شهادات العمل باستعمال ختم المقتصدة.
و قد التمس ممثل الحق العام، تسليط عقوبة تتراوح بين ست سنوات حبسا نافذا و 500 ألف دج غرامة مالية لرئيس مصلحة القروض (س.ش) و ثلاث سنوات حبسا نافذا لشريكه (ك.ب) و سنتان حبسا نافذا لخمسة زبائن متهمين، بينهم امرأتين، توبعوا بجنح إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين و التنظيمات المعمول بها، قصد تمكين الغير من منافع غير مستحقة، التزوير و استعمال المزور.
حيثيات القضية تعود إلى العام الفارط، حينما اكتشف أحد الزبائن أن إدارة بنك التوفير و الاحتياط، دونت في ملفه أن زوجته موظفة و لديها شهادة عمل و كشف راتب، لكن الحقيقة غير ذلك لأن زوجته بطالة و على ضوء هذا الملف، استفاد من قرض بقية مليار و 250 مليون سنتيم، ليسارع إلى تقديم شكوى لدى كيل الجمهورية، الذي أمر حينها بفتح تحقيقات معمقة في ملف القضية من طرف الفرقة الاقتصادية و المالية، التي قامت باستدعاء المتهم الرئيسي و أزيد من 20 شخصا، بينهم موظفون و زبائن، حيث خلص التحقيق، إلى أن رئيس مصلحة القروض كان يقوم بتزوير ملفات الزبائن بإضافة اسم زوجاتهم رغم أنهم ماكثات في البيوت دون عمل، من خلال تزوير شهادات العمل و كشوف الرواتب و هي المهمة التي يتولاها شريكه الذي يشغل منصب مساعد تربوي في إحدى المتوسطات، باستخدام ختم المقتصدة دون علمها و هكذا كانت تتم عملية تحويل العديد من القروض لزبائن يشغلون مناصب مختلفة و منهم بطالون بملفات مزورة دونت استيفاء الشروط القانونية.
أثناء المحاكمة أنكر المتهم الرئيسي الجرم المنسوب إليه و صرح بأن مهمته كانت تكمن في استقبال الملفات و التأكد من استيفائها للشروط القانونية، ثم تحويلها للمصلحة المعنية التي تتكفل بإعطاء الموافقة على منح القروض للزبائن، موضحا بأنه كان يحرص في عمله على تقديم المساعدة و التسهيلات للزبائن من الطبقة المعوزة.
و أكد على أن القضية كيدية من طرف زبون دخل معه شريكا في تربية الأغنام و استولى على أمواله و لما قام بمقاضاته بتهمة النصب و الاحتيال بمحكمة الحروش، لم يتقبل الأمر و قام بفبركة هذا السيناريو لتوريطه في هذه القضية.
أما شريكه (ك.ب)، فقد اعترف بالتهمة المنسوبة إليه و صرح بأن مهمته كانت تكمن في تزوير شهادات العمل و كشوف الرواتب باستعمال ختم المؤسسة التي يعمل بها بطلب من المتهم الرئيسي الذي كان يضغط عليه من أجل تمرير ملفه للحصول على قرض لشراء منزل و تمت العملية بين 2017 و 2019.
أما بقية المتهمين الخمسة، فأنكروا بدورهم التهمة و أكد ثلاثة منهم، على أنهم تقدموا بملفات تستوفي الشروط القانونية و لم يكن للمتهم الرئيسي أي دور في القضية، بينما صرح أحدهم، بأن رئيس مصلحة القروض أخذ منه مبالغ مالية و بعض الأغراض نظير المساعدة التي قدمها له للحصول على القرض و نفوا إطلاقا معرفتهم بقضية تزوير وثائق زوجاتهم. أما المرأتان و إحداهن موظفة في البنك، فقالت بأن المتهم الرئيسي صهرها و هو من تولى تكوين ملفها للاستفادة من قرض بقيمة تزيد عن 100 مليون، فيما أنكرت الثانية معرفتها بالمتهم و أكدت على أنها بطالة و ماكثة في البيت و لم تكن تعلم بأن المتهم و شريكه زورا لها شهادة عمل و كشف راتب و إضافتهما في ملف زوجها.
أما مدير البنك و الموظفون الذين تم استدعائهم كشهود، فقد صرحوا بأنهم لم يكونوا على علم بأن الملفات مزورة و كانوا يتعاملون على أساس أنها ملفات تستوفي الشروط القانونية.
تجدر الإشارة، إلى أن المتهم الرئيسي في قضية الحال، تمت محاكمته في قضية مماثلة رفقة مقاول و خبير عقاري و تم معاقبتهم بالحبس في قضية منح قرضين، الأول بـ700 مليون و الثاني بـ300 مليون سنتيم.
كمال واسطة