أغلبُ التغريداتِ المُسيئة للجزائر على "تويتر" صادرة من المغرب
كشف تحقيقٌ أجرته النصر، أن أغلب التغريدات المسيئة للجزائر والشائعات والأخبار المزيّفة، على منصّة "تويتر" مصدرها المغرب، وهو ما حوّل منصّة التواصل الاجتماعيّ "تويتر" إلى بابٍ خلفيٍّ يُستخدم في محاولاتٍ يائسةٍ لضربِ سُمعة الجزائر وشعبها وتاريخها، من خلال تسخير نوعٍ جديدٍ من المرتزقة في حربٍ إلكترونيّةٍ غيرِ مُعلنةٍ، وحملةٍ إعلاميّةٍ شرسةٍ لتشويه صورة البلادِ، عبر ترويجِ أكاذيب وتحريفِ حقائق، ونشرها على نطاقٍ واسعٍ.
ويستعينُ المغرب في حربه إلكترونية ضد الجزائر، بجيوشٍ من "الذباب الالكتروني" والحسابات المزيّفة، لترويج الأكاذيب ومحاولة إحباط معنويات الجزائريين وهو التوجه الذي أخذ منحى تصاعدياً منذ حراك 22 فيفري 2019، ثم تضاعف في نوفمبر 2020، تزامناً مع خرق اتفاق وقف إطلاق النار في الكركرات.
ويحاول النظام المغربي تشويه صورة الجزائر في العالم من خلال التركيز في هجومه على منصة "تويتر" و استغلال صفحات تدار عبر برامج "بوت" أو عبر حسابات مزيّفة سيّرها أشخاصٌ محترفون، تم تكوينهم تكويناً خاصاً لإدارةِ عشرات الحسابات، وهمّها الوحيد الإساءة للجزائر دولة وشعبا ومحاولة تشويه تاريخها.
ويظهر جلياً عبر منصة تويتر تزايد عدد التغريدات التي يتمُّ تداوُلها عل نطاقٍ واسعٍ والهدف منها الإساءة للجزائر أو نشر معلومات مغلوطة، وفي العديد من الأحيان يكون للاستخدام الكبير لهذه التغريدات تأثير تختلف درجته على رواد الموقع، ما يدفع أشخاص عاديين إلى إعادة نشرها مرة أخرى، سواء في داخل المغرب أو خارجها، وحتى في بعض الأحيان من داخل الجزائر.
وقد استطاع "الذباب الالكتروني" الترويج لأكاذيبه من خلال الاستعانة بجيوش من الحسابات المزيفة التي تقوم بدورها بإعادة نشر هذه التغريدات لتكوّن مجموعات مؤثرة، و يتم ذلك من خلال تُوسيع دائرة النّشر إلى عدد أكبر من الأشخاص والحسابات.
(اضغط على التغريدة ليظهر الرسم البياني)
وعلى الرغم من وجود مواقع وبرامج معروفة عبر العالم تقوم بتتبع "رحلة الهاشتاغ" منذ أول استعمال إلى النهاية، إلا أنّ غالبية رواد موقع "تويتر" يجهلون هذه التقنيات، علماً وأنّ التحليلات المُقدّمة مجانيّةٌ ويُمكنٌ لأيّ شخصٍ الحُصولُ عليها بسهولةٍ كبيرةٍ.
وقامت النصر بتتبع رحلة "الهاشتاغ" من خلال الاستعانة بموقع متخصص يسمى موقع " هواكسي" والذي يمنحُ المتصفِّحَ إمكانيّة تحديدِ الحسابات التي تقومُ بالتغريد عبر موقع تويتر، وتحيل مباشرةً على الحساب، مع وضع تقييمات لكلّ حساب توضّح ما إذا كان الحساب آلياً أم مزيّفاً أو حساباً لشخصٍ حقيقيٍّ.
ومن خلال الدخول لموقع تويتر والبحث في خانة "الهاشتاغ" الأكثر تداولاً بتاريخ 4 أكتوبر 2021، تظهر لنا تغريدة "الجزاير_اضحوكه_العالم" حيث اكتشفنا أنّ استعمالها انحصر بين حسابات بيّن الموقع أنّها مغربية.
و من بين أوائل الحسابات التي نشرت التغريدة حساب باسم "_ Patriote_ VtweetI_Re" تم إنشاؤه بتاريخ مارس 2021، و لم يظهر أيّة معلوماتٍ شخصيّةٍ تُبيّنُ هويّةَ صاحبِه، ومن خلال تصفّحِ بسيطٍ لمجمل منشورات الحساب، يظهر جلياً أنّها موجهةٌ أساساً للهجومِ على الجزائر وتزييف تاريخها الثوريّ، كما أحالنا موقع "هواكسي" إلى حساباتٍ أخرى بعضها مزيّفٌ، قامت بإعادةِ نشرِ نفسِ التغريدة.
ومن بين الحسابات المزيّفة التي قامت بإعادة نشر للتغريدة سالفة الذّكر نجد حساب باسم "منال الزايدي" تم إنشاؤه في جوان 2021، وتستهدف منشوراته الجزائر، مع التّركيز على الجانب الاجتماعيّ بشكلٍ ساخرٍ، من أجل جلبِ اهتمام المُتابعين، علماً أنّ الحساب يستقطبُ عدداً هاماً من المتابعين حيث بلغ عددهم بتاريخ 12 أكتوبر الحالي أكثر من 4300 متابع عبر "تويتر".
حسابات بأسماء مزيّفة
وتسرب حسابات مغربيّة شخصيّة و مُزيّفة في الاهتمام بالشأنِ الجزائري وتقديمه بصورةٍ سلبيّةٍ من خلال متابعة دقيقة للأخبار يبدو للمتابع العاديّ أنّها صادرة عن جزائريين، حيث اكتشفنا خلال الفترة بين 12 أكتوبر و13 أكتوبر التي تزامنت مع فترة لعب مباريات تصفيات كأس العالم 2022، من خلال عملية بحث على موقع تويتر قيام العديد من الحسابات المغربية بالتهجم على الجزائر وهو ما يظهر جليا في بثّ خطابٍ قديمٍ للجنرال "ديغول" تحدث من خلاله على تاريخ الأمة الجزائرية من وجهة نظر المحتل، وهو الفيديو التي تم تداوله على نطاقٍ واسع، وهي التغريدة التي تم الترويج لها من قبل 39 حسابا آليا مغربيا كما أظهره موقع "هواكسي".
زيادة على ذلك يبرز أيضا الاستغلال الكبير لتغريدة "القبايل_دولة_مستقلة" وهي العبارة يتم تداولها منذ فترة طويلة ، حيث لا يزال تداول هذه التغريدة متواصلا عبر موقع تويتر، مع إرفاقها بمنشورات مسيئة للجزائر وتاريخها.
ويظهر من خلال عملية بحث بسيطة عبر موقع "هواكسي" حول نشر هذه التغريدة بين 04 و13 أكتوبر حساب "Vendetta_M_dima" مجددا كواحد من أبرز الحسابات التي تقومُ بنشر العبارة المذكورة، مع تداولها من طرف عدد آخر من الحسابات التي ترفقها بصور أو فيديوهات "ساخرة"، ليظل استخدام التغريدة محدودا قبل أن يعود للتداول بشكل أكبر بتاريخ 09 أكتوبر بشكل متزايد، مع تسجيل تداول التغريدة من حسابات مكتوبة بالعبرية وتظهر علم دولة الكيان الصهيوني.
وواضح أنّ الحسابات الآلية، لا يقوم بإنشائها أشخاصٌ عاديون، بل أجهزة منظمة، وحين يتزامن هجومها على الجزائر مع هجومات مماثلة لمنصّات معروفة للمخابرات المغربيّة فإن "المصدر" يكشف عن نفسه بنفسه.
الخبير في المعلوماتية يزيد أقدال
"لا يمكن لأفراد التصدي لهجمات أجهزة منظمة"
أكد الخبيرُ في المعلوماتيّة ورئيس لجنة في التجمّع الجزائريّ للنّشاطين الرقميين يزيد أقدال أنّ التصدي للهجومات المنظّمة عبر موقع تويتر يجب أن ترقى لمستوى الهجومات، مقلّلاً من شأن تأثيرها على الرأي العام الوطنيّ باعتبارٍ أنّ الجزائريين يميلون إلى استخدام فيسبوك أكثر.
وأكد ذات المتحدّث في تصريح للنّصر أنّ تحدي تكفل أفراد بالردّ على الإساءات أو الهجومات التي تتعرّضُ لها الجزائر وشعبها عبر منصة "تويتر" لن يكون كافياً مصرحاً "في حالة ما إذا كان الهجوم مُنظّماً يجب أن يكون الردّ عليه منظّماً أيضاً" وتابع يقول "لا يمكنُ لأشخاصٍ أن يردوا بمفردهم على الهجومات التي تصدرُ من جهاتٍ مُنظّمةٍ"، مضيفاً، أنّه لا وجود لحلٍّ فعليٍّ لهذه المشكلات، ما دام صاحب الشّبكة نفسه غير قادرٍ على تحديد ووقف استخدام حسابات وهميّةٍ أو آليّةٍ.
وأضاف محدثُنا أنّ الإشكاليّة حالياً في صاحب شبكة التواصل الاجتماعيّ نفسه، ولا يمكن لأفراد أن تواجه أجهزة منظمة أو أن تقف في وجه المال.
وبالمقابل قال الخبير في المعلوماتية إن "تويتر" كشبكة تواصلٍ اجتماعيٍّ يعتبر استخدامها في الجزائر محدوداً، ويشملُ عموماً فئة النُّخبة الفرنكوفونيّة على وجه الخصوص، مقدراً عدد الجزائريين المستخدمين للموقع بين 600 إلى 700 ألف فقط، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة مع موقع فيسبوك، الذي يعتبر الوِجهة المفضّلة، وبالتالي فإنّ التعرّض للمحتوى الذي تنشره حساباتٌ أخرى سواء داخل المغرب أو خارجه لن يُؤثّر بصورةٍ كبيرة على الرأي العام الوطني، وتابع بالقول "أن الهاشتاغ نادرا ما يلفتُ الانتباه في الجزائر ويتحوّل إلى (تراند)".
عبد الله بودبابة